بعنوان «مهندس البكور د. عصام صديق يطالب بإلغاء الردة عن أبرار»، كتب السيد عوض محمد الهدي يوم 10/6/4102 في هذه الصحيفة معقبا على مقالي بعنوان «تدبر الردة» في صحيفة الخرطوم بتاريخ 3/6/4102، (يجده قارئ الوطن في غير هذا المكان)، وذلك حتى يعلم قراؤه ما كتبت ليحكموا بيننا بالحق، فمن أخلاقيات النشر، التي ربما فاتت عليه، أن يعقب في نفس الصحيفة التي كتبت فيها، ولكن ربما أراد الله أن يطلع أيضا قراء هذه الصحيفة على ما كتبت، وعلى تعقيبي هنا، فأقول لأنفي قوله إنني قلت: «ونعى علينا أننا اتخذنا هذا القرآن مهجورا فلم نتدبره» ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي قال بذلك في محكم تنزيله، (وقال الرسول ربِّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) وليس لي أي معرفة خاصة أو عامة بالسيد عوض. وأقحم موضوع البكور، فقال: «أحرى أن يطالب بإلغاء البكور وإعادة عقرب الساعة إلى الوراء حتى لا يسير Anti Clock (أي ضد اتجاه عقرب الساعة)، عكس الفطرة السليمة» وهل الطواف حول البيت إلا Anti Clock ؟، أولا البكور ثابت بالكتاب والسنة (وجعلنا النهار معاشا) ،(من قبل صلاة الفجر) وقول المصطفى- صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها)؛ لأنه يتوافق مع الفطرة الإنسانية لا عكسها كما يدعي، أما إرجاع الساعة إلى الوراء، فعليه أن يطالب حكومة حزب المؤتمر الوطني قبل الانشقاق، فهي التي قدمت الساعة وهذا شرف لها لا أدعيه، كما لا أدعي انتماء لها أو لأي حزب آخر، التزاما بقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) ويكفي أن تقديمها ساعة وتثبيتها في +3، كما أردنا أولا، جعل وقت السودان مطابقا لأوقات معظم جيرانه وعلى رأسهم مكةالمكرمة التي تجعل الفضائيات وقتها مرجعية، تسهيلا، فطوبى للسودان، فهذه من بركات البكور، وعلى السيد عوض، الذي لم أحظَ برأي له على بكور استمر أكثر من 13 سنة دون تغيير، حري به أن يطالب بتطبيقه كاملا لا جزئيا كما حدث في السودان وحوالي 61 دولة متقدمة، بسبب تآمر قديم بدأ بألمانيا عام 1915 بعد الحرب العالمية الأولى نكشف عن مخططه الشيطاني، الذي حرف ارتباط نشاط البشرية بآيات الليل اللباس والنهار المعاش، إلى ارتباط بما تقرأ الساعات، وعلى السيد عوض ذكر سلبية واحدة، غير حكاية خروج الأطفال في الظلام، وإذا افترضنا أنهم فعلا خرجوا في الظلام فما ضرر ذلك؟، وكل الناس تخرج ليلا، والحقيقة الثابتة أنه يوم طبق البكور لأول مرة، بدأت الدراسة 730ص والشمس أشرقت ذلك اليوم 713 ص والفجر كان 553ص فأي ظلام وأية معاناة؟ وهل الخروج لصلاة الفجر أو إلى الشارع معاناة؟، أم أنه السهر وعدم المقدرة على الاستيقاظ للفجر، والمؤذن ينادي الصلاة خير من النوم، وأن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها، ثم دلف السيد عوض إلى حديث مطول حول حادثة سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وثبتها رغم قوله: «إنها مدسوسة»، فلم يفهم سبب إيرادي لها، وهو عدم تدبر سيدنا عمر بن الخطاب، ونسيانه للآية: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ،،،) وإلا لما انقلب عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- على عقبيه بقوله إن محمدا- صلى الله عليه وسلم- لا يموت، وأوردناها لنبين ولنذكر أن البعض تأخذه العزة بالإثم، فيتمادى في الباطل، ونحاول إعادة من يؤيد قتل المرتد إلى الحق، فسيدنا عمر- رضي الله عنه- بجلالة قدره، قد عاد إلى الحق، واعترف أنه لم يتدبر القرآن في ذلك الموضوع، بكل بساطة ووضوح، لا يحتج بحديث حول أمر ورد فيه نص قرآني صريح مخالف له، كالردة، لقد كرر السيد عوض وملأ مقاله بأحاديث كثيرة وروايات تؤيد قتل المرتد غير المحارب، ولم يعلق على الآيات البينات التي تحرم قتل المرتد، سوى أنها نزلت في مهادنة أهل الكتاب، وأنها نسخت بسورة براءة، لقد ضلل السيد عوض القراء بعدم ذكر نصوص الآيات التي استشهدت بها، فهي لا تتكلم عن أهل الكتاب ولا المشركين ونقضهم للعهود، وإنما تحدثت تلك الآيات تحديدا عن المرتدين عن الإسلام، كذلك تعمد السكوت أو نسي ذكر المرجع الأول، وهو بحث تخرج في جامعة