حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    وزارة الخارجية تنعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    (بي ياتو ناحية ؟؟)    بيان توضيحي من وزارة الري حول سد مروي    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    بالصور.. الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    اعلامي تونسي يرشح الترجي للتتويج بالأميرة السمراء    قال ديمقراطية قال!!!    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    والى ولاية الجزيرة يتفقد قسم شرطة الكريمت    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    إنطلاق العام الدراسي بغرب كردفان وإلتزام الوالي بدفع إستحقاقات المعلمين    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    (باي .. باي… ياترجاوية والاهلي بطل متوج)    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصابة الأربعة وتذكر الشريف حسين الهندي
نشر في شبكة الشروق يوم 08 - 03 - 2017

لو كان الزعيم السياسي الكبير الشريف حسين الهندي الذي فقدته الأمة السودانية وأمة العرب وقارة السود، في مثل هذه الأيام قبل 34 عاماً سياسياً من ساسة المركز في القاهرة أو بيروت، على سبيل المثال، لما كان شأنه السياسي أقل من شأن ساسة هذا المركز الكبار.
ولعله كان يفوق أكثرهم استناداً إلى ما تركه من آثار جليلة تضعه في مصاف كبار السياسيين والمنورين العرب والأفارقة في القرن العشرين.
وهذه الأسطر محاولة للتذكر والاقتراب من مفاتيح عبقرية الشريف حسين بعيداً عن (البشتنة) العاطفية للإعجاب المنبهر من بعض أتباعه أو وخندق الكراهية المطلقة من كثير من أعدائه.
ويصبح المطلوب أن نقدم قراءة جديدة تستفيد منها الأجيال الناشئة.
عصابة الأربعة
عصابة الأربعة لقب لطيف أطلقه الراحل الشريف زين العابدين الهندي، على أربعة من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي (المسجل)، بعد أن كثرت عليه الشكاوى من أعضاء الحزب ومريديه من سيطرة هؤلاء الأربعة على مقاليد الأمور في الحزب.
"
عصابة الأربعة لقب لطيف أطلقه الراحل الشريف زين العابدين الهندي، على أربعة من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي (المسجل)
"
والأربعة حسب اتفاق كبير، وهو أمر نادر الحدوث وسط الاتحاديين، إنهم أكثر الاتحاديين معرفة وقرباً من الراحل الشريف حسين الهندي.
إذا كان الأمر كذلك، فهم الأجدر بتذكر الشريف حسين وتدوين مناقبه وحفظ تراثه وسيرته ومسيرته في الحياة السودانية.
وهنا يبرز سؤال عن حجم الجهد الذي بذلوه في تذكره؟ ولا يسع المقام هنا ولا المجال في حياتنا العامة للإجابة عن هذا السؤال.
لكن تأمل أحوال أفراد عصابة الأربعة حالياً قد يوفر لنا قدراً من الإجابة.
أول هؤلاء الأربعة هو أ.د.جلال يوسف الدقير الذي تجبره ظروف صحية قاهرة جداً على مغادرة البلاد، وترك جمل الحزب بما حمل.
وثانيهم هو د.أحمد بلال عثمان الذي يبدو منهك القوى بسبب التصريحات النارية التي تدافع عن الممارسة الديمقراطية لحكومة المؤتمر الوطني.
وثالثهم الشريف صديق إبراهيم الهندي الذي غادر الحزب بكل مشاعر الحزن النبيل يبذل الدم والدموع في سبيل مهمة مستحيلة، تتمثل في (توحيد الفصائل الاتحادية)، لكنه يتصدى لها واثقاً من تحقيقها، بقوة ومسؤولية أهل العزم من الاتحاديين الأوائل ويقين (الفُقرا) الذين يقتسمون النبقة.
ورابعهم هو السماني الوسيلة الشيخ الذي يحرص بطبيعة تعامله السمح وقبوله لدى الجميع على التفاؤل الشديد من أن كل المشاكل ستجد الحلول.
