ازرع شجرة فتردُّ لك الجميل، تُطعمك من ثمارها، وتمدّك بسبعة ليترات أوكسجين يومياً، أو على الأقلّ تُظلّلك وتُجمّل حياتك بخضارها، وتدعو أغصانها العصافير لتُزقزق قي حديقتك.
تأتِي بإنسان وتزرعه في تربتك.. فيقتلعك أوّل ما يَقْوَى عُوده، يَتمدّد ويُعربش، (...)
لا بدَّ للرجال أن يستعيدوا حقّهم في البكاء، أو على الحزن إذًا أن يستعيد حقّه في التهكُّم.
وعليك أن تحسم خيارك: أتبكي بحرقة الرجولة، أم ككاتب كبير تكتب أيضًا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية؟ فالموت كما الحبّ أكثر عبثيّة من أن تأخذه مأخذ الجدّ.
لقد (...)
كم تمنيتُ لو أننّي التقيتُ به .
كنتُ جاهزة لأن أسافر إلى بلاد ما توقّتُ زيارتها يوماً كي أراه . أن أعبُر القارات لأقول له بالعربية التي عشقها ” شكرًا ” و أعود بحفنة من حكمته التي وُلدت في قرية تسادا النائية ، فلا يمكن أن تكون في حضرة آخر سلالة (...)
قرأتُ مرّة، أن كازنتازكي، الذي حتمًا لا يختلف عن بطل روايته «زوربا» في تعامله مع الحياة، بتلك الطريقة الفلسفيّة النادرة، التي خلقت له ملايين الأتباع بين قرّائه في العالم، كتب في سيرته الذاتيّة، أنّه كان يزور أثينا، المدينة التي ملأته بالدهشة (...)
لا يمكن لشخص أن يحظَى بكل النِّعم، فلكلِّ نعمة ما يُعادلها من ضريبة، حتى لتبدو النِّعمة حين تتجاوز حدّها، لعنَة وقصاصاً، لا يُحسَد صاحبها عليها. فالجمال الصارخ صنع تَعاسَة مارلين مونرو، وأوصلها، تماماً كما أوصل داليدا ورومي شنايدر، إلى الانتحار, (...)
قلت:
– كم لنا من البدايات لقصّة واحدة!
أجاب:
ولهذا كنت واثقًا تمامًا، أننا سنلتقي. بل إنني تصوّرت لنا لقاءً مشابهًا لهذا..
ثم توقّف قليلاً وواصل:
– أتدرين لماذا تركت لسائق التاكسي حرّيّة اختيار مكان لنا، وجازفت بموعدنا الأوّل؟
وقبل أن أسأله «لماذا؟» (...)
أَحبَّها، دلّلَها، عشقها، خاف عليها، حماها، بكاها، أبكاها، ما غار عليها من الآخرين، غار عليها من الفشل. أرادها الأولى في كلّ مادّة. قسا عليها كي لا تقبل بأقلّ من القمّة. صقلها كي تلمع كألماسة حيثما وُجدت. وضعها أعلى السلّم ثم سحب من تحتها السلم حتى (...)
لعلّ أقصر طريق لمعرفة الكثير عن شخص ما في ظرف ساعتين ، هي أن تكون ضيفا على مائدته ، أو تدعوه للغداء.
قبل عقدين من الزمن كانت إحدى قريباتي مخطوبة لشاب من بلد مجاور، عائلة محترمة ، الوالد جراح والأم مديرة ثانوية ، وكانا اتفقا على الزواج إلى أن ذهبت (...)
دعتني السيدة إيستير أدلير عمدة جنيف للغداء ، بصفتي الرئيسة الفخرية للمهرجان الدولي السينما الشرقية . موعد تمّ حجزه قبل شهر من وصولي إلى جنيف ، وقبل الموعد بأسبوع اعتذرت مديرة مكتبها عن وصولها متأخرة 15 دقيقة بسبب اجتماع سياسي طارئ . لم يكن أحد (...)
فأن تتواضع يعني أن تعتقد بأنك مهمّ لسبب أو لآخر، ثم تقوم بجهد التنازل والتساوي لبعض الوقت بالآخرين، من دون أن تنسى أثناء ذلك أنك أهمّ منهم. هذا الشعور لم أعرفه يوماً. لقد كنتُ دائماً امرأة، لفرط بساطتها، يعتقد البسطاء والفاشلون من حولها بأنّها منهم، (...)
ما أسعدَني بكَ
مُتربِّعاً على عرشِ البهاء
مُترفِّعاً.. مُتمنِّعاً عَصِيَّ الانحناء
مُقْبِلاً على الحبّ كناسك
كأنّ مهري صلاتُك
يا لكَثرتِكْ
كازدحامِ المؤمنِ بالذكرِ
في شهرِ الصيام
مزدحمٌ قلبي بكَ
* * *
كيف لي أن أرفعَها
صلاتَك
أن أسبّحَ (...)
لماذا انتظار الآخرة لدخول الجنّة، إن كان بإمكانهم بلوغها في بضع ساعات على ظهر مركب؟
تشكّلت طوائف انتحاريّة من أحفاد طارق بن زياد، الذي أحرق خلفه المراكب، حتى لا يترك لجنده إلا احتمال الوصول منتصرين. «الحرّاقة» ألغوا أي احتمال للرجوع، بإحراقهم جوازات (...)
