جلسنا إلى المدير الفني السابق لنادي الأهلي شندي (ويبتو أباتي) المدرب الإثيوبي المعروف ونحن نسابق الزمن لأنه كان قد حزم حقائبه للعودة إلى بلاده عبر الخطوط الجوية الإثيوبية أمس السبت .. استقبلنا الرجل في بهو الفندق الكبير بأريحية هي من طبعه ,إذ الطبع يغلب التطبع .. كان ويبتو يحاول التماسك إلا أن الدموع التي طفرت من عينيه قد فضحت مدى تعلقه بالسودان وتحديداً إنسان ولاية نهر النيل بعد أن قضى في ربوع شندي حاضرة دار جعل قرابة العامين مساعداً للمدرب الفاتح النقر في الموسم الماضي 2014م ومديراً فنياً لفريق الكرة بالنادي الأهلي شندي في الموسم الحالي 2015م .تجاذبنا معه أطراف الحديث حول الأسباب التي دعته لحزم حقائبه والعودة إلى بلاده على الرغم من تعلق اللاعبين ومجلس الإدارة به وتعلقه هو بهم واستحسان جمهور نادي الآرسنال للجهد الذي قام ويقوم به مع الفريق ,إلى جانب العديد من المحاور والأسئلة التي لا تخلو من المطبات ولكنه أجاب عن تساؤلاتنا بكل أريحية وطيب خاطر.. وقد وضح من خلال جلستنا معه أن الدوري السوداني قد فقد مدرباً كبيراً وليس النادي الأهلي وحسب .. فهو رياضي من طراز فريد ويعرف كل صغيرة وكبيرة عن أندية الدوري الممتاز السوداني خاصةً ناديا القمة الهلال والمريخ.. وفوق هذا وذاك فهو إنسان على خلق .. تحدث بأخلاق الفرسان عن المشكلة التي جعلته يقرر عدم الاستمرار وقال إن نفسه تحدثه بالعودة للسودان متى ما سنحت له الفرصة، فقد طاب له المقام في بلاد ملتقى النيلين وأعجب أيما إعجاب بأخلاق الشعب السوداني وبالعادات والتقاليد المتطابقة بين الشعبين السوداني والإثيوبي، فمعاً لنغوص في عقل وفكر المدرب الإثيوبي (ويبتو أباتي):- 00 أولاً : هلا حدثتنا عن علاقتك بكرة القدم لاعباً ومدرباً قبل الوصول لمحطة الأهلي شندي؟ - بدأت الكرة مع أقراني في الحي وكنت لاعباً مميزاً امتلك الموهبة والمهارات الأساسية للاعب الكرة فالتقطتني أعين كشافي الأندية لأنضم في سن مبكرة لعدد من الأندية مثل الخطوط الجوية وأداما أحد أندية الدرجة الممتازة ..استمرت مسيرتي على العشب الأخضر 15 عاماً وبعد تعليقي لحذائي اتجهت مباشرةً لعالم التدريب، فأنا مثل الأسماك لا استطيع العيش بعيداً عن الملعب الأخضر مثلما لا تستطيع الأسماك العيش بعيداً عن المسطحات المائية. بدأت رحلتي في عالم التدريب مع النادي الذي شهد تألقي وارتباطي الوثيق بجماهيره ألا وهو نادي أداما وكان ذلك في العام 2004م . ومن ثم انتقلت لنادي ديدابيت الذي أسهمت في تأهله لمصاف أندية الدرجة الممتازة في إثيوبيا في العام 2009م، وقد كانت تجربة فريدة ومتفردة نالت إعجاب مراقبي كرة القدم في الهضبة الإثيوبية . وفي العام 2010م تحولت لتدريب نادي البن الإثيوبي أحد طرفي القمة في كرة القدم الإثيوبية مع غريمه اللدود نادي سانت جورج، وقد حصلت مع النادي على لقب بطولة الدوري الممتاز في العام 2011م بعد أن غابت عن خزانة النادي لثلاثة عشر عاماً والأمر الذي جعل رئيس النادي يمنحنى سيارة جديدة .. وخلال فترتي التدريبية في إثيوبيا حصلت على جائزة أفضل مدرب في الموسم مرتين. 00 إذاً كيف وصلت إلى تدريب النادي الأهلي شندي ؟ - جرت اتصالات معي من بعض محبي النادي الأهلي شندي في العام 2013م لأعمل مساعداً للمدير الفني للفريق وقتها المدرب السوداني الفاتح النقر ..وافقت مبدئياً لأنني دوماً أعشق التحديات وأثق في إمكاناتي ..