طبيعة الظروف التي يرزح تحتها أفراد عصابة الأربعة حالياً قد تجعل من الصعوبة جرد حسابهم عن تذكر الشريف حسين الهندي، لكن نتذكره في المشاهد التي تأتي تباعاً، فسيرة الشريف حسين الهندي تبدو مثل قصة في البحث عن الوطنية، لم تكتب فصولها بعد.
البطاقة الشخصية
حسب البطاقة الشخصية، فالشريف حسين هو ابن العارف بالله الشريف يوسف الهندي بن قطب القرآن الشريف محمد الأمين الشهير ب (ود الهندي).
ينتمي نسبهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونسبهم مذكور في مخطوطة السدوسي لأنساب قريش. ويبدأ تاريخهم في السودان بالشريف محمد بن مصطفى بن يعقوب الشهير بمحمد الهندي الذي ولد سنة 913 ه (1507م).
وجاء لقب الهندي من أن مرضعته بمكة المكرمة كانت هندية الأصل، وهو الجد السابع للشريف حسين الهندي.
والشريف محمد الهندي هو أول من دخل السودان من أجداد البيت، وقد جاء معه أبناؤه: علي وحسن وآدم من جهة الحجاز في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري (عام 970 ه) على أيام دولة الفونج. وأقام في جزيرة مرنات الواقعة شمال شندي حسب رواية الدكتور أوفاهي.
اشتغل الشريف محمد الهندي بتعليم القرآن الكريم والحديث الشريف، فأسّس مسجداً وخلوة لتعليمهما. وكان رجلاً محبوباً صاحب كرامات.
ومن هناك رحل إلى بلدة المنسي بالقرب من قرية أربجي الواقعة شمال ودمدني، وهو الذي نزل الشيخ تاج الدين البهاري بمسجده فيها.
واجتمع الناس عنده ليسلكهم قي الطريقة القادرية الصوفية. والشريف محمد الهندي هو الذي دعا للشيخ حسن ودحسونة بالبركة في قصة مروية في (طبقات ود ضيف الله). ومزار قبره بالمنسي أو قرية ودهجا جنوب الحصاحيصا.
أما والدته فهي التاية بت محمد خير الشايقية من مقاشي، فهي الأخرى لا تقل شأناً، بحسبان أن أهل مقاشي يضعون أنفسهم في قمة السلم الاجتماعي لتصنيفات الشايقية في شمال السودان.
تفوق مبكر
الشاهد من تفاصيل البطاقة الشخصية أن الشريف حسين ولد في حي بري الشريف من قرية بري اللاماب عام 1924 في بيت عادي من بيوت الطين، إذ لم يكن يميّز بيت والده الشريف يوسف عن بيوت غيره إلا سراياه، والسرايا منذ أن شيدت وحتى الآن دواوين ضيافة وليست لسكن الأسرة."
الشريف حسين ولد في حي بري الشريف من قرية بري اللاماب عام 1924 في بيت عادي من بيوت الطين
"
بدأ الشريف حسين مراحله التعليمية في خلوة أبيه ببري، وبعد أن حفظ القرآن الكريم في التاسعة من عمره، أخذ جدّه لأمه محمد أحمد خير المعروف بود خير، وألحقه بمدرسة سنجة الأولية ، ثم ساقه خاله أحمد خير المحامي إلى مدرسة ود مدني الأولية بود مدني.
كان الشريف حسين على موعد التفوق حين قبل بمدرسة ودمدني الأميرية الوسطى في العام 1935، إذ ظهر تفوقه المبكر متعدياً أقرانه بسنة كاملة.
وقبل أن يكمل عامه الدراسي سافر لتلقي دراسته الثانوية بكلية فيكتوريا بالإسكندرية.
وإثر عودته إلى السودان من الإسكندرية في الإجازة المدرسية، بدا الشريف حسين مزهواً بزيه الإفرنجي، الأمر الذي أغضبه والده الشريف يوسف الهندي ومنعه من السفر إلى مصر.
