في الموروثات الشعبية المتمثلة في الأحاجي والتراث الفلكلور والأمثال والمعتقدات المختلفة العديد من الدروس والحكم والتي طورها الإنسان بتجاربه وطوعها لخدمة قضاياه وهمومه وملاجئ لعديد من المشكلات والمتغيرات و القبائل والشعائر والبطون المكونة لتلك المجتمعات تفخر بتلك المورثات وتعمل جاهدة على ترويضها لتكن مرجعاً للعديد من النشاطات وهي التي إرتبطت بهم وبمعاشهم ، والخريف ذلك الفصل الجميل والرائع والمعروف في السودان بخيراته المتعددة والمتنوعة في شتى المناطق التي تمارس الزرعة المطرية والتي تعتمد عليها تلك المناطق كمحصولات نقدية برعوا في زراعتها ولهم فيها مدارس وفنون ، وتقريبا كل ولايات السودان وقراه تنتظر فصل الخريف وإذا تأخر عن ميعاده أو بدر فلهم فيه مواقف وكرامات وحكاوي والخريف يصلح في كل أنحاء السودان بإستثناء شماله وفي مناطق التمور تحديدا أما دون ذلك فهو مرحب به وفيه العشم وفيه الخير وأهلنا الكردافة وناس الجزيرة والقضارف وغرب السودان عموما لهم مسميات وما بين النيلين رسموا له العديد من الصور الخلابة حيث سموا بناتهم بأم الخير وأم درت وأم خريف، والزراعة ،والخضرة والبتول وكذلك الرجال عشاء الأيتام وخريف العطشان وكلها دلالات لها معاني ورموز وطقوس ، فالخير الذي يعم تلك المناطق تخضر فيه الأرض وتنبت الخيرات وتمتلئ المطامير بالعيش وتشبع الحيوانات ويكثر اللبن ومشتقاته ويبعونه في الأسواق القريبة والقليل من مخزونهم الذي فاض ويتبادلون ذلك بالسلع التي يحتاجونها في الأسواق الأسبوعية وأسواق المدن واهلنا في الجزيرة لهم تصنيف ومعنى ومدلول مع الخريف يعرفونه بأسماء وهي عينات، الضراع ، النترة ، الطرفه ، والجبهة ،النداية ، خرسان ، البكاية ، العوا، السمات ،غفر الخريف ، عريجل ، وأهلنا الكردافة إيضا وناس سمسم القضارف ودارفور لكل منهم طريق يصفون به محبتهم وأفراحهم لهذا الفصل المفضال وفي الماضي كانت الأرياف والمجالس المحلية والبلدية تعتمد على نفسها ولا تطلب من المركز شيئ وتؤسس المستشفيات والاندية الشبابية وتتكافل مع الغير ولا يعرف اهلها الخرطوم الا عند الضرورة وكم من المتغيرات التي حدثت بعد المجاعة المشهورة – الله لا أعادها – والتي شردت الأسر وفيها نفقت المواشي وتوقفت الحياة بتوقف المطر فهجروا البوادي والفرقان والقرى وتسوروا حدود المدن بحثاً عن العيش الكريم وآثار ذلك مازالت باقية قرى كثيرة لم يعد إليها أهلها وبعضها شملها النسيان والفراق وبعضها إندثرت ، العديد من الصفات السمحة والفاضلة في تلك المجتمعات والتي لم تكن تعرف إلا الفضائل وحسن الجوار وإغاثة المنهوب والمحروم والأ الحزمة التي أحاطت المدن كالسوار حول المعصم لم يتم دراستها بصورة جادة لذلك خرج السودان من سوق الصادر للعديد من المنتجات التي كانت تجلب العملة الحرة وتساعد على بناء الجسور والمدن وتعمر الطرقات وتبني الفصول والمشافي وظاهرة الجفاف والتصحر التي ضربت أجزاء واسعة من غربنا الحبيب تأثر بها كل السودان وليس الغرب وحده حيث استعصمت السماء عن البكاء الخير ، وجف الضرع ، وذبل الزرع وسكنت المطامير الحشرات وهربت حتى الحيوانات الى دول الجوار وتبعتها العديد من بذور المحاصيل النقدية التي نصدرها وأصبحنا الأن نستوردها .. فيا خربف الخير وسقي العطشان وشفاء المريض والعليل جّود علينا بالأمل وأغرس فينا روح المحبة ورسائل للسلام .. مدد .. مدد ياكريم يا ذو الجود والإحسان وبرحمتك الواسعة أجعل أيامنا كلها خيرات من ربوع كردفان ودارفور والجزيرة والشمال والشرق يا حنان يامنان نسألك عطفك ولطفك ورحمتك التي ملأت كل مكان .. أجعل أيامنا كلها خريف نديانه ومطرانه وللأهل والحبان تعود الضروع والزروع ونتروي بالخير و البلدان ... ويمتدد فينا السلام . الى أن نلتقى .. يبقى الود بيننا [email protected]