بعد نجاح ثورة 12 أكتوبر 4691م التي أطاحت بنظام الفريق ابراهيم عبود فقد تم إعادة العمل بدستور السودان المؤقت لعام 6591م بعد تعديله في العام 5691م. وقد شرع البرلمان المنتخب في العام 5691م في وضع دستور دائم للبلاد تبني النظام الجمهوري الرئاسي للحكم وقد تمت اجازة بعض بنوده في مرحلة القراءة الثالثة إلا أن قيام ثورة مايو 9691م التي أطاحت بالنظام الحزبي في البلاد أطاحت ايضاً بمشروع الدستور الذي كانت الجمعية التأسيسية على وشك اجازته. قامت الحكومة الانقلابية بعد ذلك بوضع دستور جديد تبني الجمهورية الرئاسية تمت اجازته في العام 3791م. أصبح بعدها جعفر نميري رئيساًً للجمهورية بصلاحيات واسعة ثم قامت حكومة الانقاذ بوضع دستور جديد تبنى أيضاً النظام الجمهوري الرئاسي تمت اجازته في العام 8991م. وقد تم وضع دستور آخر في العام 5002م بعد اتفاق السلام الموقع بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان هو المعمول به الآن. لكن تجري مشاورات سياسية بين الحكومة والاحزاب المشاركة معها في الحكم فيما بات يعرف بالحكومة العريضة وكافة الاحزاب السياسية الأخرى لوضع دستور جديد دائم للبلاد. ماهي ملامح هذا الدستور الجديد الذي سيحكم السودان في العقود الجديدة التالية. هل يتبنى ملامح الحكم الجمهوري الرئاسيي كما كان سابقاً أن يتبنى النظام الجمهوري البرلماني كما جرى العمل به في فترات سابقة كانت قصيرة في تاريخ الحياة السياسية في الفترة من 6591/8591م ثم 5691-9691م. ام أن اتجاه سياسي جديد يمكن أن يبرز بتبني نظام سياسي جديد هو مزيج من الجمهورية الرئاسية والبرلمانية عند فجر الاستقلال كانت رئاسة الدولة تتكون من مجلس خماسي تكون رئاسته دورية بين أعضائه الخمسة بالتناوب ويمثلون الاحزاب السياسية الكبيرة كان من بين هؤلاء الأعضاء عضو من جنوب السودان وآخر من دارفور. وهكذا كانت رئاسة الدولة تمثل كل الوان الطيف السياسي في البلاد. ونرى أن تطبيق مثل هذا النظام الجمهوري البرلماني الآن يضمن تمثيل كل اقاليم السودان الرئيسية دارفور، كردفان الشمالي، الشرقي، الاوسط وسيقلل ذلك من احتجاجات الولايات فيما يتعلق باقتسام (كيك السلطة) فالكل الآن يريد تعبئته من السلطة ويضمن نظام رئاسة الدولة المكون من خمسة أعضاء تمثيل كل ولايات السودان بما يضمن لها حقها في تلك الكيكة التي يسعى الجميع إلى الإستئثار بها. يجب أن يراعي النظام الجديد تقليص عدد الولايات ويمكن الرجوع إلى مديريات السودان القديمة بحيث تكون هناك خمس ولايات فقط ثم تقسيمها ادارياً إلى محليات او محافظات ومراعاة للظروف الاقتصادية فان حكومة الولايات لا يزيد عدد وزارتها عن الخمسة أعضاء ولا يزيد عدد أعضاء مجلس الوزراء المركزي عن العشرين وزيراً مع تقليل أعضاء البرلمانات الولائية وبرلمان البلاد القومي. ولنجاح هذا النظام الجديد فانه لابد أن يكون هناك تقسيماً عادلاً للثروة والسلطة. إن النظام الجمهوري البرلماني يضمن المشاركة العادلة في السلطة بحيث تشارك كل الولايات في الحكم بتمثيلها في رئاسة الدولة.. ويمكن المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني بحيث إنه لا يمكن اسقاط الحكومة إلا بموافقة ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان وذلك من أجل تقوية النظام الجمهوري البرلماني حتى لا يتعرض لهزات سياسية ومناورات حزبية تضعف من قدرته. ويمكننا أن نختار من النظم الدستورية بما يتناسب مع ظروفنا وأوضاعنا السياسية وبهذا الفهم فان الكل مطالب بان يدلس برأيه في نظام الحكم الذي يتناسب مع ظروف بلادنا.