سارة عيسي ……… قبل اسابيع نالت حرم رئيس الجمهورية السيدة / وداد بابكر جائزة المرأة العربية ، ولا أريد التعاطي مع كيفية نيلها لهذه الجائزة ، صحيح أن اللجنة المنظمة لهذه الجائزة غامضة وغير معروفة ، وصحيح أننا لا نعلم المعايير التي أستندت عليها لتمنح السيدة/ وداد هذه الجائزة ، لكن الأمر الذى إسترعى أن المرأة تشكل جزءاً من نهاية الطغاة في العالم ، وعلى سبيل المثال حالة ماركوس وايمليدا في الفلبين ، هتلر وإيفين في المانيا ، شاوسيسكو وإلينا في رومانيا ، وربما نحن أمام حالة جديدة وفريدة في تاريخنا السوداني ، فنحن لم نعتاد على لقب السيدة الأولى ، ففي العهد المايوي كان الإعلام يستخدم مفردة ( ماما ) بثينة ، فالإهتمام ( بحرم ) السيد/ الرئيس ونحن في هذه الظروف يؤكد أن نظام البشير يعيش في جزيرة من الاوهام ، أنه معزول ومنفصل عن الواقع ، ففي الوقت الذي كان فيه السودان يغرق بسبب السيول والأمطار تخفى الرئيس وحاول عبور الأجواء السعودية خلسة وهو متجه نحو إيران ، وفي الوقت الذي يعلن رفع الدعم عن المحروقات وينبئنا بأن هذه هي ( المناظر ) لما هو اصعب شغلنا الرئيس البشير بمعضلة سفره إلى نيويورك ، وبينما يعاني الشعب السوداني من الفقر والجوع تحدث لنا الرئيس البشير عن الساعة الحاسمة في حكمه والخيط الرفيع بين جنة عدن التي صنعها لنا والجحيم حيث لم نعرف قبل ليلة الثلاثين من يونيو شيئاً عن وجبة الهوت دوغ أو الكلب الحار كما اسماها في خطابه. لكن ليس الرئيس البشير هو الوحيد الذي يحل نزيلاً في غرفة المجانين ، وربما نجد للبشير العذر ، فهو لو سقط فهذا يعني تسليمه للمحكمة للجنائية الدولية ، لكن العيش في لاهاي أشبه بفترة النقاهة ، فسجن المحكمة الدولية اشبه بنادي أرباب المعاشات ، حيث يحظى السجناء برعاية طبية وحصص في التغذية وحمام بخار ورياضة ، وربما يخضع النزيل لنظام إفراج صحي مشروط أقسى ما فيه هو عدم الإتصال بوسائل الإعلام ، لكن ولو سقط النظام ، يكون الرئيس البشير من المحظوظين لو تم تسليمه للجنائية الدولية ، فالشعب الآن ، وبعد كمية الدماء المهولة التي سالت على الأرض لا يريد أقل من محاكمة البشير امام العالم ، فالرجل يواجه جرائماً ليست قابلة للحصر ، وهو في لحظة الجنون يقول الرئيس البشير أن سبب أزمته أنه لم يطبع العلاقات مع إسرائيل ، لكن تعالوا نطالع أوجه الضحايا الذين سقطوا برصاصه خلال هذا الاسبوع ، أنهم وُلدوا بعد عام 89، وبعضهم كان يلبس الكاكي اللبني العسكري المبرقع ، ولهذا الزي قصة طويلة ، في ايام المشروع الحضاري إتفق رجال الإنقاذ على عسكرة المجتمع ، فتمت عسكرة المدارس ، ولجعل الطلاب مشروع منذ نعومة اصغارهم مستعدون لمحاربة إسرائيل تم فرض هذا الزي عليهم ، وبعد ربع قرن قرر المشير حرق الحصاد ، وقد أخترقت الرصاصات هذا الزي ، أخترقت الرصاصة شنطة الكتب فأختلط الحبر بالدماء ، لكن هذا المنظر المريع لم يستدر عطف الشيخ القرضاوي الذي برر الجريمة حيث خاطب إخوان السودان لا تقتلوا كالسيسي أو بشار !!! فهل تريد منهم يا شيخنا أن يشحذوا السكين حتى نموت بسرعة ؟؟ أم تريدهم بأن يقتلوا في السر وبعيداً عن وسائل الإعلام ؟؟ كما أسلفت ليس الرئيس البشير هو المجنون الوحيد الذي يمسك بنصل السيف ويضرب رقاب الناس ، هناك بروفيسور الزبير طه الذي يتخيل الجبهة الثورية حتى في المنام ، فمن القتلى هناك طبيب في بري وهناك طالبة ماجستير ، ومن بينهم طفلة في عمر الزهور وجدها المسعفون تنزف وهي تمسك بساندوتش ( طعمية )، كانت تعتقد بأنها ( جرحة ) صغيرة وبعدها سوف تعود للبيت وتلعب مع قريناتها ، لكنها رحلت بسرعة ولم يتمكن والداها من إلقاء من تقبيلها ووداعها ، إنهم مرضى نفسيون ، فالبشير لم يكن آباً حتى يعرف آلم ( حرق الحشى ) ، او يعرف سكرات الموت عند طفلة بريئة ، هذا الرجل مجرد من الرحمة والمشاعر الإنسانية ، وهو اشبه بالقاتل التسلسلي الذي يستمتع بقتل ضحاياه ، فلا أعرف كيف تكون نهاية هذا الرجل ؟؟ فهل يموت صبراً ودوساً بالأقدام كما حدث للقذافي ؟؟ أم يختار نهايةً مثل شاوسيسكو وايلينا ؟؟ فلا أجد لهذا الرجل نهايةً مشرفة في كتب التاريخ ، لكنه في نظري ميت منذ زمن .