أم درمان الإسلامية عام 8691 بعنوان «حكم الردة في الإسلام» والذي توصلت فيه الباحثة إلى عدم قتل المرتد غير المحارب في القرآن والسنة المطهرة، ولم يتعرض لفتاوي علماء المسلمين أمثال حسن الترابي ود. طارق السويدان، كذلك لم يعلق على اقتراحي بأن يعقد مجمع الفقه الإسلامي السوداني مؤتمرا جامعا حول موضوع الردة، كما إنني لم أتعرض من قريب أو بعيد لقضية أبرار، لقد حذرنا فقط من الأحاديث المدسوسة، لقوله تعالى: (يحرفون الكلم عن مواضعه) وما قتل الهالك عباس للمصلين السجد في جامع أنصار السنة في الثورة، إلا لارتكازه على الحديث المدسوس: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)، أما قوله: (فلا يجوز أن يتصدى للمشيخة والفتوى القاصرون عن استنباط الأحكام) فهو مردود عليه فالذي أباح له الفتوى يبيحها لغيره، فهي بنت الخبرة والشرع، خاصة في أمر بين يسنده نص قرآني صريح، وعلما بأن أول حديث دون كان بعد مرور أكثر من 51 عاما لوفاة النبي- صلى الله عليه وسلم-، فليس هناك أي ضمان لصحته رغم العنعنة المملة، والصهاينة الذين يحاول أن يتهمنا بالانتماء إليهم هم الذين يحرفون القرآن ويزجون بأحاديث مدسوسة، وخطيرة، الهدف منها تشويه صورة الإسلام، وبأنه دين الإرهاب الفكري، ولذلك يدسون أحاديث مخالفة صراحة للقرآن الكريم مثل: (من بدل دينه فاقتلوه) و(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده) فليس أي حديث ورد في كتب أطلق عليها «الصحاح» يؤخذ بدون مراجعة، وبيننا كتاب الله، (إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون)، و(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطان فهو له قرين) ،(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)، (قال ربِّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) (قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)، إنني أنصح السيد عوض إعادة تأمل وتدبر كل الآيات التي وردت بشأن الردة فليس هناك أي احتمال لتحريفها، على عكس الأحاديث، خاصة تلك التي ورد نص قرآني مخالف لها تماما، ودعنا من الجدل حول قصة سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، بعد انتقال النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- مباشرة دعنا نتأمل قوله تعالى ودون الرجوع لأي من كتب التفسير، تأمل: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)، وهي بكل بساطة تفيد أن الانقلاب على الدين الحق مثل الردة، لن يضر الله شيئا، فصاحب الحق راض فما دخلنا بردته، اقرأ تلك مع قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله فينبئهم بما كانوا يفعلون) وقوله تعالى (إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم) أما أنتم يا عبادي فليس لكم سلطان عليهم) (لست منهم في شيء) اللهم إلا إذا كانت خصومة وتصفية حسابات بكور وسياسة وهكذا، وفتنة كبيرة كما يحدث اليوم بين ما يسمى بالسنة وبالشيعة، من تفريق للأمة، بغير تدبر لكتاب الله المبين والمنير وفيما يلي نص المقال الذي نشر في في صحيفة الخرطوم بتاريخ 3/6/4102. تدبُّر الردة عملا بقوله تعالى: (وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، ظللنا، مرارا وتكرارا، نذكِّر أنفسنا وغيرنا بقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) و(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) و(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) و(من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين)، ولعل آخر سُنة عملية لسيد الخلق محمد- صلى الله عليه وسلم-، هي رفع سيدنا عمر بن الخطاب سيفه ليقتل شخصا، ظنّ عمر أنه ارتكب كبيره بإذاعته لخبر موت النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-، فهو ربما كان يحسب أن محمدا لا يموت، فات على سيدنا عمر- رضي الله عنه- قوله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفاٍن مات أو قُتل، انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه، فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين)، فلما سمع سيدنا عمر بن الخطاب هذه