نقطة أولى بدأ العام الذي سينصرم كسابقاته متعثر في كثير من الملفات غير أنه مليء بالثوار وطموحهم بمختلف مشاربهم الجدد والقدامى والطرق الشديد والهتاف العالي ، انتهى العام ولم تبارح الإلحاحات مكانها تتأرجح الحريات شطر الثورة بين الانفلات والقبض بين السماح والغلق لم تجز هياكل الدولة في مستواه الأعلى غير هذا الذي بين أيدينا، تأخرت تنمية العام غير ثقب صغير على مغرب الشمس لم يفد في حياة الناس ومعاشهم لكنه يفسرها بمفهومه الشاخص، انتهى العام وللموت اصطباح ومقيل لم يترك مدينة وقرية وفريقاً، ولهذا نمتثل فهو محتوم، فقد اختار نهايات العمر في الصفوف جميعها، انتهى العام والخوف والفزع والجوع يسيطر على ألوف الناس وهم يرابطون بالبيوت بلا عمل وفي دول المهجر بلا سفر وبالكمامات ذعراً وفزعاً، انتهى العام والشك والظن متلازمتان، انتهى العام والضرورات لم توجب تجديد المفاهيم والأفكار والرؤى وما أعادت النظر في شطري الرقي الروحي كهدف عقدي متفق عليه في سواد الناس واتجاهاتهم، وشطر الرقي المدني وعماده إقامة ثلاثية الشعار، تجمدت الحياة على حالٍ واحدة، دون النظر في مطلوبات ومقتضيات المرحلة الراهنة، وما اقتضت إلى سمة الاعتدال والتوازن، ثم جرعة كثر جرأة في العمل السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري والتربوي الذي تتكون على أثره القاعدة الجماهيرية. انتهى العام، وفيه تغيرت حولنا معالم دول وتحركت أخرى، تغيرت أطماع جماعات الضغط وضمرت غيرها، سقطت حكومات وحلّت أزمات ثم حصدت الجائحة كريهة الطعم شخوصاً وأموالاً، وأغلقت أجواء وحدوداً، زادت في عامنا المنصرم معدلات العنف والجريمة في المجتمعات، صور قاتمة في أفريقيا وبوادر صراع فرضها العام، غلق بدأ في الحياة الأوربية، تراجع في أسيا وحروب في جيوبها، شح في غذاء البشرية وانعدام للسلام بين شعوبها جميعهم . لم يحج الناس لبيت الله الحرام، والحذر كان أكبر من امتثال القدر، انتهى العام وتقدمت أعمارنا وتأخرت أعمالنا. نقطة ثانية دولة السودان التي يصادف استقلالها بداية العام الجديد، تحركت ببطء شديد نحو الحياة الإنسانية والحقيقة لم تبرح الأقدام لم يفرق الناس في عامها بين الثورة والجيش والشعب والانقلاب والتغيير والإسقاط والمعاش، في هذا المناخ كتب الصحفيون والكتاب ما كتبوا وسطر بعضهم قصص التلاقي بين الأحزاب والأفراد والنظام بشقيه العسكري والمدني والعودة والخروج والبرنامج والولاء للوطن والنظام والمشاركة في البناء السياسي للدولة، لعبت البيوت السياسية دور الرائد والمبصر والمثقف، غالبها كان بعيداً عن التأجيج والهرج السياسي إلاّ قليلاً، وكلها ظروف مرت بها البلاد وكلها (حِيَن) التاريخ أي فرصه بعضها أصاب البلد بجراح وفي أخرى أحدثت إفادة نهضوية غلب عليها إغلاق الوباء للمسارات، حدثت نقلة نظرية في كيفية التداول السلمي للسلطة بتحديد عمر فترة الانتقال من حيث التفكير والمبادرة والمشاركة والنضج . ليس من المنطق أن نتنازع في أرضنا ونختلف على كيفية الحكم، بلادنا ليست رقعاً أرضية في العالم تعيش فيها مجموعات سكانية متجانسة أو أكثر تعدداً من غيرها في العروق واللغات والسحنات والأسماء والأديان والأفكار والتقاليد، أو لأن