واحد من أهم من أسباب فشل تطور الفكر الرياضي في السودان، الجدل الذي يدور حول القوانين الرياضية، وهذا الجدل لا تبدو بوادر في الأفق تؤكد قرب انتهائه. بل إن الأمر يزداد تعقيداً، ووصل مراحل متأخرة في العشر سنوات الأخيرة. مع العلم أن هذا الأمر له تاريخ بدأ مع انضمامنا لقائمة كرة القدم المنتظمة تحت سقف الاتحاد الدولي لكرة القدم، لذا يعتبر جزءاً من التكوين الرياضي، وإن كان في المقابل يعكس ضعف ثقافنا ومعرفتنا بتكوين المنظومة الرياضية ومتطلباتها. ؛؛؛ الجدل أخرج كرة القدم السودانية من المستطيل الأخضر، إلى صراعات ومعارك لا تنتهي خارج هذا المستطيل ؛؛؛ صراعات واحتقان جدل القوانين واستثمارها في خلق صراعات تؤدي إلى احتقان متواصل في الوسط الرياضي، لا يخرج من إشكالات عديدة يعاني منها المجتمع السوداني بصفة عامة، وعلى رأسها التخلف سواء كان هذا التخلف سياسياً أو اقتصادياً، أو اجتماعياً أو رياضياً أو ثقافياً، وبالتالي فإن ما يحدث في الوسط الرياضي لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن الواقع المعاش. هذا الجدل أخرج كرة القدم السودانية من المستطيل الأخضر، إلى صراعات ومعارك لا تنتهي خارج هذا المستطيل. آخر القضايا التي تعكس الوضع المعقد الذي تعيشه كرة القدم السودانية، قضية مجلس إدارة نادي الهلال مع وزارة الشباب والرياضة الولائية، ممثلة في الوزير وأجسامها المختلفة (المفوضية ولجنة الاستئنافات). ؛؛؛ الجدل القانوني في هذه القضية عانى من محاولات تطويع القوانين الداخلية لصالح جهات معينة، قاد الجهات المتضررة للبحث عن حلول لدى للاتحاد الدولي ؛؛؛قضية تخلف جدلاً ما ترتب على هذه القضية من جدل ما زال متواصلاً حول شرعية المجلس المنتخب، وبدأت القضية بالمفوضية مروراً بلجنة الاستئنافات الولائية. وانتقلت إلى المحكمة الإدارية، وستصل حسب التصريحات الصحفية للمستشار القانوني لمجلس إدارة نادي الهلال الفاتح مختار، حتى المحكمة الدستورية إن لم تنصفهم المحاكم الأخرى. الجدل القانوني في هذه القضية وقبلها قضايا أخرى عانت من محاولات تطويع القوانين الداخلية لصالح جهات على حساب جهات أخرى، قاد الجهات المتضررة للبحث عن حلول في إطار المنظومة الرياضية . فكان اللجوء للاتحاد الدولي لكرة القدم لوقف هذه التدخلات. وبالفعل استجاب الاتحاد الدولي وهدد باتخاذ إجراءات تصل مرحلة تجميد النشاط في حال لم ترفع السلطة السياسية يدها عن الرياضة. وفي قضية مجلس إدارة نادي الهلال التي لا تزال تعاني من تعقيدات التدخل الحكومي من خلال المؤسسات الرياضية والعدلية التابعة له. أرسل الاتحاد الدولي خطاباً عبر الاتحاد السوداني لكرة القدم طالباً منه تحذير وزير الشباب والرياضة الاتحادي من التدخل في الشأن الهلالي، وجاء خطاب الاتحاد الدولي بناء على الشكوى التي تقدم بها مجلس إدارة نادي الهلال ضد قرار الوزير الولائي بتكوين لجنة تصريف بعد قرار المفوضية بعدم شرعية المجلس. ؛؛؛ المفارقة في أن مجلس إدارة نادي الهلال ورغم استجابة الفيفا لشكواه مواصلة مجلس النادى تصعيد قضيته في المحاكم المحلية ؛؛؛أجسام غريبة المفارقة في أن مجلس إدارة نادي الهلال ورغم استجابة الفيفا لشكواه وتوجيه الاتحاد العام بمخاطبة الوزير والتحذير من العواقب التي ستترتب على استمرار التدخل، مواصلة المجلس تصعيد قضيته في المحاكم المحلية. ويعيدنا هذا التناقض إلى الجدل القانوني في القضايا، فالقضية وفي توجيهات الفيفا تم حسمها مع الحكومة ممثلة في الوزارة الاتحادية، ليصبح مجلس إدارة نادي الهلال وفق توجيهات الفيفا ليس طرفاً فيها، بمعنى أن أي خطوة من الوزارة أو أجسامها المختلفة ، سيترتب عليها قرار من الاتحاد الدولي لتنحصر القضية بالتالي بينه والوزارة. هنا يقفز سؤال: لماذا لم يكتف مجلس إدارة نادي الهلال بالموقف القوي والمباشر من الإتحاد الدولي واكتفى بلعب دور المتفرج ؟ هنا يظهر قانون خارج إطار القوانين المحلية والرياضية، هو قانون الصالح العام، وهو القانون الذي وضع نهاية القضية بالاتفاق الذي تم بين الوزارة ومجلس إدارة نادي الهلال وفق بنود تعترف بشرعية المجلس كمجلس منتخب، مع التزام الأخير بإنهاء فترته مع نهاية الموسم الكروي في نوفمبر القادم. ؛؛؛ القضايا التي تشغل الوسط الرياضي لا تصل إلى نهايات قانونية سواء على مستوى القوانين المحلية التي لا يعترف بها الفيفا أو على مستوى الفيفا ؛؛؛اتفاق الجودية وهو الموعد الذي أعلنه مسبقاً لنهاية فترته في إدارة النادي ، وساهم اتفاق (الجودية) في إيجاد مخرج للحكومة من مأزق تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم في الشأن الرياضي السوداني في حال تم الإصرار علي عدم شرعية مجلس إدارة نادي الهلال. وهكذا نجد أن معظم القضايا التي تشغل الوسط الرياضي لفترات طويلة تصل إلى شهور كما في حالة نادي الهلال لا تصل إلى نهايات قانونية سواء على مستوى القوانين المحلية التي لا يعترف بها الفيفا أو على مستوى الاتحاد الدولي. فتقف في محطة (باركوها يا أخونا) ويتم الحل بمثل هذه الحلول (المسكنة) ليفتح غداً باب جديد للجدل القانوني في قضية لا تختلف عن التي سابقتها، وهكذا يضيع كثير من الوقت في جدل لا ينتهي، والنتيجة حال الكرة السودانية الذي يغني عن السؤال.