سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أدق أسرار إعدام النميري ل فاروق حمدالله وبابكر النور (5) إعدامهما كان مشهداً تقشعر له الأبدان .. تم سحبهما إلى حفرة كبيرة حُضّرت مسبقاً بواسطة آلة «قريدر)
الرائد فاروق كان عضواً بارزاً ونشطاً في تنظيم الضباط الأحرار واعتقل عدة مرات
سيرتهما الذاتية سفر من الانجازات تستحق القاء الضوء عليها بالتفاصيل المملة فالجوانب الخفية والظاهرة من حياتهما لا يمكن سردها كلها ولكن هناك اضاءات تنير الطريق للقارئ للغوث بعيدا ًفي ثنايا تاريخهما الحافل الذي يحوي فصول من الشجاعة وتجارب في ضروب العمل العسكري والفكري، وفي هذه الحلقة من الحوار يلقي العقيد ركن صديق عبد العزيز حرس الراحل الرائد فاروق حمد الله في المعتقل بالمدرعات الشحرة الضوء مجدداً على قضايا تناولتها سلسلة الحوارات المثيرة للجدل ويدلف للحديث عن سيرة و مسيرة فارق وزميله المقدم بابكر النور ولكن حتى لا نذهب في الشرح كثيراً دعونا نبحر معا في دهاليز حوار التاريخ والاسرار . أوردنا في الحلقة السابقة أن عملية تنفيذ الإعدام تمت بالحزام الأخضر وليس في دولة أجنبية أُخرى كما أورد بعض الكتاب، وكان ذلك على مرأى ومسمع منّا وذكرنا أن رئيس فريق الإعدام المقدم حقوقي عبد المنعم حسين قد أصدر تعليماته «ليتم» الضرب بالتنفيذ.. إلا أن معظم القوى أطلقوا الرصاص على أجساد «بابكر وفاروق» بصورة عشوائية دون تقيد بأي نظم أو إجراءات عسكرية، إستمر هؤلاء الجند في اطلاق الرصاص عليهما حتى بعد وفاتهما وكان مشهداً تقشعر له الأبدان.. لم يتم لهما إجراء غسل الميت أو الصلاة عليهما بل تم سحبهما الى حفرة كبيرة حضرت مسبقاً بواسطة آلة «قريدر» بكامل ملابسهما التي كانت عبارة عن بدل كاملة قدما بها من لندن ومن ثم أهيل عليهما التراب ودفنهما «بالقريدر» من جديد. وأنصرفت القوة عائدة إلى معسكر المدرعات بالشجرة، لم تكن هناك تعليمات بإخفاء موقع الدفن أو التستر عليه بل صدرت تعليمات من نميري لنا بأخذهما من المعتقل الى مكان الإعدام خلسة.. أنا أوضحت مكان دفن فاروق وبابكر حتى في حياة نميري وقبل وفاته بأربع سنوات، وإن كانت قد تعرضت لبعض التغيرات وأختفت معالمها تماماً نسبة لتحويلها لمناطق سكنية وغيرها.. أُسرة فاروق كانوا يسألون نميري وأبو القاسم وزين العابدين عن المكان الذي دفن فيه فاروق وبابكر. مكان المقبرة لم يتم له أي نوع من التخريب والنبش كما يقول البعض. ٭ مسيرة الرائد فاروق عثمان حمد الله ولد فاروق حمد الله بمدينة الخرطوم عام 7391م وتلقى تعليمه في مدرسة الخرطوم غرب الإبتدائية والأوسط بمدرسة الخرطوم الأميرية الوسطى والثانوية بمدرسة وادي سيدنا الثانوية احدى أقوى ثلاث مدارس ثانوية في السودان - وادي سيدنا - حنتوب -خور طقت» «آنذاك».. التحق بالكلية الحربية السودانية عام 8591م ضمن الدفعة العاشرة.. تلقى عدة دورات دراسية في المملكة المتحدة وباكستان وعمل معلماً للمدفعية والدروع بليبيا، عمل عند تخرجه بشرق السودان وعمل في مناطق متعددة بسلاح المدرعات، وكان من أميز ضباط الدروع وعمل بالألاي المدرع وقاد القوات المدرعة بالقيادة الجنوبية«جوبا».. كان الرائد فاروق عضواً بارزاً ونشطاً في تنظيم الضباط الأحرار واعتقل عدة مرات، وكان من أشهرها إشتراكه في حركة البكباش علي حامد عام 9591م وأعيد إعتقاله أيضاً عام 4691م بتهمة عصيان الأوامر بضرب الشعب إبان انتفاضة اكتوبر 4691م في نهاية عهد الفريق إبراهيم