مذ انتشرت ظاهرة «الحرّاقة» وأنا مسكونة بقصص نهاياتهم المفجعة. جمعت من مآسيهم ما يفوق رواية، وعندما ألقى البحر بذلك الكمّ من جثثهم على مكتبي، ما عرفت كيف أكتب عنهم.
«الحرّاقة» ليسوا من يحرقون أنفسهم، بل من يحرقون كل ّ شيء خلفهم. أكتبوا هذه الكلمة على (...)
إنه رمضان ولكلٍّ رمضانه ..
من يحن إليه وينتظر على لهفة قدومه
ومن يعد الأيام في انتظار رحيله
من يعيشه كما لو أنه آخر رمضان قد يصومه
وآخر يسافر حيث لا حر و لا قيظ هرباً من ” جحيمه ”
من ينتظره لمزيد من التكاسل
ومن يراه ذريعة للعصبية و التشاجر
من يريده (...)
نتستر على مواعيدنا العاطفية ، خشية أن يرانا الناس . ولا نتنبه والناس تقصد المساجد عند رفع الأذان ، بأن الحب العظيم لا يضرب موعداً في السر، فالله يباهي بمن يحبه ، ويناديه عبر المآذن ليذكره بموعده ، ويستقبله في بيته أمام الملأ ، ويشهد الملائكة على كل (...)
لا أجمل من رمضان موعدًا .
كل المواعيد قدرها أن تنتهي ، و حينها تصبح ذكريات . إلاّ رمضان فحين يرحل يغدو الماضي معه حسنات .
كل المواعيد قدرها الألم والندم ، لأنها لا تدوم و تمر على عجل .لا نعي ونحن نغرف من مباهجها أنها تحمل في سعادتها ألمنا المستقبلي (...)
ذات يوم سألتك ” هل تحبينني ؟..”
قلتِ :
– لا أدري.. حبك يزيد وينقص كالإيمان !
يمكن أن أقول اليوم ، إنّ حقدي عليك كان يزيد وينقص أيضاً كإيمانك..
يومها أضفتُ بسذاجة عاشق :
– وهل أنتِ مؤمنة ؟
صحتِ :
طبعاً.. أنا أمارس كل شعائر الإسلام.. وفرائضه .
– وهل (...)
أحبتي . . في رمضان الماضي كتبت أنصحكم ألا تهدروا ليالي رمضان في مشاهدة التلفزيون ، ولا أيامه في متابعة الأنترنيت . إنّ الوقت في رمضان زمن سرمديّ، لا يُقاس بالدقائق والساعات ، بل بما يمكن أن يحققه دعاء أو صلاة من معجزات . إن كنت أستمر في التواصل معكم (...)
من أين للإنسان كلّ هذا الجشع للمال. فتراه يهدر حياته في جمعه و تكديسه، و كأنّه سيعمّر و يخلد على الأرض، ما خلد الكون.
ما هذه الشراهة إلى المكاسب الماديّة، التي تجعل من الإنسان كائناً لا يشبع، ولا سقف لمطالبه الدنيويّة. ما دام يعي أنّه يجمع لغيره ، و (...)
كانقطاع مفاجئ للكهرباء، اختفى صوته بغتة بعد تلك الإضاءة المُعمية للبصر. انقطعت لهفة هواتفه. اتّصلت به مرّتين، لكن كلّما ظهر رقمها على شاشته كان يتعمّد عدم الردّ ليتركها تائهة في خضمّ الأسئلة، يساورها الندم على خطأ اقترفته ولا تدري ما هو.
هو لا يشرح (...)
أمام هذه الجماهير الطامحة إلى النسيان، المناضلة من أجل التحرّر من استعباد الذاكرة العشقيّة، أتوقّع أن يتجاوز هذا الكتاب أهدافه العاطفيّة إلى طموحات سياسيّة مشروعة. فقد صار ضروريًّا تأسيس حزب عربي للنسيان.
سيكون حتمًا أكبر حزب قومي. فلا شرط للمنخرطين (...)
كلاهما ضربة قدر صاعقة لا تفسير لها خارج “المكتوب”. لذا، تتغذّى الأعمال الإبداعيّة الكبرى من الأسئلة الوجوديّة المحيّرة التي تدور حولهما.
ذلك أنّه لا أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره، ليأخذ هذا الشخص دون سواه، بهذه الطريقة لا بأخرى، (...)
الصمت لا يزعجني. وإنّما أكره الرجال الذين، في صمتهم المطبق، يشبهون أولئك الذين يغلقون قمصانهم من الزرّ الأوّل حتى الزرّ الأخير ،كبابٍ كثير الأقفال والمفاتيح، بنيّة إقناعك بأهمّيّتهم.
إنّه باب لا يوحي إليّ بالطمأنينة. وما قد يُخفي صاحبه خلف ذلك الباب (...)
، بكاها و أبكاها ، ما غار عليها من الآخرين ، غار عليها من الفشل . قسى عليها حتى لا تقبل بأقل من القمة. صقلها كي تلمع كألماسة حيثما وُجدت. وضعها أعلى السلم ، ثم سحب السلم من تحتها حتى لا تنزل درجة عن أحلامه. عبر حياتها كنهر و مضى إلى مصبه صوب البحر، (...)