طالما شكّل موضوع تدريس النساء في المدارس المستقلة للبنين في قطر جدلا كبيرا ومادة دسمة للنقاش. وصدر في وقت سابق قرار من هيئة التعليم القطرية بمنع النساء من العمل بالمدارس المستقلة للبنين. وتمنع المدارس القطرية التعليم المختلط، لكنّ كان من المسموح للمعلمات الإناث تدريس البنين حتى الصف السادس من التعليم الأساسي. وقضى القرار السابق بنقل الموظفات القطريات إلى المدارس المستقلة للبنات أو المدارس النموذجية، وإنهاء خدمة غير القطريات. وشمل القرار في ذلك الوقت جميع الموظفات العاملات في التنسيق الإداري والمحاسبة والسكرتارية والخدمة الاجتماعية والعلاقات العامة. ورحبت جماعات دينية محافظة بقرار هيئة التعليم، باعتبار ان الموظفات والمدرسات يتعرضن للمضايقة ويحرجن من التعامل مع شباب في سن المراهقة. ورأوا أن المدرس يستطيع بقوة شخصيته أن يؤثر في سلوكات وشخصيات الطلاب، وعبروا عن املهم في أن يشمل هذا القرار المراحل التأسيسية والابتدائية والنموذجية. واعتبروا أنّ تعليم النساء للذكور، مهما كان عمرهم، يمكن أن يؤدي بالعقول القابلة للتأثر إلى تبني سلوكيات أنثوية أكثر، حتى خلال اللعب. وراجت اخبار على صفحات التواصل الاجتماعي حول النية نحو التحول إلى تعليم مختلط في الدوحة بعد ان لوحظ انفتاح بين مبنى البنين والبنات في جامعة قطر، كذلك وجود عدد من الطالبات يومياً في مبنى البنين. ونفت شيخة بنت جبر نائب مدير جامعة قطر للشؤون الأكاديمية على موقع الجامعة الإلكتروني الامر، وقالت "إن التعليم المختلط غير قائم في جامعتنا، وليست هناك نية في المستقبل لأن يكون مختلطا، ستكون محاضرات الطلبة منفصلة، كما محاضرات الطالبات والمرافق والأنشطة الطلابية والمطاعم أيضاً منفصلة، وسنستمر على ذلك لسنوات قادمة". وتستند قطر الى مصادر صارمة فيالشريعة الإسلامية في تناولها لحقوق المرأة. وراى شق من الخبراء التربويين ان قرار عزل المراة عن محيط التعليم الذكوري يؤدي الى زرع بذور النفور من الجنس الاخر لدى التلاميذ الذكور في مرحلة مبكرة، ويحرمهم من ملكة المرونة في التبليغ التي تتمتع بها المراة المدرّسة وقدرتها على الاقتراب اكثر من نفسية الطفل وفهم شخصيته. واعتبر المعارضون انها خطوة نحو الوراء لكونها تنتقص من حقوق المراة وتحد من حرية اختيارها للمهنة الانسب لها، اضافة الى انها ترجح كفة الرجل وتوفر له فرصة للعمل اكثر من المراة التي تتساوى معه في المستوى العلمي والكفاءة. وأظهرت دراسة قطرية قديمة أن بطالة النساء القطريات أعلى منها لدى الرجال في دولة قطر، حيث بلغت 2.6 بالمائة مقابل 0.2 بالمائة لدى الرجال للعام 2007. وحسب الدراسة، فإن هناك خللاً آخر في توزيع السكان بحسب النوع الاجتماعي لصالح الذكور، حيث يوجد أربعة رجال مقابل كل امرأة واحدة، لافتة إلى أن هذا الأمر ربما يجعل قطر في الأمد القصير، مجتمعاً ذكورياً الأمر الذي سيكون له انعكاسات اجتماعية خطيرة. وأوضحت الدراسة التي أصدرتها اللجنة الدائمة للسكان في الدوحة أن البطالة آخذة بالتزايد في أوساط الشباب القطريين الجدد الباحثين عن العمل لأول مرة، حيث شكلوا ما يقارب 95 بالمائة من مجمل العاطلين عن العمل. ونفذ معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحيّة بجامعة قطر دراسة توصل فيها الى ان نسبة مشاركة المرأة في مجال العمل ما زالت غير متوافقة مع تعليمها. وأكدت الدراسة أن نسبة تواجد المرأة في سوق العمل لا تتجاوز 36 بالمائة مقابل 63 بالمائة للرجل. ويقف الموروث الاجتماعي والاخلاقي عائقا امام وولوج المراة القطرية إلى مهن ما زالت خاضعة لهيمنة وسيطرة الرجل باعتبارها صنعت على مقاسه. ففي حين اكتسحت نساء خليجيات القطاع الاعلامي مثلا من اوسع ابوابه وحققن النجاح والتالق فيه، مازالت المراة القطرية تخطو بخطوات محتشمة في هذا الميدان. ويعتبر منع الاختلاط من العوائق التي تصادف المراة القطرية، ويحرمها في كثير من الاحيان من حلم الانخراط في مسيرة مهنية ناجحة. وفي هذا الصدد، اعتبرت أمينة معدة برامج بقناة الريان القطرية إن الحاجز الأول الذي يقف أمام المرأة هو ثقافة المجتمع، فالقطريون لم يعتادوا بعد على "المرأة الصحافية"، أما الحاجز الثاني فهو شخصية الفتاة القطرية نفسها، والتي من طبيعتها الخجل وتفتقر إلى الجرأة، وتخشى الخوض والمبادرة في هذا المجال. وتتسع هوة الخلاف بين الفقهاء في أمر الاختلاط بين الجنسين. فبعض الآراء الفقهية لا تبيح مجرد الحديث في الموضوع، واصفةً كل أمر يدعو إلى الاختلاط بين رجلٍ وامرأة دون ضرورة ومهما كانت الأسباب بالممنوع شرعاً. واعتبر خبراء أن تعزيز دور المرأة القطرية في مجال العمل يرتبط بتغيير العديد من العادات والتقاليد التي كانت تحرم المرأة من العمل، أو الالتحاق بالعديد من المجالات التي كانت حتى وقت قريب حكرا على الرجال. وأكدوا أن رفض بعض الأسر لعمل المرأة في مكان مختلط ليس له تأثير سلبي على نسبة مشاركتها في العمل، لأن هذه العادات قلت بشكل ملحوظ، كما أن بإمكان المرأة العمل في مكان مختلط وهي مرتدية النقاب.