محمد علي طه الشايقي (ود الشايقي).. انه لمن المحزن والمثير للغضب جدا في ذات الوقت ان يري المرء مستشفي يتم اغلاقه ويزداد الحزن والالم والغيظ اذا كان هذا المستشفي لحوادث الاطفال , أي انه لعلاج امراض الاطفال الطارئة وبالمجان , وهي امراضا غالبا ما تؤدي الي وفاة الطفل ان لم تتم العناية به حالا , والمعلوم ان معدل وفيات الاطفال من معايير منظمة الصحة العالميية لقياس درجة اهتمام الدول والمجتمعات بصحة شعوبها , والسودان من الدول الاكثر تخلفا في هذا المجال وتبلغ نسبة وفاة الاطفال فيها 83 حالة من بين كل ألف طفل حسب ما جاء في منتدى سياسات الأمن الغذائي الذي اُقيم في البلاد مطلع هذا العام . وقد حذر المدير السابق لمستشفى جعفر بن عوف د.جعفر بن عوف من ارتفاع هذه النسبة بعد قرار إغلاق البمستشفى فضلا عن ارتفاع نسبة أمراض سوء التغذية وسط الأطفال الأقل من عمر خمس سنوات. ويزداد الالم والحنق عندما يكون سبب اغلاق هذا الصرح الانساني هو استثماري محض وراءه عقلية مريضة بحب المال وجمعه باية وسيلة حتي ولو ادي ذلك الي هلاك زغب صغار لم يتجاوزوا الخمسة اعوام . وبلا ادني ضمير او انسانية يتم قلب المستشفي الي فندق!! يا للفاجعة. لماذا بالله تُقدم هذه الحكومة الي هذا الفعل الاجرامي الشنيع ويمكنها الاستثمار في كثير من المباني المشابهة ان ارادت وهي التي احالت مجمع السكة حديد بالخرطوم الي مجمع عمارات شاهقة هي رئاسات لاقسام القوات المسلحة والتي اصلا ليس مكانها وسط العاصمة والمدن بل يجب ان تكون خارجها لسلامة المدنيين حتي لايكونوا وسط اهدافا عسكرية في الحروب , فلماذا لا يقلبوا هذه البنايات الفارهة الي فنادق او ما شاء لهم الاستثمار فيه بدل اغلاق مستشفي لعلاج الاطفال؟ اظن انه لا يخفي علي أي مغفل بان السبب الرئيس لاغلاق المستشفي وغيره من المستشفيات وسط العاصمة هو لافساح المجال للمستشقي الخاص التابع لوزير الصحة بولاية الخرطوم لاستقطاب المرضي وليزداد صاحبها ثراءا لاندري ماذا يفعل به. ويكفي النظام فسادا ان يكون وزير الصحة له مستشفيات خاصة وكلية طب خاصة وكمان برنامج صحي اسبوعي بالتلفاز القومي ليبث علي الهواء مباشرة دعاية مجانية لمرافقه الاستثمارية الخاصة هذه. وهذا يُعرف بتصادم المصالح CONFLICT OF INTEREST وهي من الاشياء الكفيلة بتحريم المنصب العام علي الشخص مهما بلغت درجة كفاءته واقتداره للمنصب المرشح له. ولكن هذا في البلاد التي تراعي مصالح ذاتها ومصالح مواطنيها وليست في بلاد الفاسد فيه هو السائد , والولاء قبل الكفاءة. وليعلم الجميع ان هناك اطفالا فقدوا ارواحهم علي اعتاب المستشفي بعد اغلاقه بعد حضورهم كالعادة طلبا للعلاج المجاني وهم لايدرون انه قد تم اغلاقه فمات منهم من مات ورجع من رجع يبحث عن علاج حتما بفلوس حيث لانظن انه يوجد مكان اخر يوفر العلاج المجاني عدا مستشفي بن عوف هذا الذي قام علي اكتاف بوفسور جعفر بن عوف وبماله الخاص وجهده الذي نسال الله ان يجزيه خيرا ويجعله في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولابنون الا من اتي الله بقلب سليم. وقد أعلن د. جعفر عن رفع طعن قانوني الى المحكمة الإدارية ضد قرار إغلاق القسم وكشف عن جملة من المخالفات في قانون الصحة العامة من بينها عدم التزام المؤسسات الصحية بمجانية الخدمات. فنهيب بالجميع الوقوف معه وشد ازره والمساهمة بالمال والنفس وبكل ما يمكن عمله لاعادة المستشفي الي الاطفال خاصة الفقراء منهم والذين يواجهون الموت حيث لا علاج مجاني الا في هذا المستشفي . ويكفي ان هذه الحكومة تقتل الاطفال بالرصاص والقنابل في الجنوب والنيل الازرق وفي دارفور ,وتقتلهم غرقا في كجبار والمناصير وجوعا وسوء تغذية في كل البلاد. ام درمان