تقع جمهورية بوروندي في وسط قارة أفريقيا، وهي دولة صغيرة داخلية لاسواحل لها. وهي ضمن أراضي هضبة البحيرات في وسط أفريقيا، مطلة على بحيرة تنجانيقا، وتقع في شمالها رواندا، وشرقها وجنوبها تنزانيا وفي غربها الكنغو. وقد نبه مكتب الصندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونسيف) في العاصمة البورندية بوجمبورا في بيان له إلى المستوى المرتفع من سوء التغذية الحاد الذي يصيب الأطفال دون سن الخامسة في بورندي. وفي المقال التالي تسلط الصحفية جوانا نغاندا الضوء على الدور الحاسم الذي تقوم به الأمهات في بورندي لمحاربة أمراض سوء التغذية ووفيات الأطفال. حالة تقزُّم الأطفال يعتبر سوء التغذية في بوروندي أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع معدلات الاعتلال والوفيات عند الأطفال دون سن الخامسة. " 35 في المائة من أطفال بروندي مصابون بنقص الوزن، بينما يعاني 53 في المائة من التقزم بسبب نقص المغذيات الدقيقة الرئيسية " إذ يصاب 35 في المائة منهم بنقص الوزن، بينما يعاني 53 في المائة من التقزم بسبب نقص المغذيات الدقيقة الرئيسية. فقد تعتري الطفل المصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم حالات مؤلمة، بالإضافة إلى التوقف عن النمو وصعوبات في النمو المعرفي. ولكن تمكين الأمهات وتثقيفهن حول التغذية، يعطي الأمل للتوصل إلى تربية الجيل القادم تربية صحية. يعتمد (90) في المائة من سكان بوروندي على الزراعة مما يعزو إلية تأثر نسبة كبيرة من السكان حين ينعدم الأمن الغذائي، بسبب المخاطر المناخية ومحدودية فرص الحصول على الأراضي وغيرها من أسباب. وقد تفاقم مرض سوء التغذية في البلاد وبصورة مؤثرة جراء الحرب الأهلية البوروندية وما تبعها من إعادة إدماج اللاجئين القادمين من تنزانيا. طفلة قاربت الموت لقد شاهدت أينيس هاتونغيمانا 16 شهراً، وهي تلهو وتلعب بمرح مع أطفال آخرين في باحة مركز التغذية العلاجية التابع لمستشفى جيتيغا، في بورندي. من الصعب أن تصدق أن هذه الطفلة كانت مريضة منذ أسبوعين، إلى حد أنها لم تكن تستطيع أن تمشي أو تأكل أو تنام. وتناديها أمها ريجين (37 سنة) لكي تتناول عصيدتها قبل أن تبرد، مثل أي أمّ تطلب من طفلها الذي يتمتع بشهية صحية. ثم تبدأ ريجين تحكي لي قصة أينيس: هل ترين هذه الطفلة التي كانت قبل أسبوعين على وشك أن تموت عندما أتينا إلى هنا لم تكن لتعرفينها آنذاك، فقد كان وجهها وساقاها وقدماها منتفخة إلى درجة كبيرة. وحين جئت بها إلى هذا المكان، كانت قد فقدت شهيتها للأكل، وأصيبت بحمى شديدة وإسهال وبدأت حالتها تزداد سوءاً. ابتسامة بطعم الحليب وتواصل الأم رواية قصة طفلتها وهي تتابعها تلهو بين أقرانها: قلت في نفسي، بما أن الشيء نفسه كان قد حدث لأخيها المرحوم، قلت ربما تناولت (إيشانو) السم أيضاً، وهو الاعتقاد الذي كنا نعتقده عندما أصيب أخوها بنفس الأعراض. " الأمهات في بوروندي يواجهن دوراً حاسماً في خفض معدلات سوء التغذية، والرضاعة الطبيعية، والبيئة النظيفة وتباعد الولادات " وذات يوم زارنا أخصائي صحي في القرية، وحثنّي على أن أجلب الطفلة إلى المركز الصحي في (موتاهو). كانت طفلتي مريضة جداً، فأحالنا المركز الصحي على الفور إلى مركز التغذية العلاجية في مستشفى جيتيغا. وقد أحاطتها الممرضات هنا بالرعاية، وقدموا لها الحليب والعصيدة. وها قد عادت إليها الابتسامة، وبدأت تنمو مثل أي طفل عادي. وتقديراً للدور الحاسم من الأمهات في بوروندي في خفض معدلات سوء التغذية، فقد أطلقت عدة برامج تمكن الأمهات من تحسين صحة أطفالهن. وكللت هذه البرامج بالنجاح في عدة نواحي، منها التعرف على أهمية الرضاعه الطبيعية، وضرورة بقاء الأطفال في بيئة نظيفة لتجنب الإسهالات وتباعد الولادات لإعطاء الأطفال فرصة للنمو.