(1) أكثر ما يحزننا ويثير حنقنا، أن تُسخِّر بعض الأقلام الصحافية نفسها كمحامي دفاع عن مسؤولي الدولة، بل ويحاولون استغبائنا وتصويرهم بصورة الملائكة والأنبياء، وكأنهم لا يُخطؤون. في تقديري أن مثل هذه الأقلام لن تفلت من عقاب التاريخ وذاكرته اليقظة، عندما يحاكم الحكام والمسؤولين يوماً ما. بالطبع لا أحد يملك دليلاً مادياً في يده على فساد مسؤول بعينه، ولكننا نعلم من هو الفاسد ومن هو عفيف اليد. ويكفي المثل القائل:(كان ما مُتنا شقينا المقابر)، أن يكون دليلاً واضحاً ليس بحاجة لمزيد من التوضيح. (2) قضية الوزير السابق علي محمود عبدالرسول التي تشغل الساحة الآن، وفاحت رائحتها رغم محاولات البعض نثر بعض العطر ليخفي الرائحة الحقيقية، هذه القضية تجعلنا نقف كثيراً عندها، بالطبع ليست القضية الأولى من نوعها، فقد سبقتها قضية مكتب الوالي، وما نشرته الزميلة الموقوفة (الصيحة) من قضايا، أنكر السيد الوزير بداية الأمر إنه لم يرَ السمسار عبدالجليل ولم يسمع عنه ولم يطلب شراء بيت من أساسه، وتوعَّد الجميع بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تحدثوا عن الأمر، ثم عاد بعد ذلك وأقرَّ بأنه التقى السمسار المعني، بل ورافقه لرؤية المنزل المذكور ولكنه لم يشترِه. لا جدال في أن حديث الوزير الأخير أضعف موقفه كثيراً وجعله في مرمى الاتهام. بالنسبة لي لا يعنيني أمر السمسار كثيراً، فهذا شأن خاص، ولكن ما يعنيني من أين أتى السيد الوزير وهو مجرد (موظف دولة) شأنه شأن أي موظف خدمة مدنية مع اختلاف المخصصات وقيمة الراتب التي بالتأكيد لن تصل ولو (كسرنا رقبتنا) لمبلغ 2مليون دولار أي 19 مليون جنيه سوداني، وهي قيمة البيت الذي سنُسلِّم بأن الوزير لم يشتره ولكن (تفرَّج) عليه فقط؟. والغريب في الأمر أيضاً.. أين اقرارات الذمة السنوية التي يقرها الدستوريون، وبالتالي وعلى حسب علمنا البسيط، بالضرورة أن تُقارن الجهة التي تودع لديها إقرارات الذمة بين المعلومات التي أدلى بها الدستوري حال تعيينه، وحقيقة ممتلكاته وأرصدته البنكية الآن. أخيراً.. أليس هو ذات الوزير الذي خرج علينا ذات يوم إبان الإجراءات الاقتصادية قبل الأخيرة وطالبنا بالتقشُّف و(ربط البطون) والعودة لأكل (الكسرة) بدلاً عن البيتزا؟، وقال إن الشعب السوداني أصبح مُرفِّه.