يا عيوني أسكبي دمع الحنين .. لو يفيد الدمع أو يجدي الأنين كانت معظم ألحانه الخالدة يستوحيها من ايقاع قدميه علي ماكينة الخياطة كان عازفا ماهرا وملحنا بارعا ومطربا رائعا اعجب به محمد عبد الوهاب وطربت له كوكب الشرق أم كلثوم دخل الإذاعة برائعة عبد الحميد يوسف أذكريني يا حمامة ثم أردفها بأول أغنياته حارم وصلي مالك سجل للإذاعة (120) أغنية من روائع الغناء السوداني الأصيل وصور بألحانه كلمات أغنياته كرمته الدولة بوسام العلوم والفنون والآداب الذهبي 1976 ووسام دار الأوبرا المصرية 1999 ووسام الجدارة 2005م مرت بنا أمس الجمعة الموافق السابع من يونيو 2013م الذكرى الخامسة لرحيل عملاق الأغنية السودانية الفنان الخالد عثمان حسين الذي إنتقل الى رحاب الله في مثل هذا اليوم من عام 2008م وورى جسده ثرى مقابر فاروق في موكب مهيب تقدمه السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير الذي أم المصلين. وبرحيل الفنان عثمان حسين إنطوت صفحة رائعة من تاريخ الغناء السوداني الأصيل المترع بالإبداع والعبقرية الفنية. وفي ذكراه الخامسة (2008-2013) يسرنا في صحيفة قوون أن نكتب بعض الأسطر عن هذا العملاق الذي ولد وعاش ورحل عملاقاً له الرحمة والمغفرة بقدر ما قدم من إبداع وإرث فني هائل سيظل خالداً إلى الأبد في سفر الأغنية السودانية الرصينة عبر التاريخ.
له الرحمة والمغفرة إنا لله وإنا إليه راجعون.
الفنان عثمان حسين
الاسم: عثمان حسين محمد التوم.
تاريخ الميلاد: 1927م مقاشي.
مسقط رأسه: قرية مقاشي مروي بالولاية الشمالية.
والده: حسين محمد التوم.
والدته: فاطمة الحسن النور.
أبناءه: صلاح وحسن ، وداد وسهام.
زوجته: فردوس أحمد مصطفى.
هاجر الفنان عثمان حسين وهو صغيراً لم يتجاوز سنه الخمسة أعوام عام 1932م من مسقط رأسه إلى الخرطوم حيث إستقر المقام بالأسرة في ديم التعايشة.
مراحله التعليمية
إلتحق وهو صغير بخلوة ود الفقير بمقاشي قبل رحيل الأسرة إلى الخرطوم وكان ذلك عام 1931 ثم بعد استقرار الأسرة بالخرطوم التحق بخلوة الشيخ محمد احمد بالديم ثم بعد مرحلة الخلوة إلتحق بمدرسة الديم الأولية وبعد أن أكمل المرحلة الأولية ولظروف الأسرة ورغبة والده إتجه عثمان حسين إلى البحث عن عمل يدر عليه وعلى الأسرة دخلاً فالتحق بدكان الترزي محمد صالح زهري باشا وكان من أشهر «الترزيه» في الخرطوم.
عمله
بعد التحاقه بدكان الترزي محمد صالح زهري باشا بالخرطوم أصبح يحيك الملابس النسائية ويترنم بأغنيات الفنان الكبير الراحل أحمد المصطفى عميد الفن السوداني بجانب إعجابه بأغنيات الراحل إبراهيم الكاشف وكانت أقدامه وهي تدوس علي عجلة ماكينة الخياطة وما تحدثه من صوت يمثل بالنسبة له إيقاعاً لحنياً محبباً إلى نفسه وكان بعد خروجه من دكان الترزي محمد صالح زهري باشا يذهب مباشرة الي مقهى العيلفون للإستمتاع بالأغنيات الخالدة من جهاز الراديو القديم بالمقهى ولم يعجب ذلك الترزي محمد صالح زهري باشا والذي أخطر والده بذلك وكان والد عثمان حسين يعمل يومها بوزارة الزراعة فأمره بترك دكان الترزي محمد صالح وأسس له محلاً صغيراً ليمارس فيه مهنة الترزية ففرح عثمان حسين كثيراً واعتبر أن تلك فرصة ذهبية له للإنطلاق بحرية في سماء الفن والأغنية السودانية وكان عثمان يمتاز بصوت رائع وحنجرة ذهبية أهلته لإعتلاء عرش الأغنية السودانية فيما بعد.