الآية، التي تلاها عليه سيدنا أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-، رمى عمر سيفه، وصاح قائلا، أهذه في كتاب الله، والله لكأني أسمعها أول مرة، لم تأخذ عمر بن الخطاب العزه بالإثم (تأخذهم العزه بالإثم) فاعترف بتقصيره في تدبُّر القرآن، ورجع إلى الحق وحُقنت دماء بريء كاد يقتله، فيدخل النار، هذا هو المغزى الحقيقي لتلك الحادثة، التي عدّها سنة عملية، والسنة العملية، بذلك العيار الثقيل لا تُنسى، خاصة أن هذه الآية تُعدّ من المعجزات، فقد نزلت قبل حدوثها، وفيها من العِبر والدروس ما لا تكفي هذه المساحة لتأملها، ففيها أمر واضح أن لا يأخذ الإنسان القانون بيده أبداً، فهي تقول لابن الخطاب: إنك لا تستطيع أخذ القانون بيدك لتقتل شخصا ولو كانت جريمته قتل سيد الخلق أجمعين- صلى الله عليه وسلم- (أفإن مات أو قُتل، انقلبتم على أعقابكم) فهناك سلطة وقضاء، يا أوباما، لا يحق لك قتل بن لادن دون محاكمة؟ ولا تستطيع يا أستامبولي قتل السادات بيدك، وهذه الآية كفيلة لوحدها بإبطال الحديث المدسوس (من رأى منكراً فليُغيره بيده!) فالقاعدة السهلة المفيدة أن لا نأخذ بالأحاديث المدسوسة بموجب (يُحرفون الكلم عن مواضعه) (المخالفة لنص قرآني مبين، ثم ندلف للمقطع الأخير من تلك الآية المعجزة( ،،، ومن ينقلب على عقبيه، فلن يضر الله شيئا) فهو يقول لابن الخطاب- رضي الله عنه وكل المسلمين: (إنه لو ارتد ذلك الرجل فعلا فلن يضر الله شيئا، ويؤيد ذلك الآيات (فذكِّر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر* إلا من تولى وكفر* فيعذبه الله العذاب الأكبر* إن إلينا إيابهم* ثم إن علينا حسابهم) و(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله) و(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ،،،،( المائدة 54)، و(ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخره،،،( البقرة 712) فكلها آيات بينات وغيرها كُثر، تمنع قتل المرتد، فلماذا يصر البعض، على العزة بالإثم؟، فهم ليسوا بأفضل من سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- حين قال: (لكأني أسمعها أول مرة) فلو سمعتم بهذه الآيات البينات فعليكم بالرجوع إلى الحق، فهو فضيلة، بدلا من تهديد السلطتين التشريعية والتنفيذية والقضاء والناس بأن حد الردة خط أحمر، ما هذا الجنون؟ فبينكم والناسِ كتاب الله وآياته البينات، فماذا يضر الإسلام إن ارتد منه أحد أو حتى مجموعة كما حدث في فرنسا، حين كرر حوالي 03 مرتدا أو ممن أخبرنا الله عنهم بقوله (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أُنزل على الذين آمنوا أول النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ،،( آل عمران 72) وهذه أيضا تُؤكد محاولة استغلالهم لحرية الاعتقاد التي كفلها الله سبحانه وتعالى منذ عهد الرسول- صلى الله عليه وسلم-، فأعلنوا إسلامهم صباحا وارتدوا عنه بعد الظهر، ظنّا منهم أن بعض المسلمين سيتبعونهم في الردة، فلو كانت ردتهم تقود إلى قتلهم لما أقدموا على تلك الحيلة، ولكن لم يرد أبدا أنه أُقيم عليهم حد الردة ولم تُؤثر في نفس الوقت ردتهم في ردة المسلمين. ما أقول به هنا قرأته أول مرة في بحث عام 8691 للتخرُّج في جامعة أم درمان الإسلامية، بعنوان «حكم قتل المرتد في الإسلام» والذي أكَّد وجوب عدم قتل المرتد وحاز على درجه امتياز، وقرأت عام 2002م كتاب محمد منير أدلبي بعنوان (قتل المرتد الجريمة التي حرَّمها الإسلام)، وقال به الكثير من العلماء المتدبرين داخل وخارج السودان، وأضعف الإيمان، فإن نصيحتي للأُخوة الذين يقفون مع قتل المرتد ة، بموجب ما نقل عن السلف الصالحة، أن يحترموا الآراء المخالفة لما نقلوه، ويعملوا القاعدة العدلية الأصيلة (الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة)؛ ولأن الأمر يتعلق بحرية الاعتقاد فإنه يتعين على مجمع الفقه الإسلامي عقد مؤتمر عالمي حول مشروعية قتل المرتد، وإذ أذكر، فالهدف هو الأجر، فإن أصبت فلي أجران وواحد إن أخطأت في طلب العفو عن المرتدين، فلا يُعقل أن يُستتابوا ثلاث ليالٍ وباب التوبة بموجب الآيات البينات أعلاه مفتوح إلى الممات!!!!.