وهنا تدخل الإمام عبد الرحمن المهدي طالباً من والده أن يسمح له بمعاملة الحسين كأحد أبنائه، وأن تكون نفقات دراسته عليه، فأقنعا الشريف يوسف الهندي، الذي قال عند ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: فليفعلوا ما أرادوا. فإنهم أهل بدر.
والشاهد هنا أن الشريف حسين دخل في رعاية عبقرية الإمام عبد الرحمن المهدي، وكان أقرب إلى نفس الإمام عبد الرحمن من أغلب أبنائه.
أمام عبقرية الإمام عبد الرحمن المهدي، فقد جعلت الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل يحس بالحرج حين سأله الإمام: لماذا يغضبون في مصر لأننا نتحدث مع الإنجليز في أمر مصيرنا؟
واستطرد الإمام حسب شهادة هيكل: لقد جاءنا السيد الإنجليزي راكباً عربة مصرية، تجرها جياد مصرية.
ومع من كنت تريدنا أن نتكلم، مع العربة أو مع الجياد التي تجرها أو مع السيد راكب العربة؟
واعترف هيكل قائلاً: أحسست بالجرح يغوص في كبريائي، ولكن إنكار الحقيقة لم يكن يجدي، فلقد كان ما قاله المهدي تصويراً صحيحاً لعملية إعادة فتح السودان، تحت قيادة كتشنر.
محطات نضالية
يبدو أن النضال ضد الظلم والبطش، كان قدراً محتوماً على أسرة الشريف الهندي منذ أن وطئت أقدامها هذه البلاد، فقد ذكر أوفاهي في سبب وفاة الشريف محمد الهندي: إن ملك الفونج لما أحس بشهرة الشريف محمد الهندي ومكانته، قتله في سنار حسداً، فحمل أبناؤه جثمانه وقبروه بالمنسي.
ويدلل أوفاهي على صحة هذا الخبر، بأن مؤلف الطبقات، ذكر في ترجمة حمد النحلان ود الترابي، أن سليمان ود التمامي قائد جيش الفونج، حين احتدم الخلاف بينه وبين ود الترابي، قال للأخير: أنا قبلك قتلت الحسوبابي، وقتلت ود الهندي، ما بقتلك أنت؟ وذكر أوفاهي أيضاً أن الشريف آدم رجع إلى مكة لمشاورة الأسرة فيما حدث.
وكان محل أقامتهم بجبل الهندي وسط مكة، وهو معروف حتى الآن.
استناداً على هذا الإرث تتعدد المحطات النضالية في مسيرة الشريف حسين، فقد رفع منذ وقت مبكر جدا شعاره (لا سياسة مع القداسة).
وكان من رأيه أن الطائفية ينبغي أن تبتعد عن العمل السياسي، وعلى قادتها "ألا يتدثّروا بالقداسة إذا أرادوا أن يخوضوا مع الآخرين غمار السياسة".
وكان حصاد هذا الشعار انضمامه للحزب الوطني الاتحادي، بعد انشقاق الختمية وتكوينهم لحزب الشعب الديمقراطي، ودون وجهة نظره في الطائفية في مقال نشرته جريدة (العلم) بعنوان: لا قداسة مع السياسة.
وسار في نفس الخط حين دون مقالاً في جريدة (العلم) بعنوان: دولة الإقطاع، جاء فيه "المشكلة هي مشكلة ملاّك الأراضي من المزارعين، الذين يجدون ملكياتهم الصغيرة وقد أغرقها طوفان مشروع إقطاعي كبير، ابتلع في جوفه عشرات الآلاف من الأفدنة، تملكها عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة".
مواقف ومشاهد
مقام التذكر يفرض علينا أن نعيد بعض المواقف والمشاهد في مسيرة الشريف، في انتخابات عام 1958 أعاد ترشيح نفسه في دائرة الحوش أيضاً عن الحزب الوطني الاتحادي، لكنه اتجه لدارفور التي كان مشرفاً على الانتخابات فيها ممثلاً لحزبه، وجاب أنحاء مديرية دارفور المختلفة، وواصل نشاطه بهمة عالية وحماس."
