آيرلندا [email protected] عمري ما سمعت أن رجلاً أسكن إبنه قصراً ثم خرج مع الآخرين لهدمه ! الإمام الصادق ؛ هاله أن أفلت الحلو و عقار من ربقة الأنصارية و أخافه أن خرجا ببنيهما لتعديل حال معوّج ؛ بدلاً من مسك الإبريق لغسل يديه و رجليه و الوقوف بتلك الحربة الأنصارية ذات الخمسة أمتار لحراسة الأمام أو مسك رسن خيل الإمام و خليفته في الإنصار , ولية العهد مريم ! محزن أن يروّج السيد الصادق المهدي لمصطلح "الحرب الإثنية" حال نجاح الجبهة الثورية في التغيير في وقت ينفي فيه قادة النظام في السودان مثل هذا الوصف على حروب السودان المستعرة الآن . الآن , التغيير أصبح أقرب من أي وقت مضى و بسواعد جيوش الجبهة الثورية و يا للغرابة ! إنها من أصلاب الذين أهلكهم الإمام في ما عرف بأحداث "المرتزقة" و الفرق الوحيد أن من يقودهم هذه المرة ليس الإمام و لكن أبناء "المرتزقة" ! و هنا مصدر القلق و العداوة من الإمام . الإمام يعيش في غيبوبة ؛ تحول الأنصار من قراءة الراتب إلى الآيباد و الوسائل الدنيوية الحديثة الآتية من الغرب التي تشبع منها الإمام في صباه علماً ! إن أنصار اليوم متقدمون فكرياً عن أنصار الأمس و كما فات على القذافي أن الذين علمهم القراءة قد هجوه , فها هو الإمام يمضي في نفس الدرب ! إنها خيانة عقل مثقوب من الأصل !. بشوق و لهفة , إنتظرت جماهير الشعب السوداني عموماً و جماهير حزب الأمة خصوصاً خطاب الإمام الصادق المهدي الذي جاء قبل يوم واحد من إحتفالات الإنقاذ بعيدها و تراوحت التطلعات ما بين مستبشر بالإعتصام و بين من منى النفس بخروج مظاهرة تقضي على الإنقاذ قبل بلوج فجر الثلاثين من يونيو , و لكني كنت من ضمن الذين ينتظرون تردي الإمام إلى هاوية أسحق من الهاويات التي تردى إليها جراء وقوفه اللا مبرر في وجه التغيير في البلاد ! لقد صدق الإمام ظني و ظن كثيرين من الذين كانوا ينتظرون سقطات الرجل . لقد صدّق بعض الأنصار الصادق و خرجوا في كامل حلتهم و زينتهم الحربية بالحراب و السيوف بعد ما قام بعضهم بتطليق زوجاتهم ظناً منهم أن الليلة هي الليلة التي تطلق فيها صافرة الجهاد و لكنهم لما سمعوا الإمام يقدم لهم خيارين سلميين لإسقاط النظام كادوا أن يموتون غيظاً و حسرة . الأمام , و في كل مرة تدور فيها ساقية التداول في السودان ينتظر ثورة تحمله على أكتافها و تتوجه رئيساً بناءً على الحالة النفسية التي وطّن عليها نفسه و هو أنه مخدوم في بلاد السودان إلى الأبد حباً في البركة التي يشيعها بين الناس و الشرف الموروث من جده الإمام المهدي ! , بإختصار موقف الإمام هو "أنا الشريف , إما فيها أو نفسيها " ! إن الإمام الآن يروج للحرب البينية و الإستقطاب على أساس العرق لو وصلت الجبهة الثورية إلى تخوم الخرطوم و نسى الإمام نفسه أن عرقه لم يحمله إلى هذه الحالة المقدسة التي أحاط بها نفسه و التي جعلت منه رجلاً مقبولاً لكل أعراق السودان المختلفة . لقد ذهب الإمام في تفكيره إلى إتجاه واحد و يكاد أن يقول إما أن يستمر هذا النظام "العربي" المبين و إما فلا للأميين الذين يريدون إلى حكم البلاد سبيلاً و لا يستطيعون ! السيد الإمام الصادق أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه عدو الشعب الأول بوقوفه في وجه التغيير و بتوفيره الغطاء للنظام الذي ولغ في دماء الأنصار و أبنائهم خاصة في دارفور التي زارها الإمام و دخل معسكراتها بدأً من أردمتا بالجنينة و التي زرف فيها دموعاً ربما على الذين لم يقض نظام الإنقاذ عليهم و عاد الإمام قافلاً إلى الخرطوم و في مخيلته هذا التهديد الجديد لنظام التداول المعروف من إنقلاب وثورة شعبية ثم ديمقراطية ما تلبس أن يلتف عليها العسكر من جديد . و لأول مرة خاف الإمام على أن لا تؤول الأمور إليه حال ما تخطفت النظام المجرم القوى الدولية و المحاكم كيف و لا و في الساحة طرف ثالث ؛ متمردون مسلمون شماليون !. لقد كان بإمكان الإمام أن يقول ما قال ليلة أمس لرئيس الجمهورية عبر التلفون و ليس لهذه الحشود الغفيرة التي ظنت أن إمامها سوف يتمخض فيلد ثورة تعصف بكل شيئ و التي تكفلت عناء الإعتصام و التي أصيبت بالإحباط من فراغ كلمة الإمام من أي مضمون يمكن أن يبنى عليه و صراحة ربما قام الإمام بما أملاه عليه رئيس الجمهورية يإحتواء أي مظاهر ربما تؤدي إلى فوران الشارع السوداني في ليلة هي الأكثر ترقباً و الأقرب للمفاجأة من كل ليال الإنقاذ الحالكات . لقد أثبت الإمام أن "كيسه فاضي " و أنه فارغ "كجركانة" فارغة تحدث ضجيجاً كتلك "الجركانات" التي يربطها جنجويد "أم باغة" على الخيل و الجمال و يغيرون بها فإذا أصبح الصبح إتضح للناس حيلة "الأمباغة"! فقط بقى لي أن أسأل الإمام : في حال وصول الجبهة الثورية إلى الخرطوم , كيف تستقطب "عرقياً" من يدافع عن النظام الهالك من مثل هذه الجموع السودانية بكل أطيافها و ألوانها ؟