يعتبر النزاع المصري السوداني حول مثلث حلايب وشلاتين أحد أكبر أسباب التوتر بين البلدين (السودان ومصر)، وذلك وسط عدم توافر حلول دبلوماسية حقيقية لهذا الملف منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر واستقلال السودان في العام (1956) وفرض مصر سيطرتها الأمنية كاملة عليها في العام (2000) عندما سحب السودان قواته بالكامل من المنطقة.. ولكن في العام (2004) أعلنت الحكومة السودانية أنها لن تتخلى عن إدارة المنطقة المتنازع عليها ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين، وأكدت على تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية الى سكرتير الأممالمتحدة . بينما طالب المؤتمر العام الثاني للبجا (2008) بتحكيم دولي لحسم النزاع حول مثلث حلايب مع مصر إسوة بأبيي، وتمّ اعتماد حلايب كدائرة انتخابية سودانية تابعة لولاية البحر الأحمر ، وأقرت مفوضية الانتخابات السودانية لأهالي حلايب باعتبارهم مواطنون سودانيون ، وفي ابريل (2013) عندما زار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي السودان جددت الزيارة الجدل حول مثلث حلايب، وتوقع المراقبون أن تنفرج قضية حلايب.. ولكن الرئيس مرسي ذكر في المؤتمر الصحفي الذي عقد في ختام زيارته للسودان في سؤال حولها بقوله (إنها حبايب وليست حلايب).. كان رداً دبلوماسياً لم يضف جديداً في مسار القضية، وإن كان رداً لطيفاً أشبه بوضع المسكنات على مكان الألم.. وبقدر ما كانت العلاقة بين السودان ومصر في فترة حكم القائد العسكري ووزير الدفاع السابق طنطاوي فترة هادئة وفي فترة الرئيس المعزول محمد مرسي أكثر هدوءاً، تنبأ المراقبون بتوترها في فترة حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور والفريق السيسي قائد الانقلاب في مصر وهذا ما أكدته الصور التي ظهر فيها بعض المواطنين السودانيين بالمنطقة مناصرين لعبدالفتاح السيسي في حملته الانتخابية، وذلك بحملهم لعلم جمهورية مصر وارتداء (تيشيرتات) بها صور لعبد الفتاح السيسي تأييداً له وإظهاراً لمسانتدهم ووقوفهم بجانبه دون تحفظ على سودانية حلايب ومقاطعة الحملة الانتخابية، وهذه الخطوة وجدت استهجاناً واستنكاراً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الخطوة اعتبرها مراقبون أنها تنكُّر بعض السودانيين من سكان حلايب لأصلهم وذلك باحتفائهم بالسيسي كذباً أم حقيقة تظل الدوافع سيدة الموقف، الشيء الذي أفرز سؤالاً بداخل كل مراقب للوضع في حلايب من يستغل من ؟ المواطن السوداني أم المصريين ؟ نائب دائرة حلايب القومية بالمجلس الوطني أحمد عيسى عمر عزا سلوك المواطنين وتعاطفهم مع حملة السيسي الى غياب السودان عن المثلث وقال ل(الوطن) حلايب ليس بها سوى الألم لأن المصريين يفرضون سيطرتهم بالكامل على المثلث من مدارس وإدارة وتنمية وخلافه، وان المواطنين فيها لا يجدون سوى المصريين لذلك ما بدر منهم ليس كفيل بإدانتهم ، والمسؤول الاول والأخير هو الحكومة السودانية ذلك لتغيبها الكامل عن المنطقة، وأضاف أن المواطن السوداني مغلوب على أمره لذلك نحن لا نستغرب من تصرفهم، مردفاً هذه ليست الاولى من نوعها وإنما شاركوا المصريين في حملات انتخابية سابقة.. لكن يبدو أن ثمة شعارات