الشريف زار دارفور وتأثر جداً بما وقف عليه من ندرة المياه وانعدام الخدمات الاجتماعية هناك، مما دفعه لإثارة قضية في البرلمان بشأنها
"
وتأثر جداً بما وقف عليه من ندرة المياه وانعدام الخدمات الاجتماعية هناك، مما دفعه لإثارة قضية في البرلمان بشأنها.
وهذا الأمر الذي أدخل الفرح في صدور أهل دار فور فأحبوه وحفظوه له فيما بعد.
وهذا موقف نلتقطه من عضويته في البرلمان، حين كلّفته كتلة المعارضة بالرد على خطاب الميزانية الذي ألقاه السيد وزير المالية.
عندها ألقى يوم 3 يونيو 1958، خطابا ضافيا في البرلمان انتقد فيه الميزانية نقدا موضوعيا، دفع السياسي والقانوني الضليع محمد أحمد المحجوب وزير الخارجية يومها، إلى الإشادة به، خاصة أن خطاب الشريف حسين باسم المعارضة، قد نال استحسان قطاعات واسعة من المجتمع.
طوى انقلاب الفريق إبراهيم عبود في17 نوفمبر 1958م، العهد الحزبي.
وعنده أعلن الاتحاديون، بقيادة الرئيس إسماعيل الأزهري معارضتهم لهذا النظام.
وتطورت هذه المعارضة إلى تشكيل خلية للعمل على مناهضة الحكم العسكري، ضمت في عضويتها الشريف حسين مع آخرين.
لكن موقف الشريف حسين كان مختلفاً، لأنه صارح الخلية قائلاً "من المستحسن أن تتريّثوا قليلاً، لأن الحكم العسكري رفع شعارات معيّنة، خاطب بها عواطف الجماهير التي ملّت صراعات الأحزاب وممارساتها، وإنكم لن تجدوا استجابة أو آذاناً صاغية في ظل تلك الظروف، حتى يثبت للناس، عملياً، سوء الحكم العسكري، ومن ثم يبدأ غضبهم وتذمرهم، وحينها. يمكن أن تبدأ المناهضة الحقيقية، التي تجد استجابة وتجاوباً في الشارع".
بصمة شمو
(بصمة علي شمو - 60 عاماً من المعرفة والاستنارة)، كتاب جديد من تأليف محرر هذه السطور ينتظر أن يطرح في الأسواق خلال أيام.
يحتوي الكتاب على ثلاث شهادات عن الراحل الشريف حسين الهندي نعيد نشرها هنا، لأن هذه الشهادات حسب شهادة أستاذ الآثار بجامعة الخرطوم أ.د. علي عثمان محمد صالح، تُعدُّ الأولى من نوعها في توثيق أمجاد الشريف حسين، ونوردها حسب تسللها في الكتاب على صفحات (58 - 61).
هناك تاريخ لم يكتبه التأريخ بعد عن الشريف حسين الهندي الذي كان نجماً سياسياً لامعاً يتطلع المشاهدون ومستعمو الإذاعة إلى الاستماع إلى آرائه حول حول كثير من القضايا.
كان علي شمو يرصد ما يدور في المجتمع من قضايا وأحاديث ليل، تمهيداً لإجراء مواجهة ساخنة مع الشريف حسين الهندي، تنفعل بها مجالس المدينة وتزيد من اتقاد شعلة الوعي الذي يبثها الإعلام.
ربطت علي شمو بالشريف حسين مودة زاد من شدتها أنها كانت امتداداً للمودة والمحبة التي ربطت بين والد علي شمو والشريف حسين.
اعتاد علي شمو أن يزور الشريف حسين في مخبئه، فقد كان يتجنب الأماكن الصاخبة التي تعج بالبشر، ويفضل مكاناً متواضعاً ينعم فيه مع أصدقائه بالحديث الطيب الموصوف ب (ونسة أولاد البلد).
