لقاء المائدة المستديرة الذي دعا له رئيس الجمهورية، الأحد الموافق السادس من أبريل بمشاركة 83 حزباً، يتقدمهم رئيس حزب الأمة والأمين العام للمؤتمر الشعبي وممثل رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، اللقاء مثل أكبر عملية اختراق في العلاقة بين الحكومة والمعارضة طيلة ال 25 عاماً الماضية، وسادته روح من الثقة واختفت لغة الشكوك والظنون. أبرز ما جاء في اللقاء أنه كان منقولاً على الهواء مباشرة وأمام أعين الشعب السوداني، وكان الحوار في الهواء الطلق. رئيس الجمهورية يدرك أهمية اللقاء وضرورته في المرحلة التي يواجهها السودان، فابتدر اللقاء بقرارات تمهد الأجواء للحوار للبلوغ لغاياته. ؛؛؛ الرئيس أعلن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح للأحزاب بممارسة نشاطها خارج وداخل دورها، وتمكين الحركات المسلحة من المشاركة في الحوار الجامع ومنحها الضمانات الكافية ؛؛؛ قرارات تمهيد الأجواء أعلن الرئيس إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والسماح لكل الأحزاب السياسية بممارسة نشاطها السياسي خارج وداخل دورها، وتمكين الحركات المسلحة كافة من المشاركة في الحوار الجامع ومنحها الضمانات الكافية لذلك، فضلاً على توسيع المشاركة الإعلامية للجميع من أتى ومن أبى، وتعزيز حرية الإعلام بما يمكن أجهزة الإعلام والصحافة من أداء دورها في إنجاح الحوار الوطني بلا قيد سوى ما يجب أن تلتزم به من أعراف المهنة وآدابها ونصوص القانون وكريم أخلاق السودانيين. هذه القرارات الأربعة تمثل أبرز تحفظات الجهات الرافضة للحوار، وربما تدفعهم فى مقبل الايام الى الانضمام للمائدة المستديرة. ونبه إلى أن الاجتماع يأتي حول كيفية إدارة الحوار وآلياته التي يرجى أن تشرف على التحضير له تحديداً للمشاركين من جميع فئات المجتمع وشرائحه السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية. ونوه إلى أن علاج المشاكل التي أمام السودان تتطلب مشاركة جميع القوى الفاعلة أحزاباً وهيئات وسياسيين وعلماء، رجال أعمال ومستهلكين، عمالاً ورعاة وفلاحي أرض ومقيمين ومهاجرين. ؛؛؛ الخطاب الرئاسي وتعليقات ومقترحات رؤساء الأحزاب خلقت أرضية جيدة لقيادة حوار وطني بأيدٍ سودانية خالصة، وربما يفرض على الرافضين والمتحفظين اللحاق بركبه ؛؛؛ خطوة نحو التفعيل الرئيس جدَّد دعوته للذين قاطعوا بدء أعمال الموتمر من قوى المعارضة للمشاركة، لافتاً إلى أن اجتماع الأحد هو خطوة نحو تفعيل الحوار الشامل وانطلاق لمرحلة جديدة من الحياة السياسية للاتفاق على مبادئ أولية للقيام بحوار سوداني - سوداني يناقش، ويقترح حلول لتوفير عقد اجتماعي سياسي جديد ينهض بالأمة السودانية، ويحقق لها أمنها وأمانها في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ويؤسس لسلام مستدام. ومن الملاحظات المهمة في خطاب الرئيس منحه الضمانات الكافية لحملة السلاح بالمشاركة في الحوار وتأمين وصولهم وعودتهم. خطاب الرئيس وتعليقات ومقترحات رؤساء الأحزاب خلقت أرضية جيدة لقيادة حوار وطني بأيدٍ سودانية خالصة، وربما