تُؤهلُ وتزِفُّ مدرسةُ الشّيخِ جعفر مُحّمد عثمان لقد أوفى الأبناء في عديلِ المدارس، بما وعدوا به الدّيامة، من إقامةِ نفيرٍ لمدارسِ حيِّّ الصّفا وقلتُ سابقاً أنّ عديل المدارس يقوم على فكرةٍ تربويةٍ وهي تعتبر المدارس كالعرائس وينظفونها ويهذبونها ويحملونها ويخرجونها عروساً بزفةِ وحفلة توزيعِ الشهادات وتختم بالغناء والتمثيل من فرقة «الهيلاهوب» أو من «عقد الجلاد». لذا كانت جمعة اخريات شهر جمادي الآخر، الموافق 81 مايو هي مواعيد أعراس وزفّة مدرسة مولانا وشيخنا المعلم والإمام والمأذون الشيخ جعفر محمد عثمان ويحلو للدّيامة القُدماء أن يقولوا له (ود شيخنا) إجتمعت القلوب العامرة بالإيمان والأيادي البيضاء من أبناء حيّ «الصفا» بالدّيوم الشرقية شيباً وشباباً ونساءاً، وألتقوا بجماعةٍ من أبناءِ عديلِ المدارس الذين لّبوا النداءَ من كُّلِ أرجاءِ الولاية. شّكلوا لوحةَ تغيرٍ طبيعي غير مصطنع تغيرٍ شعبي في كل مُدخلاتِه، يتقدم التّغير أُسرة مولانا شيخ جعفر محمد عثمان وعلى رأسهم إبنه الأخ الكريم الصديق عمر جعفر وشقيقته فوزية جعفر ناظرةُ المدرسة سابقاً وبقيّةُ إخوتهم (يا سر/ معاوية خالد) الذي شكلوا حضوراً كالنخيلات. في هذا التغيير إختلطت فيه المعاني السامية والتقدير والعطاء والعرفان مع الدّيومية التي إذا قدرت رجلاً أو أمرأة خرجوا عن بكرة أبيهم كيف لا ومولانا رجلٌ إتّفق حوله كُلّ أهل الديوم فاقبلوا بمعيتهم من الآليات والمواد وأكلهم وشرابهم وتبرعاتهم التي تسابق لها الفقيرُ قبل الغنّى ثم شركات الهواء السائل وبوهيات المُهندس حتى أهل موباتل الذين تبرعوا بأدوات (مبردمياه). والشيخ جعفر محمد عثمان لا يحتاج مِنّي إلى حديث ذلك الأبنوس الزاهد العابد، وهو معلم اللّغة العربية والدراسات، الإسلامية في المدارس الثانوية وهو الأمام الراتبُ لجامعِ طيفور أشهر مساجد الدّيوم بعشرات السنوات يُصلّي بالنّاس كلّ الصلوات في الأعياد والجِمع ويُحدّثهم عن خطبٍ من واقعِ المجتمع والذين، ويعقد حلقات التلاوة ودروس الفقه والسيرة وهو المأذونُ الذي عقد الزِيجات الكثيرة ويكفي أنّ الرّجلَ إتفق عليه كلُّ أهلِّ الدّيوم، وبادلهم احتراماً بإحترام، بطبيعته لا يرفعُ صوتُهُ عالياً، حنوناً ولُوفاً يجمعُ ولا يفرقُ، يُلملِمُ ولا يُشتِتُ، فهو عَلماً من أعلامِ الدّيوم وهرماً من أهراماتِها الشّامخة السامقة، ظّل يُرشدُ ويَهدي ويُعلم من خِلال المدارس الثّانوية ومن أعلى منابرِ الدّعوة. التي شهدت دخول الكثيرين الإسلامَ على يديهِ. فلا أمل أن تُخلّدَ ذِكراه بهذهِ المُؤسسة التربوية، ولا غرابة أن تمتد لها سنوياً يدُالدّيامةِ بالتأهيلِ والصيانة وفاءاً لما قدمه. وقد أكرمنا الإبنُ طارق الأمين العوض الحسن، أن تكونا مدرستي الشيخ جعفر بنات والشهيد عنتر بنات من ضمنِ المدارس التي يقوم فيها نفيرُ «عديل المدارس»، فأصحابُ المبادئ مثل شيخنا الذي سعى بين الناس بالعلم والزهد والخلق حتى لقِيَ ربّهُ راضياً مرضياً. ومن أصحاب المبادئ أيضاً رمزية نفير المدارس الراقي المهذب حينها الأمين العوض الحسن مُعلّمُ الأجيال فهو رجلٌ، هو الآن عند مليكٍ مُقتدر يعرفه أحسن مِنّي رحمهما الله رحمةً واسعةً ووسعَ مدخلهما مع الصدِّيقينَ والشُّهداءِ وحسُنَ آُولئك رفيقاً. وأبلغ ما قاله شوقي