دون صد يذكر مرت خلال الأيام القليلة الفائتة الذكرى الخامسة والاربعون لاستشهاد الزعيم الخالد اسماعيل الازهري الموافقة 26 / 8 / 1969 داخل سجون النظام المايوى حيث كان تحت اقامتهم الجبرية مستشفياً بمشفى الخرطوم التعليمي الحالي, رحل قبل أن تكمل الثورة الفتية شهرها الثالث ، حيث نعته الثورة الوليدة ( توفي عصر اليوم السيد اسماعيل الازهري معلم الرياضيات بكلية غردون) كأن الاقدار اكرمته أن لا يرى الاذلال للرموز الوطنية و الدمار الذي اصاب بلاده ، ونحن هنا عندما نتناول ذكراه ليس بغرض اجترار حلو الذكريات ومرها بقدر ما نرمي لإستخلاص الدروس والعبر لساسة اليوم نهديها كما ذكر الاستاذ الجليل /عبد المنعم عبدالقادر على هذه الصحيفة وذات الصفحة الاسبوع قبل الماضي, وذكرى الازهري هي ذكرى كفاح جيل يمثل هو رمزيته وعلى المستوى الشخصي يعد الزعيم الازهري من الشخصيات الكونية التي تظهر على سطح البسيطة بعد فترات طويلة وتقدم أداء متميزاً, ثم لابد أن تلم الاجيال الحالية بمن هم افنوا حياتهم في خدمة الاوطان والانسانية عموماً ولم يمتنوا بها على الناس, ويكفي أنهم خرجوا من هذه الدنيا مدينين وخرج بعضهم من بيوت الاوقاف ومازالت أسر بعضهم تسكن فى بيوت الإيجار ولم تحم حولهم شبه حتى يلجأوا للبيانات الصحفية واللقاءات التلفزيونية لأن حياتهم كانت كتاب مفتوح لكل الناس، وفي بانوراما متناسبة مع المساحة المتاحة هاكم نزا من سيرته الندية واسقطوها على حكام هذا الزمن العلانى . *الازهري ومؤتمر الخريجين: انتخب الزعيم اسماعيل الازهري سكرتيراً دائماً لنادي الخريجين عام 1931م بعد أن كانت رئاسته غير ثابتة ثم انتخب أول سكرتير لمؤتمر الخريجين 1938م واستناداً على عطائه الثر أصبح أيضاً أول رئيس للدورة السنوية للمؤتمر وكل الدورات باستثناء دورتي 1942-1944وعند ما نشأت الاحزاب أصبح أول رئيس لحزب الاشقاء أكبر الأحزاب1943مما مكنه أن يكون أول حزب يحكم بأغلبية مطلقة في تاريخ السودان بعد انتخابات 1953 ليصبح أول رئيس منتخب للسودان الحر المستقل، وكان مؤتمر الخريجين أول تحالف جبهوي بين المثقفين والجماهير السودانية وكان المؤتمر هو المفجر الأول للشعور الوطني بعد الثورة المهدية ثم هو الحاضن الاول للمقاومة السودانية للاستعمار، كما هو الرحم الذي تخلقت بداخله الاحزاب السودانية و (راجع كتاب اسرار الزعامة للاستاذ /مصطفى محمد الحسن ,كفاح جيل للاستاذ/ احمد خير المحامي ) * الازهري الحكمة والاستقلال: - وكان ذروة نجاح رئيس الوزراء اسماعيل الازهرى عندما فاجأ في يوم الخميس 18ديسمبر (كانون الاول) 1955 النواب في البرلمان قائلا: - (سأعلن استقلال السودان من داخل هذا البرلمان يوم الاثنين المقبل),وأحدث هذا الاعلان المباغت هزة كبيرة وسط النواب والدوائر السياسية,لأن الازهري وحزبه خاضا الانتخابات على اساس الوحدة مع مصر, كما أن انتخابات الحكم الذاتي نصت على انه لدى إتمام عملية السودنة, أى إحلال السودانين مكان البريطانين في كافة الوظائف وإكمال إجلاء القوات البريطانيه أن تكون لجنة دولية لإجراء استفتاء عام فى السودان لمعرفة رأى السودانيين حول الاتحاد مع مصر أو الإستقلال وإذا حدث إعتراض من أية جهة يعاد إجراء الأنتخابات مرة أخرى , وربما لهذه الأسباب وغيرها عمد الرئيس الأزهري الى إعلان القرار المفاجئ في البرلمان قاصداً من ورائه وضع الأحزاب السياسية داخل البرلمان، والدولتان المعنيتان (مصر وبريطانيا ) أمام الأمر الواقع , وبالفعل اصدر البرلمان وبالاجماع قراره بمطالبة دولتي الحكم الثنائي بالإعتراف بإستقلال السودان كدولة ذات سيادة ,ليصبح بعدها إسماعيل الأزهري زعيماً قومياً , أظهر حنكة سياسية في مواجهة احداث كبيرة إنفجرة في وجه الحكومة الوطنية على مدى ثلاث سنوات وأوشكت على عرقلة مسيرة الحكم الذاتي كمحاولة الحاكم العام البريطاني لإعلان حالة الطوارئ في مارس 1954 أثناء زيارة اللواء محمد نجيب وما وقع فيها من أحداث دامية بين جماهيرالأنصار ورجال البوليس، ثم أحدث التمرد في أغسطس 1955 في الجنوب حيث أغتيل العشرات من المعلمين والاداريين والفنيين والعسكريين الشماليين وأسرهم هناك، واراد الحاكم العام آنذاك إستدعاء القوات البريطانية المتواجدة في شرق أفريقيا إلا أن الازهري رفض هذا الإستدعاء بأعتبار أن القوات المسلحة السودانية قادرة على معالجة الموقف وإنهاء التمرد وقد تم ذلك بالفعل ( راجع صناعة الحكومات في السودان للأستاذ/ محمد الحسن محمد سعيد ) وبأسقاط هذه الحادثة على الوقع السودني اليوم والجيوش الأجنبية التي وافق حكامنا عليها والتي تعد اضعافاً مضاعفة من تلك التي أجلاها الزعيم الازهري وأشقائه. نواصل