ومن ثم كان الاتصال الرسمي بأحد الأشخاص الذين تربطه علاقة قوية براعي النادي الأهلي شندي الأستاذ صلاح الدين أحمد إدريس والذي اتصل بي مقدماً العرض بصفة رسمية فوافقت عليه فوراً واتجهت نحو العاصمة السودانية الخرطوم ومنها مباشرة إلى مدينة شندي معقل النادي الأهلي . 00 كيف وجدت الأجواء في قلعة النمور؟ - للحقيقة والتأريخ فقد كان عملي مع النادي الأهلي مساعداً للمدرب الفاتح النقر ممتعاً للحد البعيد ,على الرغم من أنها المرة الأولى التي أعمل فيها خارج حدود بلادي إثيوبيا ,ولكنني وجدت أجواء مثالية في النادي الأهلي شندي بدأت بالاستقبال الطيب من مجلس الإدارة واللاعبين والجمهور ,وطوال فترتي في العمل مع النادي الأهلي لم أجد سوى الحب والتقدير والاحترام من الجميع وكانت الأجواء طيبة للغاية ,ضف إلى ذلك تقارب العادات والتقاليد بين الشعبين السوداني والإثيوبي والتي تكاد تصل لمرحلة التطابق في كل شيء ولذلك لم أشعر يوماً بأنني غريب عن بلدي أو أعمل في بلاد الغربة، ومن هنا أشكر الشعب السوداني عامةً وإنسان مدينة شندي وولاية نهر النيل خاصةً على حسن استقبالهم لي وإكرامهم وإحسانهم وفادتي في الفترة التي قضيتها بين ظهرانيهم. 00 هناك أقوال تتردد هنا وهناك بأن التدخلات في الشأن الفني هي التي عجلت برحيلك عن قلعة النمور وتحديداً تدخلات راعي النادي الأستاذ صلاح الدين أحمد إدريس؟ - لقد ارتبطت كرة القدم في كل أنحاء العالم بالشائعات التي لا أساس لها من الصحة ولا ترتكز على شيء في أرض الواقع والسودان جزء من العالم الذي صار قرية عالمية ليس استثناءً .. وأقول بكل صدق إن شيئاً من هذا لم يحدث مطلقاً خلال فترتي مع النادي الأهلي شندي فقد أشرفت على عشر مباريات في الموسم السابق 2014م مديراً فنياً ,إضافةً لإشرافي على فترة الإعداد بالمعسكر الإعدادي الذي يسبق انطلاقة الموسم بجمهورية مصر العربية والذي تخللته سبع مباريات إضافةً لإشرافي على الأسبوعين الأول والثاني للموسم الحالي 2015م وطوال هذه الفترة لم تحدث تدخلات في عملي مطلقاً وخلال فترتي مساعداً للمدرب الفاتح النقر لم ألحظ أي تدخلات في الشأن الفني . 00 كيف تركت النادي الأهلي ,بمعنى درجة جاهزية الفريق لخوض غمار التنافس المحلي والأفريقي في هذا الموسم؟ - فريق الكرة بالنادي الأهلي من وجهة نظري فريق جيد ويلعب وحدةً واحدة تسعى لتحقيق هدف مشترك ولكن قوته تكمن في خط الوسط الذي يضم عناصر عالية الكفاءة ومشكلة الفريق الأساسية في المقدمة الهجومية التي لا تمتلك الفعالية المطلوبة لحسم المباريات بإحراز الأهداف ولكن بحصول الفريق على خدمات المهاجمين أتاك لوال والنيجيري كليتش أوسونوا فالمشكلة في طريقها إلى الحل .. ولسوء الحظ فإن أتاك لوال يعاني من إصابة بينما لم تكتمل الجاهزية البدنية للنيجيري كليتشي أوسونوا والذي بدأ في المشاركة المتدرجة ومع انضمام هذا الثنائي والمشاركة في المباريات أتوقع أن يظهر النادي الأهلي شندي بمستوًى أفضل من ذلك الذي ظهر عليه في الموسم الماضي.ففي حراسة المرمى هناك ثلاث حراس على أفضل مستوى هم: عبدالرحمن الدعيع ,عصام ويس وفي خط الدفاع هناك سفاري ,جلال وفارس وكذلك محمد عوض ووسط الملعب يمتلك ذخيرة من اللاعبين الجيدين، ولكن المستوى الفني لمجاهد فاروق ومهيد خالد ومحمد حسن ظل يرتفع بصورة مذهلة إضافةً لهيثم وحمودة بشير وفي المقدمة الهجومية ينتظر الفريق الدعم من الثنائي أتاك لوال وكليتشي أوسونوا. 00 بصفتك مديراً فنياً هل تم إشراكك في قرارات تسجيلات اللاعبين الجدد ؟ - لقد خاطبت مجلس الإدارة مع نهاية الموسم الماضي بالوظائف التي يحتاجها الفريق وكانت قلب دفاع، لأن محمد سيلا وصدام ظلا يعانيان من إصابات متكررة ,كما طالبتهم بالتعاقد مع مهاجمين ولم أطلب لاعبين في خط الوسط لأن خط الوسط به وفرة في اللاعبين ومهمة الجهاز الفني صعبة في إختيار العناصر التي تشارك في المباريات، وكما أسلفت فإن خط الوسط هو مصدر خطورة النادي الأهلي شندي. 00 إذاً كيف تعاقد النادي الأهلي مع اللاعب هيثم مصطفى؟ - هيثم دون أدنى شك يعتبر قيمة فنية كبيرة وبالنسبة للنادي الأهلي شندي يمثل إضافة ,بمعنى أن النادي الأهلي لم يكن في حاجة للاعب وسط ولكن هيثم مصطفى جاء ليضيف للنادي ويعطي زملائه من عصير تجاربه وسنواته الطويلة في الملاعب وقرار تسجيله في الكشوفات سليم ولا غبار عليه. 00 يقول البعض إنك قمت خلال مباراة الهلال الأخيرة بتبديل الإثيوبي أديس عوضاً عن هيثم مصطفى خوفاً من غضبة الجماهير فماذا تقول؟ - لقد أجبرنا على إجراء تبديل اضطراري في أولى فترات تلك المباراة نظراً لتعرض الحارس عصام لإصابة الأمر الذي أبقى لنا فرصة تبديلين فقط ,ولما كنا نحتاج لإحراز هدف أدخلت المهاجم النيجيري كليتشي أوسونوا ..ومن ثم كنت أريد لاعباً يمتلك الديناميكية فاخترت محمد حسن وكان أمامي تبديل واحد منحصر بين هيثم وأديس ولما أرتبك أديس وأكثر من التمريرات الخاطئة التي كادت أن تصيبنا في مقتل فضلت إخراجه والإبقاء على هيثم، علماً بأن هيثم وأديس يقومان بنفس المهام تقريباً ..وأنا مدرباً وطوال فتراتي السابقة واللاحقة لا ولم ولن يعرف الخوف طريقاً إلى قلبي، بل أتعامل باحترافية ولمصلحة الفريق الذي أشرف عليه فنياً. وأنا لا أخشى في قراراتي، وقد كانت المباراة أمام الهلال الفريق الكبير والمعروف في كل أرجاء القارة الأفريقية ولم تكن أمام فريق مغمور ,إذا كنت أشرف على مباراة أمام الهلال فأنا لا أخشى شيئاً. 00 كيف ترى فريق الهلال الحالي ؟ - الفترة لا تزال مبكرة على الحكم فلم يمض من الموسم التنافسي سوى مباراة واحدة فقط ,ومع ذلك أقول أنني وبحكم مواجهتي للهلال في الأسبوع الأول فقد تابعت مباراته أمام المريخ في درع الاستقلال في الأسبوع الماضي ..لقد كان الهلال جيداً في تلك المباراة في الشوط الثاني وأمامنا كانوا مميزين في خلق الفرص من هجمات منظمة وأخرى مرتدة ومن مختلف جنبات الملعب وكانوا مميزين أيضاً في الضربات الثابتة وهذا يعني أنه ومع مرور المنافسة سوف يتطور أداء الهلال كثيراً . 00 من هم أفضل اللاعبين في الدوري السوداني حالياً؟ - في خط الدفاع أعتبر أن سفاري هو الأفضل بدليل حصوله على جائزة سوداني في الموسم الماضي 2014م أفضل مدافع في الدوري السوداني وحصوله على جائزة رجل المباراة في لقاء الهلال الأخير..وفي وسط الملعب الأفضل هم الثلاثي أديس ,عماريه والشغيل.أما مهاجم الهلال كاريكا هو أفضل مهاجم في الدوري السوداني.. تمتلك معظم أندية الدوري الممتاز السوداني حراس مرمى جيدين ولكنني احترم جداً حراس مرمى النادي الأهلي شندي الثلاثة عبدالرحمن الدعيع ,عصام ويس. 00 وأخيراً هل انتابك الشعور بأن مجلس إدارة النادي الأهلي كان يبيت النية للاستغناء عن خدماتك؟ - لا .. لا مطلقاً لم أشعر بهذا الشعور فمجلس الإدارة وجمهور ولاعبي النادي الأهلي شندي كلهم يؤمنون بعملي وتجردي وإخلاصي في أداء مهامي وفي آخر مباراة أشرفت عليها كانت أمام الهلال ذلكم الفريق الكبير وكان الأداء متوازناً أي أن النادي الأهلي صار نداً للهلال .. ولكن ما دعاني للرحيل هو الاحترافية التي تتطلب عقداً مكتوباً بيني ومجلس إدارة النادي .. لقد جهزت الفريق للموسم بإشرافي على المعسكر الإعدادي بجمهورية مصر العربية وهو المعسكر الذي خضنا من