دائما ما تكون النفس البشرية في سعي بأن ترتبط وجدانياً بالأديان والروحانيات؛ لتبث التطمئن داخلها، فأغلبية البشر على وجه الأرض يبحثون عما يربطهم بالحياة الأخرى بعدالموت وما يجعلهم سعداء في حياتهم الدنيا والحياة الأخرى؛ فيبحثون قوانين تضمن حقوقهم، وتنظم معاملاتهم، وتشمل حياتهم داخل دائرة متكاملة من الأمن والأمان .. السودان من إحدى الدول التي ارتبط إنسانها منذ الآف السنين بالأديان، والنظم الاجتماعية الجميلة ، وبنى إنسانها حضارات عظيمة، منذ عهد الفراعنة والكنداكات،مروراً بالحضارات المسيحية، حتى دخل الاسلام عن طريق أهل التصوف، والعلم بالسماحة والمعاملة الكريمة وجذب الآلآف والملايين ...وبنى السودانيون الجوامع من أموالهم الخاصة وعلَّوا شعيرة الدين الاسلامي في فترات الاستعمار وحتى الاستقلال في كل الحكومات السابقة، إن كانت ديمقراطية أو عسكرية ... وكم من السودانين وهبوا أموالهم وممتلكاتهم وجعلوها أوقافاً للمساكين تيمنا بروح الاسلام والمشاركة الاجتماعية التي يأوي فيها الغني الفقير والمحتاج،وأقاموا المعاهد الدينية، كمعهد شروني، ومنهم من وهب أملاكه في سبيل الله والخير، منهم: عبدالمنعم محمد ، وجدنا الشيخ: محمود شداد ؛الذي بنى في أرضه الخاصة مسجداً ومعهداً علمياً، كان يأتي إليه في السبعينات والثمانينيات طلاب العلم من السعودية واليمن للتعلم على يديه، ويستزيدوا من العلوم الفقهية،ودخل على أيديهم الاسلام كثير من الاقباط والنصارى عندما رأوا سماحة الاسلام وأهله. ومن الغريب،أن تحدث في هذه الأيام هجرة عكسية للشباب من الاسلام إلي المسيحية، وأن تعلن إحدى الصحف على الملأ في ظل دولة الشريعة الاسلامية ،أن المتنصرات من الشابات في فترة قصيرة قد بلغ( 105شابة)..!! كان يجب على تلك الصحيفة قبل نقل الخبر فقط أن تحلل الظاهرة من حيث المهنية والأخلاق الصحفية، لماذارجع المئات عن الدين الاسلامي؟ ما الذي شوه صورة الدين الاسلامي في نفوس الشباب ؟ هل كما إدعت الصحيفة بأن هنالك منظمات أجنبية تقوم بالتنصير ؟ إذن من أعطى الاذن لتلك المنظمات بالدخول؟ ألم تدخل المنظمات الأجنبية نفسها لتغيث المسلمين من أفراد الشعب بالغذاء والدواء الآتي من بلاد الكفار والمشركين؟ وهي نفسها تلك المنظمات الأجنبية التي تحفظ نظام الأمن في البلاد التي ترفع راية الشريعة الاسلامية وموظفيها الاجانب يسكنون في أحدث وأرقى الاحياء بالبلاد ويجوبون الطرقات بالعربات الفارهة ومكاتبهم تأخذ أجمل المواقع بالعاصمة ومسورة بالأسلاك الشائكة، ويحرسونهم أبناء هذا الشعب على الأبواب خارج تلك الاسوار متطلعين إلى النظر فقط داخلها ، ويمنوا أنفسهم بالعمل معهم والعيش مثلهم وهم يرزحون في الفقر والمسغبة والحاجة..! ومن رفع شعارالاسلام يهنأ بالعيشة الرغدة داخل القصور والفلل ..! وتحت رآية الاسلام عمت روائح الفساد تخوم البلاد ويرفع قادتها شعار فقة السترة .. ! هل كان خلفاء سيدنا (محمد) «ص» يتدثرون بهذا الشعارأبداً؟، والله فقد حكى لنا التاريخ أن أميرالمؤمنين،عمر بن الخطاب،أقام الحد على ابنه عبدالرحمن الذي اعترف بأنه تناول بالخطأ مسكراً دون قصد، فعاقبه بإقامة الحد على مرأى ومسمع من الجميع ..! والفتيات في ظل الشريعة الاسلامية شاهدوا الشريعة تنزل بالسياط على ظهر أنثي..! ليس لنا اعتراض على إقامة الحدود، ولكن ليس بتلك الطريقة المزلة والمهينة ويضحك الجلادون ويقهقهون وهي تتلوى من الألم والفضيحة ..! ألم يسمعوا بقصة سيدنا (عمر) عندما مر برجل يقام عليه الحد، وكان الجلاد قوي البنية يدعى (مطيع بن الاسود) فصاح به: أتقتل الرجل؟ كم ضربته؟، فقال له: أربعين، فقال عمر: أرفع عنه عشرين لشدتك عليه فيما سبق من ضربات.! هذه هي رحمة البشر التي هي من رحمة الله، هذا هو الاسلام الحقيقى يا أخوانى , وأي إدعاء غير ذلك ، لا يعدو كونه انتكاسه وضلال في ضلال ..ألم يقل سيدنا (عمر) : لو أن جدياً تعثر عند شط الفرات لسأل الله عمر.! والاطفال والنساء والشيوخ يموتون اليوم بالعشرات ؛لإنعدام الدواء بمستشفى الذرة، وغسيل الكلى . أين ميزان العدل الاسلامي الذي يكفل لهولاء الشباب جميعاً كافة الحقوق والواجبات ؟ ويحقق لهم ما يصبون اليه في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ؟ كى يعيش كل مواطن فى ظل هذه الدولة كفرد موفور العزة ،رافع الرأس، يعيش كانسان كرمه الله؛ فيجد نصيباً في التعليم ،ونصيباً في العمل يضمن له الحياة الكريمة والشريفة...!! أين هم من الشركات الضخمة التي قامت على ظهرالشريعة الاسلامية؟ ولم تقم على ميزانها العادل ؟ وللأسف لم يجدوا إلا المخدرات التي أصبحت دائرة في ظل دولة الشريعة، فلجأوا إليها هرباً من العطالة والفراغ.