من عجائب عجائب الحكومة السودانية تأكيدها على السعي في سياسة التحرير ورفع الدعم عن السلع الاساسية بما في ذلك القمح الذي يعيش عليه السودانيون والبترول الذي يدخل في كل تفاصيل الحياة .. الحكومة التي تحملت ما تحملت في سياسة التحرير الاقتصادي تدعم كرة القدم السودانية بملايين الدولارات وتصر على عدم رفع الدعم عنها رغم ان دعم الكرة السودانية يعطل تطورها ويقود الى تدهورها مع استنزاف موارد الدولة المحدودة اصلا .. وبنظرة عامة وبدون تفاصيل فاننا نجد الدولة تدعم كرة القدم السودانية دون ان تستفيد هي او كرة القدم من هذا الدعم ودون ان تكون الدولة قادرة على اتخاذ قرارات كبيرة في كرة القدم السودانية رغم انها الداعم الاول لها ودون ان تتابع الحكومة او الدولة هذا الدعم والذي يذهب في كثير من الاحيان لمصلحة افراد محددين ولا تستفيد منه كرة القدم رغم انه يقدر بملايين الدولارات في دولة تبحث عن الدولار لاستيراد القمح والبترول ! ولا اعتقد ان القارئ يحتاج الى تذكير بملايين الدولارات التي تصرفها الدولة على الهلال والمريخ مما يخلق عدم توازن في اكبر منافسة وهي منافسة الدوري الممتاز فيقتل التنافس فيها لان الهلال والمريخ وبحكم النشأة والتاريخ يجدان اصلا دعما من المجتمع والاعلام يخل بعدالة المنافسة لتأتي الدولة و(تديها سوط) بدعم مستمر والشئ المؤسف انه بلا رقيب او حسيب !! ولنضرب مثلا بسيطا بتسجيل الثنائي (وارغو واتوبونج) ثم نتحدث بعد ذلك عن الدعم الغريب الاخير للمريخ لانه فاز ببطولة سيكافا وهي بطولة لا قيمة لها وان كنا نجد العذر لاهل المريخ للاحتفال بها فان الدولة ما كان لها ان تدخل في ذلك وتدعم المريخ بالمليارات لانه فاز ببطولة الدوري الممتاز اقوى منها والدليل علي ذلك الانتقاد العنيف لاداء المريخ بطل سيكافا من قبل الاعلام المريخي منذ ان عاد المريخ بكاس البطولة الضعيفة ! يمكن ان نتحدث عن دعم الدولة وعدم مراجعة هذا الدعم في كثير من الامثلة ولكننا نود التركيز اليوم على الحدث البارز في الايام الماضية وهو رفض المريخ لتلفزة مباراته امام النيل الحصاحيصا لنؤكد على فوضى دعم الدولة ! نقل مباريات الدوري الممتاز عبر قناة (النيلين) بقرار حكومي والزام القناة بنقل المباريات مع دفع مبلغ مادي كبير للاتحاد والاندية هي في الاصل غير قادرة عليه وبالتالي تلتزم به وزارة المالية امر غير مقبول في عالم الاحتراف ويقود الى كذبة كبيرة مفادها بان الدوري السوداني يباع بقيمة مادية عالية وهي قيمة غير حقيقية والدليل على ذلك ان التلفزيون لا يستطيع دفع هذه القيمة والغريب ان الحكومة تجاهر بانها تدفع هذا المبلغ وان وزير المالية يتحدث عن ذلك والسيد محمد الشيخ مدني يدخل وسيطا لتقوم الدولة بدفع حقوق النقل التلفزيوني ! لو خرجت الدولة من التنافس على نقل الدوري الممتاز او تركت التلفزيون السوداني يتعامل مع هذا الامر على اساس تجاري فان هذا افضل للجميع فحينها سيعرف الاتحاد السوداني القيمة الحقيقية للدوري وستعرف الاندية كم تساوي في عالم النقل التلفزيوني وسيقدم التلفزيون