عبود. إشترك في عملية إعتقال وزير الدفاع دكتور عبد الحميد صالح والفريق الخواض محمد أحمد القائد العام للقوات المسلحة بجوبا مطالبين بتسليح الجيش، طالبوا بتسليح الجيش وتحسين أوضاع الجنود، وكان ذلك في العام 6691م وأُبعد بعدها من القوات المسلحة نهائياً بالطرد من الخدمة على أثر قضية حجز وزير الدفاع. عمل بعد طرده من الخدمة العسكرية في الخدمة المدنية كمساعد ضابط مجلس بلدية أم درمان لم يدم في ذلك المنصب طويلاً حيث فصل وعين في وزارة الأشغال كضابط أمن ومن ثم حول لوزارة التجارة قسم الأسعار. إشترك وخطط ونفذ لإنقلاب الخامس والعشرين من مايو 9691م بقيادة العقيد الركن جعفر محمد نميري وعين عضواً بمجلس قيادة الثورة، كما شغل أيضاً منصب وزير الداخلية وكان من أميز الوزراء الذين تعاقبوا على الداخلية. أُعفي من جميع مناصبه في 61/11/0791م ومعه كل من المقدم بابكر النور عثمان والرائد هاشم عطا عضوي مجلس قيادة الثورة بتهمة تسريب قرارات ومداولات مجلس قيادة الثورة للحزب الشيوعي السوداني، إضافة لعوامل وأسباب أخرى. عندما فجر الرائد هاشم العطا انقلاب 91 يوليو 1791م عين الرائد فاروق عثمان عضواً بمجلس الحركة التصحيحية وفي طريق عودتهم من لندن للخرطوم اعترض وأجبر العقيد القذافي الطائرة المقلة لهم على الهبوط واعتقله وسلمه لنظام النميري حيث قام الأخير بإعدامه في السادس والعشرين من يوليو 1791م أي بعد فشل الحركة التصحيحية.. متزوج من السيدة الفضلى «الحاجة نايلة» وله من الأبناء أشرف والأستاذة أماني، نشأ الرائد فاروق في أُسرة دينية والوالد متفقه في الدين من بطون الجعليين وينتمون الى طائفة الختمية.. يعتبر الرائد فاروق كاتباً ومؤرخاً وموثقاً للعديد من الأحداث الوطنية وكانت له عدة مؤلفات كما أوردها العقيد الركن أبوالقاسم الأمين كشة نورد منها «فهم العروبة» «الطريق الى مصر» «فهم الأرحام» «دليل الأنساب في السودان». ٭ مسيرة المقدم بابكر النور عثمان ولد بابكر النور بمدينة أم درمان في العام 5391م وتلقى تعليمه الأولي بمدرسة الهجرة والأوسط بمدرسة رفاعة الوسطى والثانوي بمدرسة خورطقت الثانوية، والتحق بالإذاعة السودانية لفترة قصيرة وتقدم بعدها للكلية الحربية وتخرج فيها عام 5591م. عمل في عدة قيادات بالقوات المسلحة القيادة الشمالية والغربية والوسطى ورئاسة القوات المسلحة والقيادة الجنوبية، عمل بمديرية أعالي النيل ملكال، إشترك في كل اللجان والمؤتمرات التي كونت لمعالجة مشكلة جنوب السودان «مؤتمر المائدة المستديرة». ثمّ تم إنتدابه للعمل بوزارة الخارجية عام 5691م في مهام تتعلق بمشاكل الجنوب، أُختير في دورات دراسية في المملكة المتحدة، تخصص في الإستخبارات العسكرية، شغل منصب نائب مدير فرع التنظيم والتسليح بالقيادة العامة حتى قيام ثورة الخامس والعشرين من مايو 9691م، كان عضواً نشطاً وبارزاً في تنظيم الضباط الأحرار. عُين عضواً في مجلس قيادة ثورة مايو 9691م وشغل منصب وزير التخطيط ومساعد رئيس القطاع الإقتصادي ثم رئيس اللجنة الإقتصادية.. أعفي من مناصبه واعتقل في 61/11/0791م بذات التهمة التي اعتقل بسببها الرائد فاروق وهاشم العطا.. أختير رئيساً لمجلس قيادة الثورة التصحيحية في 91/7/1791م وكان وقتها بالمملكة المتحدة وفي طريق عودتهم للخرطوم تم إختطاف الطائرة التي كانت تقلهم في سماء ليبيا بتوجيهات من العقيد القذافي قائد الثورة الليبية، ومن ثم تسليمه للسلطات السودانية التي قامت بإعدامه رمياً بالرصاص.