عنهما قُمْ للمُعلّم ِوّفِهِ التبجيلا كاد المُعلّمُ أنْ يكون رسولا ورحم اللّهُ إمامُ الأئِمةِ وحبر الأمة الإمام عبد اللّهِ مُحّمد بن إدريس الشّافعي رضي اللّهُ عنه والذي قال:- إنّ لله عباداً فُطنا طلقوا الدُّنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلّما علموا أنّها ليست لحيٍّ وطنا جعلوها ُلجةً وأتّخذوا صالح الأعمالِ فيها سُفنا أمّا مدرسة الشيخ جعفر أساس بنات زارها نفيرُ «عديل المدارس» وجعلوها عروساً زينوها وجعلوها في غاية الروعةِ والجمالِ وشكلها أهل الفنون التشكيلية با لخطوط والرسوم المنقوشة وفي آخر المساء زّفوها عروساً كاملةَ الأوصاف في حفلٍ بهيجٍ زينته فرقة «الهيلاهوب» وبعض الأغاني ووُّزعتِ الشّهاداتُ على المُتفوقين والمُكّرَمِينَ التّحيةُ والتّجلةُ لشبابِ (عديل المدارس) بقيادةِ الأبن طارق الأمين «الدّيامي القّحُ». وهو يدلل عن تلك المعاني الوفاء لأهلِ العطاء (وحقيقة كان الشّبلُ من ذاك الأسد) أمّا أهلُنا الدّيامة عامةً وفي حيّ الصّفا خاصةً شيباً وشباباً ونساءاً كانوا حقاً أصليين أصحابُ نخوةٍ ومُرُؤةٍ وشهامةٍ وأهلُ مُبادرةٍ ومشاركةٍ والتّحيةُ لأُسرةِ الشيخ جعفر محمد عثمان فقد كان لوقفتِكُم الشُجاعةِ اثراً طيباً في النفوس ومعنوياتٍ عاليةِ لهم. وتذكروا دائماً أنّ في رعايتكم وتعهدكم لهذه المؤسسة صدقةٌ جاريةٌ لوالِدِكم ولكم، وإحياءاً لذكراه أمّا العجائز أمثال محمد بابكر وحسن الياس/ وعميري والنساء الفضليات أنّ وفي وقفتكم وقفة إجلالٍ وتقديرٍ وعرفانٍ ووفاءٍ تُسهم عن معادنكم وفي الجمعة الثانية القادمة بإذن اللّهِ وفي جمعةِ أوّلِ رجب الشهر العظيم لنا موعدٌ آخر مع «عديل المدارس» في مدرسة الشهيد عنتر الذي فقدناه وهو في ريعان شبابه تقبل اللّهُ شهادته. وأقولُ للأخوة في معتمدية الخرطوم، هذا درساً بالغاً في النّفير الطّوعي الشعبي الذّاتي الأهلي بكلّ هذهِ المعاني فهو دينٌ ووفاءٌ لمعانيَ في شكلِ المباني. فقط نريدُ من سيادتكم توجيهُ جهاتِ الإختصاص بتوفيرِ أدوار ترابٍ خرسانيةٍ لتدوم أمامَ هذهِ المدارس، التي لا يمكن الدّخول إليها في فصل الخريف مع طرحها حِفظاً لما قام به هذا النفير، وتأميناً لها. فلنتذكر جميعاً فضل العلّم الذي قال عنه الإمامُ الشافعي رضي الله عنه:- العلم من فضله لمن خدمه ان يجعل الناس كلهم خدمه فواجبٌ صونه عليه كما يصونُ في النّاسِ عرضه ودمه فمن حوى العِلمَ ثُّم أودعه بجهله غير أهلِه ظلمه ثم قال في مّجدِ العلّمِ: رأيتُ العِلّم صاحِبُهُ كريمٌ ولو ولِدتُه آباءٌ لئامُ وليس يزالُ يرّفعُهُ إلى أن يعظم أمره القومُ الكرامُ ويتبعونه في كُّلِ حالٍ كراعي الضانِ تتبعه السوامُ فلولا العلمُ ما سعِدت رجالٌ ولا عُرِفَ الحلالُ ولا الحرامُ ثم قال في شرّفِ العِلّمِ العِلّمُ مغرٍسُ كلّ فخرٍ فأفتخر،،، وأحذر يفوتك فخرُ ذاك المغرسِ وأعلّم بأنّ العلّمَ ليس ينالُه،،، من همه في مطعمٍ أوملبس إلاّ أخو العلّمِ الّذي يعني به،،، في حالتيه عارياً أو مكتس فأجعل لنفسك منه حظاً وأفراً،،، وأهجُرله طيِبِ الرُّقادِ وعّبسِ فلعلّ يوماً إن حضرتَ بمجلسٍ،،، كنت الرّئيسَ وفخرَ ذاك المجلسِ وقال أخيراً: كلما أدبني الدهرُ أراني نقصُ عقلي وإذا ما أزددتُ عِلماً زادني علماً بجهلي فلا عزةَ ولا مِنعةَ إلاّ بالعِلمِ