السوداني او الشروق او حتى قناة قوون عرضا حقيقيا يتحدث بلغة السوق والاعلان وسيتخذ الاتحاد السوداني صاحب الحق في التسويق (حتى الان) قراره بناء على العرض والطلب وربما رفض العروض اذا وجد ان الدخل عبر الشباك فقط افضل له من العروض المادية او اتاح فرصة للاندية لتسويق مبارياته بصورة فردية! أول تسويق لحقوق النقل التلفزيوني للدوري الممتاز كان حقيقيا وواقعيا عبر قناة (الاي ار تي) التي كانت تدفع حقوق البث وقامت بانشاء قناة النيل الازرق وكانت تستفيد من الدوري الممتاز المشفر ماديا بصورة مباشرة وغير مباشرة بتنفيذ سياستها بالسيطرة على الاعلام في العالم العربي .. كما كانت تجربة (قناة قوون) حقيقية حتى ولو دفعت قيمة اكبر من قيمة الدوري الممتاز ولكنها في النهاية قناة تقوم على الربح والخسارة وليس على دعم الدولة .. كما ان الدوري السوداني ايضا كانت له رعاية حقيقية من شركة البيبسي كولا وشركة كوكا كولا بينما تقوم رعاية سوداني ايضا على تدخل الدولة بصورة او اخرى ! منذ سنوات تقوم قناة النيلين بنقل الدوري الممتاز وهو نقل مدعوم من الدولة ولا يقوم على اي اساس تجاري والدليل على ذلك الاعلانات الضعيفة المصاحبة لنقل المباريات بجانب عدم اهتمام القناة نفسها بالبرامج المصاحبة ولان الدوري (خسران) مع القناة فانها لا تهتم به كثيرا وهذا شئ طبيعي فيكفي القناة تكاليف نقل المباريات من مدن السودان المختلفة !! هذا الوضع به خلل كبير من كل النواحي بما في ذلك الناحية الاعلامية حيث لا يجد الدوري السوداني ما يستحق من برامج ومتابعة من قناة تخسر في كل شئ .. وفي النهاية فان الدولة التي تدعم هذا النقل لا تجد الا الاساءة عبر الهجوم على القناة وحرمانها من النقل !! انه وضع شاذ يستحق المراجعة من كل النواحي ! اسامة عطا المنان في اغرب تصريح ! رغم انني تعودت على التصريحات الغريبة للاخ اسامة عطا المنان في قضايا التسجيلات واللاعبين والمنتخب الوطني ولكنني استغربت من تصريحه بخصوص البث التلفزيوني لان اسامة عطا المنان عودنا على تصريحات قوية ومنطقية ومسؤولة في مجال النقل التلفزيوني ولكنه وفي تصريح لصحيفة (الصدي) امس اكد على ان من حق المريخ منع التلفزيون من نقل المباراة وقال لو ان القناة الناقلة التزمت بحقوق الاندية لما حدث ذلك ! الغريب في حديث اسامة تأكيده على ان حق الدخول للملعب ونقل المباريات حق اصيل للاندية ومن حقها ان تمنع التلفزيون من نقل المباريات رغم ان اسامة نفسه ظل يتحدث عن ان حقوق النقل والتلفزة والبث وقرارات المنع حق اصيل للاتحاد السوداني .. اسامة يدعو للفوضى وينسى انه هو صاحب القرار بمنع التلفزيون او السماح له بالنقل او فسخ التعاقد ومن الغريب انه يشجع الاندية على اخذ حقوقها بالقوة من قناة يتعاقد معها الاتحاد وليس الاندية ! واذا كان اسامة يرى بان تلفزيون النيلين غير جاد فقد كان من الاولى ان يتخذ قرارا من الاتحاد بايقافه بدلا من ان يتخذ القرار السيد متوكل احمد علي رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم في غياب دكتور معتصم جعفر المستمر !