يفرض على الرافضين والمتحفظين اللحاق بركبه. وكما ذكر الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي في كلمته في اللقاء بأنه لا جدوى من طرح شروط دون المشاركة في الحوار. ودعا إلى تكوين هيئة تنسيقية عليا للإعداد للحوار. وامتدح الترابي ما أقدم عليه الرئيس البشير. ودعا لإطلاق جميع المعتقلين حتى من تمت محاكمتهم. ؛؛؛ العتباني طالب بفصل الأجهزة الأمنية عن العمل السياسي، لأن ذلك يؤدي لاختلال فى العمل السياسي ويعني أن تأتي الأمور وفقاً للتقديرات الأمنية ؛؛؛ الحوار الداخلي وشدد الترابي على ضرورة أن يتم الحوار داخلياً مع دعوة بعض الجهات المعنية بالشأن السوداني بأن يكونوا مراقبين مثل الاتحاد الأفريقي والأوروبي وجامعة الدول العربية. وجدد رفضهم إجراء أي حوار خارج السودان. وأمَّن على ضرورة أن يركز الحوار على القضايا الملحة على رأسها الأوضاع المعيشية للمواطن وحسم قضية كيفية إيجاد الميزان ما بين السلطة والحرية والاستعداد للانتخابات المقبلة. زعيم حزب الإصلاح الآن د.غازى صلاح الدين أبدى بعض الملاحظات لإنجاح الحوار بمطالبته بفصل الأجهزة الأمنية عن العمل السياسي، لأن ذلك يؤدي لاختلال فى العمل السياسي ويعني أن تأتي الأمور وفقاً للتقديرات الأمنية. ونبه صلاح الدين بأن لا يعد هذا اللقاء لتقاسم الغنائم أو أنه اجتماع صفوة، لافتاً إلى أهمية تحديد الأولويات، وعلى رأسها الاتفاق على وفاق وطني مع التسريع في تنفيذ الحوار. ؛؛؛ الصادق المهدي، دعا لضرورة الاتفاق على بناء الثقة وعلى رأسها كفالة الحريات العامة والعدل ورفع القيود عن الأنشطة الإنسانية مع مشروع لسلام شامل ؛؛؛ بناء الثقة أما رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، فقد دعا لضرورة الاتفاق على بناء الثقة وعلى رأسها كفالة الحريات العامة والعدل ورفع القيود عن الأنشطة الإنسانية مع مشروع لسلام الشامل يفوض مجلس قومي لمفاوضة الجبهة الثورية. من خلال أبرز الكلمات التي قدمها قادة الأحزاب تكشف عن لغة خطاب جديدة، ستدفع بعجلة الحوار بين القوى الساسية نحو الوصول إلى اتفاق الحد الأدنى الذي يجنب البلاد ما تواجهه من مخاطر. وإذا نجحت الحكومة والأحزاب في إقناع الحركات المسلحة بالانضمام للحوار، سيكون إنجازاً سودانياً خالصاً واتفاق سوداني خالي من أي تدخلات خارجية، ويبقى التحدي في كيفية اقناع المسلحين بجدوى الحوار وضماناته. أما بعض قوى الاجماع الوطني التي رفضت الحوار، أصبحت الكرة الآن في ملعبها بعد قرارات الرئيس، ومن المتوقع أن تلحق بالحوار في أي وقت، لأن المشهد الآن أصبح حواراً يدار في الهواء الطلق وأمام أعين الشعب السوداني تعكسه شاشات التلفزة، وليس حواراً في الغرف المغلقة. وعلى قوى الاجماع الوطني وعلى رأسها الحزب الشيوعي اللحاق بالحوار، وطرح جميع التحفظات والمطالب على الطاولة وأمام أعين الشعب السوداني، لأن الحوار الحالي فرصة تاريخية لانتقال البلاد من مرحلة الشك والظنون إلى الثقة والاتفاق على الحد الأدنى الذي يجنب البلاد والعباد المخاطر والأزمات التي يعيشها السودان.