ترفع من قبل الحكومة السودانية على تأكيد تبعية حلايب دون مفعول، وهذا ما أكده نائب حلايب القومية على الرغم من تأكيد الحكومة على لسان وزير الدولة برئاسة الجمهورية الرشيد هارون الذي قال في وقت سابق في ندوة سياسية بالخرطوم إن حلايب سودانية (100 %).. وبُعيد حديثه هذا بساعات جاء الرد المصري على لسان المتحدث باسم خارجيتها، السفير بدر عبدالعاطي، الذي قال في مقابلة خاصة مع احدى القنوات المصرية إن الأزمة مع السودان حول حلايب وشلاتين هو أمر مفروغ منه، لأن حلايب وشلاتين مصرية 100 % ولا مجال للجدال حول ذلك الأمر، وأكد عبد العاطي أن الدولة المصرية تمارس أعمال السيادة المصرية عليها بالكامل ولن نقبل بحلول وسطى للأزمة مع السودان وهذا بالتأكيد ما ظهر جلياً في مواطن السودان في هذه الحملة الانتخابية. وفي ذات الاتجاه أنكر معتمد محلية حلايب المهندس عيسى علي حامد علمه بما يجري من حملة انتخابية لمصر في المثلث قائلاً: ل(الوطن) ليس لي علم بحملات مصر الانتخابية في حلايب وليس لي علم بما يدور من انسجام مواطنيها في هذه الحملة وتأييده لعبد الفتاح السيسي، وفي سياق ذي صلة أمسكت وزارة الخارجية السودانية عن التعليق فيما يحدث في حلايب بشأن حملات مصر الانتخابية وتعاطف مواطني المنطقة مع السيسي ، وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية ابوبكر الصديق (للوطن) لا تعليق في ذلك ولست مفوضاً بأن أتحدث بلسان المواطنين فيها. وفي ذات المنحى انتقد القيادي السياسي بشرق السودان صلاح باركوين تصريحات كبار السياسيين في عدم عزمهم إثارة قضية حلايب بسبب العلاقة المتميزة مع مصر قائلاً : ترك مثلث حلايب للمصريين لا يرقى لمستوى المسؤولية والسيادة الوطنية ولا يرقي لأي مستوى من التي تعارف عليها الشعب في الفترة الماضية ، فحلايب سيادة وطنية وقضية غير مرهونة لأي وضع اقليمي وكذلك (الفشقة وشلاتين)، ومهمة الدولة السودان هي الحفاظ على سيادة ووطنية المنطقة وحلايب سودانية 100 % ، المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي عبدالله آدم خاطر أكد أن المعاملة المصرية جعلت من مواطن السودان في حلايب وجدانية في التعامل خلاف المعاملة السودانية التي جعلت منهم إمكانية تباعد من أبناء وطنهم المتمثل في الحكومة السودانية، لأن الانتماء سواء كان للوطن أو للأنسان أو لأي شئ آخر هو عملية خارج نطاق الشعور والعقل وهي نوع من زيادة طيف من الوجدان اضاف، مؤكداً أنه تيار نفسي، وحمل علم مصر من قبل بعض السودانيين في المثلث هو لاغراض ما ، وتابع في كلتا الحالتين فإن السودان هو الخاسر، وتأسف خاطر عما بدر من المواطنين في المنطقة قائلاً إن ما حدث يزيد نزيف القلب المجروح ومؤلماً جدا حتى لو كان هذا التعامل والتعاطف مع الحملة الانتخابية المصرية كذب وإزدراء من المواطنين.. لكن على الرغم من تقديرنا لوضع المواطن السوداني بالمثلث إلا أننا لم ننتظر ذلك ولم نقبل هذا التصرف كسودانيين وإن كان هنالك احتمال وحيد قال دعونا نتلم ونصير أبناء وطن واحد ويقول حينها أنا سوداني دون رفع أي علم آخر. لكن وعلى الرغم من كل تناقض تصريحات مسؤولي الحكومة السودانية مع ما يفعله المواطن في المثلث يظل السؤال قائماً من يستغل من؟.