من سكانها أحمد ومحمد أحمد أو هي (خلا) أو مرعى عام أو تجمع سوق للماشية أو أن سكانها يمثلون ثلث سكان الكرة الأرضية أو أن موردها يغني سكان أفريقيا من الجوع والعطش والخوف والموت !! كل هذا لا وألف لا، الحقيقة المعروفة التي وضعت (البلدة) في نزاع يا سادة بين كبار وليس منهم وللأسف هذا وذاك وهؤلاء وأولئك!! بل الأفصح من يشجع حتى للحوار المفضي للسلام سحراً يحبذ الانقسام ويستغل الظرف ويثير التميز والامتياز ويبعث الكِبر وتغذية المشاعر بالكراهية.. القضية بسيطة جداً… بسيطة، وبتوفير هذه المعلومات القديمة والمستحدثة واقتحامها لساحة التفكير العليا لعقلية صناع القرار يجب الاستدراك والفعل أن الحرب أصلاً ملعونة تحلّ ما ليس لها.. تقتل وتنتقم.. لا تفرّق بين كبير وصغير.. بين بلدة ومدينة كلهم مستهدفون هي لا تعرف شيئاً .. هي تدمر .. هنا يرفضها العقل السوي. نقطة ثالثة المطلوب، ونحن نستقبل عاماً جديداً من عمر السودان وأهله تحديد نقاط القوة والضعف والجنوح عن الصغائر وزيادة أوار النار!! لما لا نختار من التجارب جلاء نهار ووضوح رؤى؟؟ وقول الحقيقة فلا تمثل هذه القدوح جرحاً يُؤلم صاحبه ولا تشعباً يفرّق فريقه، على أن تراعي النخب السياسية العاجزة سناً منها والناقدة فكراً فيها المبادئ التي تجمع أهل السودان أكثر من التفرقة بجعل خيارات الوطن وشخوصه المخلصين في كواكب العيون بلا مجرات وسرى خلف الأفراس وأن تقيّد نفسها في الصدق والحقيقة حتى يجيء ضوء النهار. التجربة الحالية من الحياة تتعثر وهو ليس كالذي سبق بأيام الاستقلال ونظمه الوطنية المتعاقبة، لكنه دولة واحدة يختلف أبناؤها في طبيعة الحكم منذ فترة لمحاولة فرض واقع جديد والفرق كبير بينه وبين الزمان والمكان رغم الميراث المتصل ومؤشر التحكم العالمي والمحلي مالاً وسلطةً وإعلاماً وإرادةً وسيطرة. التعثر محاولة لتكرير الشريط القديم لكسب سقوفات أعلى لنتائج أكبر هي يمكن أن تطيل أمد اللاحرب واللاسلام بالمناطق المستهدفة في بلادنا إن لم يصبح العام الجديد بحال أجد في هذه الحالة يصاب مجتمعنا بالوهن والوهم وتقل فيه آمال الحل والشك والظن في مآلات الحرب والسلم، وهي صارت ومعروفة ومعلومة حتى لتلاميذ المدارس وعامة الناس غير المشتغلين بالسياسة. جملة النقاط الالتفاف والتحالف والوحدة السياسية والشراكة الوطنية تفرّق بين الإسقاط والتغيير، فهذه لن تقعد بفكرتهم.. نفقد كثيراً الروح في الأسلوب في التصور البنائي للعلاقات والكلمات والجمل والواقع هناك فرص للعمل والمساحات مفتوحة الحقبة الزمانية منتهية العام تحاشت نقاطاً وقدرات ومعارف وتجارب ربما تولد الأيام وتوشك الأفضل وحينها نتجاوز الروح الاستعلائية وهي نتيجة طبيعية للتخلف والنسخ الخطأ ل(البروس) لحين وقت التيراب المبلل بالمطر الحلال لانتزاع الإرادة في أدق لحظة تاريخية تمر بها بلادنا . الخطر يأتي عظيماً للخروج من دائرة التكوين الوطني بقدر ضئيل من المعرفة والاحتياج والانكفاء والنظر تحت الأقدام .. الصوت الأعلى والأكبر والأقوى ليس للروح وحدها لأنها شفيفة.. لكنه للوطن وبعده التفكير في بناء المدينة ثم التفرقة بين النظام والوطن رغم أن الفارق ليس بحاجة إلى حصة إضافية. كل عام وأنتم خير..