تتجه الأنظار لجعل منطقة البطانة منتجعاً للسياحة في مجالات الصيد وغيرها لما تزخر به من موروث ثقافي متنوع، وتعيش في فصل الخريف أجمل أيامها، حيث تلفها الخضرة بامتداد البصر ويحج إليها الرعاة من كل فج عميق. وتعرف البطانة بعدة أسماء منها (المرية) (أم هبج) و(بطانة أبوعلي وحسان)، وكلها أسماء لمنطقة واحدة جمعت فأوعت بين سحر البادية وأصالة ساكنها. وسهل البطانة الممتد في خمس ولايات سودانية يمثل الصرة التي تجمع بين مكونات سودانية في بيئات مختلفة، لكنهم يجتمعون جميعاً على شيئين فهم يمتهنون الرعي كمهنة أساسية ويجمعون على أن قبيلة الشكرية هي صاحبة الأرض وتمثل أسرة أبوسن التاريخية بيت النظارة والإدارة والحكم فيها. محمد أحمد حمد أبوسن حفيد ناظر الشكرية قال ل(الشروق) إن دخول الشكرية للبطانة كان بقصد الرعي وامتدت مهنتهم إلى أن وصلوا إلى الحدود الحبشية وسكنوا في هذه البقعة وأخذوا منها طبائعها وتزاوجوا من قبائل الفونج في تلك المنطقة وامتزجوا بالقبائل التي كانت موجودة في عهد السلطنة الزرقاء. مواهب الشعر يتميز أهل البطانة بامتلاكهم لخاصية شعر الدوبيت وهم في ذلك (شامة وعلامة) والدوبيت والمسدار والربابة والنمة كما يقول يوسف عمارة أبوسن باحث في تاريخ وأدب البطانة إن حديث أهل البطانة شعراً، ويؤكد أن كل القبائل المنضوية تحت نظارة الشكرية يفهمون الشعر وينظمونه والشعر هو الذي قام بالتوثيق لتاريخ البطانة. محمد عبد القادر الحاردلو شاعر وأديب يرى أن إنسان البطانة مرهف بطبعه وفي حالة شوق دائم وهي من الصفات التي تلازم أهل التنقل المستمر منذ القدم في تاريخ العرب. وقال ل(الشروق) إن إنسان البطانة خاض المعارك والفروسية تجري في دمائه ومما يحفظ لأهل البطانة أنهم وثقوا لتاريخ دولتهم عبر الشعر باعتبار أنه وحتى وقت قريب لم يكن هناك تاريخ مكتوب عن الشكرية وأهل البطانة إلا في وقت قريب من خلال كتاب البروفيسور أحمد إبراهيم أبوسن (نماذج من أدب البطانة وتاريخ الشكرية). الربابة والطمبور " بادية البطانة شكلت في شخصية إنسان البطانة مكاناً لسرعة البديهة وخفة الظل بغير إخلال بالقواعد الشرعية "إنسان البطانة يجري الفن والتطريب في دمائه ولابد هنا من الإشارة إلى معلومة تاريخية إذ أن أصل الربابة وطمبور البطانة قد بدأ من غير أن يصاحبه مؤدٍ أو مغنٍ. وشعر البطانة ليس كغيره من الشعر وإن كتب بالعربية إلا أن مايستخدم فيه من عبارات وإن كانت عصية الفهم الأولي على المتلقي وهو مايرجعه أهل البطانة إلى طبيعة شعر الدوبيت نفسه. وبادية البطانة بفضائها الرحب ونسيمها العليل وإبلها وضأنها قد شكلت في شخصية إنسان البطانة مكاناً لسرعة البديهة وخفة الظل بغير إخلال بالقواعد الشرعية عن النص كما يقول البعض. وقد أجمع كل من زار المنطقة في فصل الخريف بأنها تعد من أجمل المناطق السودانية التي يجب أن يرحل إليها أهل السودان مستمتعين بمناخها وطبييعتها الساحرة وهي كما يقول البعض إنها طبيعة ملهمة للشعر الذي يتغنى به أهلها.