في تلك الزيارات يعرض علي شمو على الشريف حسين الكثير من القضايا التي تدور في الشارع وتثير التساؤلات في أذهان المواطنين.
كان الشريف حسين دائماً يرحب بمثل هذه التساؤلات ويبدي موافقته الفورية ويطلب فقط تحديد الموعد.
الشهادة العاشرة
ما إن تذيع الإذاعة أو يبث التلفزيون أن الشريف حسين الهندي سيجيب عن أسئلة الساعة في الساعة كذا، حتى يتحلق الناس حول الجهازين في انتظار أن يطل عليهم الشريف بوجهه الصبوح الواثق. "
كتاب "بصمة شمو" يحتوي على ثلاث شهادات عن الراحل الشريف حسين الهندي
"
عندما يصل الشريف حسين إلى التلفزيون قبل دقائق قليلة من موعد البث يدلف إلى الأستديو مباشرة، ليبدأ في الإجابة عن الأسئلة الساخنة بصدر رحب ممزوجاً بهدوئه المعهود ولسان عربي فصيح ولغة بليغة معبرة.
يستند الشريف حسين في الرد عن الأسئلة الصعبة على ذاكرة نادرة تختزن كل التفاصيل والأرقام التي تتضمنها مشاريع وزارة المالية المختلفة.
كانت ذاكرة الشريف تثير دهشة حسب الرسول أحمد عرابي وكيل وزارة المالية آنذاك، وقد كان أول شيء يفعله بعد أن يستمع إلى حوار الشريف حسين مراجعة الملفات، ليتأكد من هذه الأرقام.
وكان يكتشف أن الأرقام صحيحة جداً، وكذلك الإيضاحات التي يقدمها الشريف حسين دقيقة جداً.
والمآثر في سيرة الشريف حسين تستدعي الاهتمام، ليت سميه الصديق العزيز الشريف حسين إبراهيم الهندي يسعى لتدوينها وتوطئتها.
الشهادة الحادية عشرة
تحفظ ذاكرة علي شمو للراحل المقيم الشريف حسين الهندي شهادة جديدة تحمل مآثر حميدة، فقد كان الهندي وزيراً للمالية حين احتضنت الخرطوم في العام 1967 القمة العربية التي عرفت بقمة اللاءات الثلاث، وهي القمة التي ردت الروح إلى الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.
وأصل الشهادة أن الشريف حسين هو العضو الثالث في وفد السودان، وقد لعب دوراً بارزاً في تقريب وجهات النظر في القضايا الشائكة التي كادت أن تطيح بأعمال المؤتمر.
أما الجديد في هذه الشهادة، فهو أن الشريف حسين الهندي كان العقل المدبر للوثيقة المهمة الخاصة بدعم وتحديد الأموال اللازمة لدول المواجهة مع إسرائيل، وهي: مصر، الأردن، وسوريا.
واقترح الشريف حسين في تلك الوثيقة أرقاماً محددة من المبالغ تدفعها كل من: السعودية، الكويت، وليبيا، لتساهم بها في توفير لدول المواجهة.
وقد قبلت الأرقام التي قدمها الشريف حسين كما هي، والتزم الجميع بها. وكان ذلك المقترح من أهم القرارات العملية التي تصدر في مؤتمر للقمة العربية حتى الآن.
شهادة نادرة
في ختام تذكر الشريف حسين الهندي نلتقط شهادة نادرة نقلها الصحافي القدير الهندي عز الدين عن اللواء عمر محمد الطيب النائب الأول لرئيس الجمهورية ومدير جهاز الأمن القومي (1978 - 1985).
وتفيد الشهادة أن اللواء عمر أبلغ الرئيس جعفر نميري بوفاة الشريف حسين، (فما كان من نميري إلا ورفع يديه بالفاتحة، ثم قال: أمانة ما مات راجل).
هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.