يؤرخ كثير من المهتمين بالشأن السوداني , ان التحالف بين العبدلاب والفونج( عبد الله جماع وعمارة دنقس) عام 1504عندما هجماء على مملكة علوة المسيحية ,هوبداية تبلور التفكير الوسطى لمقابلة جنوح الكنيسة , وبعد مجئ الثورة المهدية وتحديدا خلال فترة ولاية الخليفة عبد الله التعايشى الذي اعاد منهج التطرف الديني والعنف السياسي،حيث اسس بمنهجه هذا لتيار رافض لهذا المسلك ,انتظم معظمه في الطرق الصوفية التى تدعو الى الدعوة بالحسني دون غلو اوتعصب وهذا بدوره جعل فيما بعد ان يكون مؤتمر الخريجين عام 1938هو الحاضن الشرعي لهذا التيار بما فيه حتى المنتمين لحركة الاستقلالين والتي هي كما معروف متداد تاريخى لاجيال المهدية الا ان الغلبة في مؤتمر الخرجين كانت لابناء البيوتات الصوفية ,مثل ود البوشي واسماعيل الولي وودالهندي على سبيل المثال لا الحصر, وبرعاية من البيوتات الدينية الموجودة . في رحم هذا المناخ المنفتح على المجتع والآخر ولدةالاحزاب السياسية السودانية في بواكير الاربعينيات وهي تحمل جينات وطنية خالصة سيما الحزبين الكبيرين (الاتحادي الديمقراطي وحزب الامة ) الذان يتمددان في مساحة الوسط ,وما اود تناوله فى هذه الرؤية ,هل مازال الحزب الاتحادي موجود ؟وهل مازال هناك دور ينتظره ؟ام اصبح ذكرى كغيره من احزاب الوسط فى المنطقة والاقليم!!؟ خصائص الاتحادي الديمقراطي:- وهو كما عرفه الراحل الشريف زين العابدين الهندي في كتابه آخرالكلم ص 20 «هو لبنة وطنية خالصة , ديمقراطية الهيكل ,مؤسسية الأداء, وجدانية التكوين , واقعية الطرح والتنظير,إنسانية الفكر والاتجاه, علمية النمط والاداء» . في الجزء الثاني سأحاول اسقاط هذه الخصائص على واقع اليوم. النظم الشمولية واثرها على البنية التنظيمية:- على مايقارب نصف قرن من الزمان بدأت القواطع العسكرية تعيق المسار الديمقراطي بل قبل ان يدخل الاستقلال عامة الثاني حيث انقضت الطائفية على حكومة الا غلبية برئاسة الزعيم الازهري بما عرف بحكومة السيدين حيث إلتقا السيد علي الميرغني مع السيد عبدالرحمن المهدي برغم ما بين الطائفتين من مرارات واتفقاء على تسليم السلطه للفريق ابراهيم عبود فى 17نوفمبر1958واستمر هذا الوضع يكتم انفاس الحياة السياسه حتى ثورة اكتوبر المجيدة 21اكتوبر 1964الا انه أي نظام عبود كان افضل السيئين قياسا على انقلاب جعفر نميري في( 25مايو1969-ابريل 1985)الذي استمر ستة عشرة عاما يحظر النشاط السياسي وينكل بزعماء الحرية مما جعل الحزب الاتحادي يتحمل عبئ النضال ضده بشراسة بقيادة الشهيد الشريف حسين الهندي وبعض القوى السياسية الاخرى التي صالح معظمها النظام المايوي واصبحو جزءا من مؤسساته الشكلية على رئيسها الاتحاد الاشتراكي فيما عرف بالمصالحة الوطنية فى 7/7/1977واحتفظ الحزب بريادته للمعارضة فى تحالف هو الاول من نوعه مع القيادة القوميه لحزب البعث العربي الاشتراكي وكان تحالفا مثمرا الى حد كبير لينتهى الكفاح المشترك باستشهاد الشريف حسين الهندي باليونان فى 9يناير 1982وظل الاتحادين يحملون راية الكفاح حتى انتفاضة6 ابريل 1985لتعقبها بعد الفترة الانتقالية التجربة الديمقراطية الثالثة وقبل ان تلتقط انفاسها بعد ان تنسمت اجواء الحرية لترتب الاحزاب السياسية صفوفها وتراجع جماهيرها وبرامجها ,انقض عليها انقلاب الانقاذ المشئوم فى 30يونيو 1989ويعد هذا الانقلاب هو الاسوء فى تاريخ التجربة السياسية السودانية حيث نكل بالأحزاب السياسية شرتنكيل بل نخر فى عظام كل مؤسسات المجتمع المدني ولم تسلم منه أي مؤسسة بل طال التدمير المتعمد حتى مؤسات المجتمع الارثي والاهلي (القبائل والطرق الصوفية ) . على العموم ما اود قوله من هذا السرد ان النظم الشمولية التى حكمت السودان لما يقارب نصف قرن من الزمان اسهمت فة ضعف الحس الوطنة بربط المناهج التعليمية بها وبفكرها الايدلوجة غير المتوئم مع الشخصية السودانية حيث انتهت الى ذلك ثورة مايوالمجيدة بتقلبتها المختلفة, التي هي الان مجرد ذكرى وعلى ذات المنوال انتهت مايسمى بثورة الانقاذ الوطني الى لاشئ وفي كافة الجونب السياسية والاقتصادية والامنية ,وفشلت فكرة ما يسمى بالوعاء الجامع , واتضح لهم جميعا ان لاسبيل إلا الديمقراطية وان لاديمقراطية الا بوجود الاحزاب السياسية , التى لم تندثر برغم تنكيل النظم الشمولية ونواصل لماذا لم تندثر الاحزاب السياسية وعلى رأسها الحزب الاتحادي الديمقراطي .... نواصل