استيقظت صباح أحد أيام الأسبوع الماضي على صورة لشاب عشريني يتدلى جسده من جذع شجرة بعد أن شد وثاق حبل حول عنقه ميتاً، كان أكثر المشاهد إيلاماً وأذى للنفس. كيف لشاب في مقتبل العمر أن يقرر مفارقة الحياة، وأقرانه من هم في عمره يعشقون الحياة جداً، بل ويتفانون في قضاء أوقات ممتعة وجميلة بها.! لم يحاول عقلي تصديق أنه حادث انتحار، قلت ربما جريمة قتل، حتى تبين الخيط الأبيض من الأسود، وأكدت الجهات المختصة أن الجثة لشاب إثيوبي مات منتحراً. هكذا فارق الشاب الدنيا إذ ضاقت به الحياة حتى قرر الرحيل عنها. لم يمضِ يومان على فجيعه الإثيوبي المنتحر، حتى انتشرت صورة أخرى أكثر فظاعة وأشد ألماً، هذه المرة لشاب سوداني يرتدي الزي الشعبي يتدلى جسده من شجرة أخرى، بعد أن شنق نفسه حتى فارق الحياه، الجثة لشاب من ضواحي ولاية الجزيرة في منطقة خلوية على حسب ما ظهر في الصور، هذا آخر قرر مفارقة الحياة. في ذات اليوم.. توالت الأخبار لانتشال جثة شاب آخر من مصرف مياه بود مدني توفيَ في ظروف غاضمة، ربما أنه أسبوع الموت والفجيعة!. وسرت أنباء أيضاً عن قتل رجل لابن عمه في شوارع أم درمان، لماذا كل هذا الموت؟!، ماذا دهى الناس؟. ضاقت الحياة، وسبل العيش، وأصبح اليأس سيد الموقف، آلاف العطالى ممن أفنوا سنوات خُضر من أعمارهم في التحصيل الدراسي، ثم عُلقت الشهادات الجامعية وما فوقها من درجات علمية على حوائط جدران الغرف والصالات، وصار الشارع وظلال الأزقة رفيقاً لهم، بعضهم يحاول صب جام يأسه في تعاطي المخدرات هرباً من واقع أليم، والآخر ينتظر السراب والوهم، والأُسر التي أنفقت الأموال تنتظر أن يحصل أبناءها على فرصة عمل ولو براتب زهيد ليشد من أزر أهله ويبسط عليهم الرزق الذي ضاق واستحكمت حلقاته. ضغوط الحياة، والمشكلات الأسرية التي لا تحل في إطار تربوي سليم، وضغوط المجتمع المختلفة وضعف الإيمان بقضاء الله وقدره، جعل الموت أقصر طريق للخلاص. مخرج: حلايب سودانية..