إزدهرت هذه الأيام تجارة الخردة فهي تجمع بالأطنان من كل الأصناف ويضارب بها في الأسواق المحلية والدولية، وجمع المخلفات أصبحت مهنة ومصدر رزق لكثيرين، فهي عادة لا تحتاج إلى رأس مال في بداية الأمر. توقفت قليلاً في سوق الخردة في امدرمان او كنت أظن انها امدرمان لانني من المنطقة الصناعية فإذا بي مشهد بين متحصل المحلية وصاحب عربة كارو ومشادة عنيفة عرفت انني في محلية كرري بل انني في الشارع الفاصل بين محلية ام درمان ومحلية كرري وضحكت انها تجارة الحدود بين السجم والرماد وأكوام الركام. وتوالت المشاهد والمزايدة على كل شيء وكل حاجة لها ثمن وكل صنف له مقاس وناس، مشاهد معتادة كل الوجوه معتادة ومرتادة ومرتاحة وبصراحة استهوتني فكرة تجارة الخردة وجردت على الفور مهملاتي ومستلزمات ما لا يلزم في المنزل .. لعل في الدفاتر القديمة استغاثة وطوق نجاة.. وقبل مغادرة المكان عرفت أن هناك عائداً محترماً لمحلية أمدرمان وكرري يكفي على الاقل لتفعيل وحداتها الادارية في الصحة والبيئة والنظافة وتنظيم طرق التحصيل، هناك مشادات ومطاردات هناك أوساخ وأمراض ووو .. وكأنني اكتشفت رأس الرجاء الصالح أمشي في الشوارع بفخر، الخردة وما أكثرها في الخرطوم وبصراحة عمال النفايات وعيني باردة وكل الغنائم الجاهزة، كما إنني أرصد حالات كثيرة في الأحياء بين أصحاب الكارو الذين يشترون الخردة والبائعون المتجولين فالنساء يتصرفن من المقابل الخردي قوتاً وخياراً وجرجيراً ، وكذلك الاطفال يبيعون ويلهون بلي وبلي استيشن والحاجة ام الاختراع كل ذلك من الخردوات، هي ظاهرة تستحق الوقوف عندها وإدراك الايجابي منها.. هل تدرون سادتي أن هذه التجارة يستغل فيها اطفال دون العاشرة فقد وجدت عند أحد التجار قائمة باسماء الاطفال الذين يتعامل معهم يومياً في هذا المجال، إنهم اطفال ملامحهم البراءة رغم المعاناة والشقاء، وبعد ذلك وجدتهم يلعبون القمار وآخرون في صالات أندية المشاهدة وهكذا من البرامج. وعندما اقتربت كثيراً منهم عرفت أن آلاف منهم يحتاجون الرعاية والعون خاصة الذين يأتون من منازلهم ويدرسون ويعملون، وهناك آخرون يحفظون أجزاء من القران انهم اطفال المسيد من الصائم ديمة إلى أم ضواً بان. وهنا يأتي السؤال يا ترى ما هو مستقبل اولادنا من الخلاوي وزوايا الطرق الصوفية المختلفة وفي المسيد؟؟ إنهم الآن من كل الارجاء في المواقف في الاشارات الضوئية في محلات الخردة والمناطق الصناعية.. إنه نداء إلى كل المحليات والمجلس الاعلى لرعاية الطفولة، وإلى كل وحدات مساندة الاطفال للوقوف على ظاهرة الاطفال في الشوارع، وعلى الجميع الاتصال بالرقم المباشر 9696 والابلاغ عن هذه الحالات وحتى نجد الحل، عاملوهم بلطف.