خلاله سبع مباريات إعدادية، وإذا كان مجلس الإدارة ينوي الاستغناء عن خدماتي لفعل ذلك قبل إشرافي على المعسكر الإعدادي ولما ترك الأمور على هذا النحو حتى انطلاقة الموسم التنافسي.. قبل ذهابي لمعسكر القاهرة طالبت مجلس الإدارة بتوقيع العقد فطلبوا مني الانتظار حتى اكتمال المعسكر فقبلت ولكنهم لم يفوا بوعدهم فحزمت حقائبي من القاهرة رأساً إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأنا هناك اتصلوا بي مطالبين بعودتي للإشراف على الفريق على أن يوقعوا العقد معي بعد وصولي ,وبالفعل أرسلوا لي تذاكر السفر فعدت للإشراف على مباراة الفريق المهمة أمام الهلال ,وعندما وصلت سألني مدير الكرة عبدالمهيمن الأمين :هل تريد الانتظار لحين توقيع العقد أم تشرف على التدريبات قبل التوقيع فاخترت الإشراف على التدريبات، لأن الوقت يمضي ومباراة الهلال تقترب ولكنني قررت أن تكون مباراة الهلال هي الأخيرة لي مع الفريق إذا لم يوقع مجلس الإدارة معي العقد وهذا ما حدث. 00 ما هي خطوتك التالية ؟ - لا أحد يعلم بما يخبئه له المستقبل ولكنني بكل تأكيد سوف أعود للعمل بالسودان بالسودان، فأنا حزين لفراق اللاعبين والجمهور وأجواء الكرة السودانية وقد تأثرت كثيراً وأبنائي اللاعبين يتصلون بي وهم يجهشون بالبكاء لمغادرتي قلعة النمور .. وهنا يطيب لي أن أشكر النادي الأهلي شندي مجلس إدارة ولاعبين على إسعادي في الفترة التي عملتها معهم ولا أنسى زملائي في الجهاز الفني الرشيد فيصل ووليد طاشين ومدير الكرة عبدالمهيمن الأمين وشكر خاص للأستاذ صلاح الدين أحمد إدريس راعي النادي الذي منحني الفرصة للحضور للسودان والعمل في النادي الأهلي شندي . بسبب حبي للسودان وأجواء الآرسنال رفضت العمل مع المنتخب الوطني كشف المدرب الإثيوبي الكبير(ويبتو أباتي) بأنه رفض العمل مساعداً للمدير الفني للمنتخب الإثيوبي الأول لكرة القدم المدرب البرتغالي ماريانو باريتو، وذلك بعد اختياره في الثالث من يونيو من العام الماضي 2014م بواسطة رئيس الاتحاد الرياضي الإثيوبي لكرة القدم جوندين باشا وذلك لحبه وتعلقه بالسودان وطيب المقام بقلعة النمور، حيث كان يعمل وقتها مساعداً للمدرب الفاتح أحمد النقر . يذكر أنه وخلال خبر اختياره الذي أبرزه موقع سوبر اسبورت المهتم بكرة القدم الأفريقية وصف رئيس الاتحاد الرياضي الإثيوبي لكرة القدم (جوندين باشا) المدرب (ويبتو أباتي) بالمدرب الذي يريد الاتحاد الإثيوبي ووفق خطته الاستراتيجية تجهيزه للمستقبل بالاستفادة من احتكاكه بالمدربين الأجانب. على هامش الحوار أشاد المدرب الإثيوبي الكبير (ويبتو أباتي) على هامش الحوار بمدير الكرة بالنادي الأهلي شندي عبدالمهيمن الأمين واصفاً إياه بالمثال الجيد لشباب السودان في إنسانيته وتعامله الراقي وإخلاصه اللامحدود في عمله مما جعله يحظى بالقبول في أوساط اللاعبين والجهازين الفني والإداري ويسهم في حل العديد من المشاكل التي تعترض المسيرة بين الفينة والأخرى، مطالباً إدارة النادي الأهلي بأن تعض عليه بالنواجز ولا تفرط فيه أبداً .. أبداً.. البن الإثيوبي يشبه الهلال وسانت جورج يشبه المريخ قال المدرب الإثيوبي الكبير (ويبتو أباتي) أن الكرة الإثيوبية تشبه الكرة السودانية في كل شيء فالناديان الكبيران في إثيوبيا البن وسانت جورج يشبهان الهلال والمريخ من حيث الجماهيرية الكبيرة والسيطرة على البطولات وهو ومن خلال إشرافه على نادي البن وحصوله معه على لقب الدوري الممتاز في العام 2011م، وجد أنه يشبه الهلال كثيراً ,ولذلك لا أخفى إعجابي بالهلال.