مسيرته الفنية
بدأ الفنان الخالد عثمان حسين مسيرته الفنية عازفاً للعود في فرقة الفنان عبد الحميد يوسف والذي كان يعتبره أستاذه الأول ومثله الأعلى وتشكلت موهبته في حي السجانة الذي كان يسمى «بحي المبدعين».
إلتحاقه بالإذاعة السودانية كمطرب
في عام 1947م ترك الفنان عثمان حسين فرقة الفنان عبد الحميد يوسف والذي كان يعمل ضمن أفرادها عازفاً للعود وانتقل مباشرة من عازف الى مطرب حين طلب متولى عيد مدير الاذاعة من طه حسين شقيق الفنان عثمان حسين ترشيح فنان شاب ليطل عبر الإذاعة على آذان المستمعين فقام طه بترشيح شقيقه عثمان حسين والذي قدم أغنية «أذكريني يا حمامة» لعبد الحميد يوسف ثم أردفها بأول أغنياته «حارم وصلي مالك .. يا المغرد كمالك» لمحمد بشير عتيق والتي يقال أن الشاعر محمد بشير عتيق كتبها في زوجة الراحل عثمان حسين السيدة فردوس أحمد مصطفى والتي أيضاً كتب فيها «الجاغريو» أغنية «صادفني الحبيب بي حشمه سالمني» وبعد أغنية حارم وصلي مالك توالت أغنيات الفنان عثمان حسين حتى بلغت نحو (120) أغنية مسجلة في الإذاعة السودانية.
عازف ومطرب وملحن
كان عثمان حسين نموذجاً للفنان الكامل «والكمال لله وحده» حيث كان عازفاً ماهراً وملحناً بارعاً ومطرباً رائعاً قام بتلحين جميع أغنياته البالغة (120) أغنية بنفسه ما عدا أغنية «تسابيح» والتي يبدأ مطلعها ب«وحاة عينيك ما تزعل لما عيوني تتوسل» للشاعر محمد يوسف موسى حيث قام بتلحينها الموسيقار عبد اللطيف خضر «ود الحاوي» بطلب خاص منه ووافق على طلبه ورغبته الفنان عثمان حسين.
أغنيات عثمان حسين
الشاعر محمد بشير عتيق
حارم وصلي مالك ، ذكرى ، أول غرامي ، حبيبي سافر ليه.
الشاعر حسين بارزعه
الوكر المهجور ، القبلة السكرى ، حبي ، أنا والنجم والمساء ، لا وحبك ، شجن ، من أجل حبي ، المصير ، أنت لي ، ليالي القمر ، أجمل أيامي ، بعد الصبر ، لا تسلني ، أرضنا الطيبة ، قصتنا ، ذكرتني ، لا تقلها ، ازمة ثقة.
الشاعر السر دوليب
مالي والهوى ، قلبي فاكرك ، ما بصدقكم ، ريدتنا ومحبتنا ، أنا وحدي طول الليل ، كفاية ، داوم على حبي ، أرويني.
الشاعر عوض أحمد خليفة
شتات الماضي ، عشرة الأيام ، نوره ، خاطرك الغالي ، خلي قلبك معاي شوية ، صدقيني ، ربيع الدنيا ، صرخة الشوق.
الشاعر صلاح أحمد محمد صالح
مات الهوى ، وداعاً يا غرامي ، نابك أيه في هواه ، أيام الغرام ، ليالي الغرام.
الشاعر محمد يوسف موسى
الدرب الأخضر ، الحب كده ، تسابيح.
الشاعر عبد المنعم عبد الحي
ناس لا لا ، أوراق الخريف ، يا ندامي الراح.
الشاعر إسماعيل حسن
ألمتني ، حبيبي جفا ، ليالي الغربة ، عارفنو حبيبي.
الشاعر قرشي محمد حسن
خمرة العشاق ، الفراش الحائر ، اللقاء الأول.
وغنى للشعراء
حسين عثمان منصور وحياة عيون الصيد وللتجاني يوسف بشير محراب النيل وللتنقاري كيف لا أعشق جمالك ولحميدة ابو عشر ظلموني الأحبة ولعبد الله حامد الأمين كلمة منك حلوة ولحسن عبد الله القرشي غرد الفجر ولخليفة خوجلي ان تريدي يا ليالي تسعدينا ولعمر البنا زيدني في هجراني وغنى طيبة الأخلاق لخضر حسن سعد ومن عيونك يا غزالي لعلي شبيكة وأوعديني للزين عباس عماره وأحلى البنات لعثمان خالد ورسالة شوق لمحمد سعد دياب ولرحمي سليمان ودعتك ولعبد المنعم الجيلي ليه تسيبنا يا حبيبنا ولحسن عثمان البدوي ذكريات وللفيتوري الملايين ولعلي محمود الفاتح يا جارة ولمصطفى سند المبايعة ولفضل الله محمد الاشتراكية ولعبد الرحمن الريح الفريد في عصرك «ومعذرة ان فاتت علينا بعض الأغنيات».
عبقرية الفنان عثمان حسين
تجلت عبقرية الفنان عثمان حسين في ألحانه الرائعة التي كان يضعها بنفسه باعتباره عازفاً ماهراً لآلة العود التي تعلمها علي يد عازف العود الماهر يحي زاهر السادات وكانت كلمات كل أغنية توحي له في معانيها بسيل متدفق من الألحان التي يترجمها إلى أنغام رائعة تسكر الدواخل وتدغدغ الأحاسيس وتأخذ بالألباب.
الأغنية الوطنية
غنى «أرضنا الطيبة» عام 1956م وهي من كلمات حسين بارزعه بمناسبة الإستقلال كما غني «عرس الدم» لثورة أكتوبر 1964م كلمات الفيتوري وغنى «الإشتراكية» للشاعر فضل الله محمد بجانب «العودة الي اليرموك» للشاعر صلاح أحمد ابراهيم وغنى رائعة التجاني يوسف بشير «في محراب النيل» ووضع لها موسيقى مدهشة.
تصور كلمات الأغنية وانسياب النيل والصور الجمالية والإبداعية والتاريخية التي تذخر بها القصيدة وكان الراحل عثمان حسين معجباً بها ومعتزاً بها وظل يردد أنه كان يحلم بأداء أغنية «للنيل» مثل العملاق العربي محمد عبد الوهاب الذي تغنى برائعته «النهر الخالد» لذا فلقد وجد ضالته في أغنية «محراب النيل» الخالدة والتي أشادت بها سيدة الغناء العربي «أم كلثوم» كوكب الشرق في زيارتها للسودان عام 1968 والتقت بالفنان عثمان حسين وبلغته اعجابها بالأغنية.
تكريم الدولة لفنان الأمة
تم تكريم الفنان الخالد عثمان حسين بأوسمة ونياشين من قبل الدولة على النحو التالي:
1976م وسام العلوم والفنون والآداب الذهبي من الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميري.
1999م وسام دار الأوبرا المصرية بالقاهرة مع الأديب الراحل الطيب صالح.
2005م وسام الجدارة من الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير.
كما قامت بتكريمه العديد من النقابات والروابط والجمعيات داخل وخارج السودان والمغتربين بسلطنة عمان وغيرهم.
الفنان عثمان حسين في رحاب الله
يوم السبت الموافق 7 يونيو 2008م توقف القلب الكبير عن النبض وصمت قيثار الفن الجميل عن العزف فانتقل الفنان الكبير عثمان حسين الي رحاب الله وتم مواراة جثمانه ثرى مقابر فاروق في موكب مهيب كان استفتاءً حقيقياً لمحبة الجميع الذين سكن قلوبهم الراحل الكبير يتقدمهم السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير الذي أم المصلين بنفسه ثم ترحم علي الراحل الكبير داعياً الله له بالرحمة والمغفرة والقبول.
لك الرحمة والمغفرة أيها الخالد في قلوبنا حتى نلتقيك في دار الخلود باذنه تعالي..