الجمعة 11 فبراير 2011م ……ما زلت أتنسم أخبار المعتقلين لدى جهاز الأمن، من أقاربي وجيراني، وما زال الحال على حاله!!!!!!!، قابلت الكثير من الأمهات، وما زلن، يشقين حسرة جراء غياب أبنائهن وأختفائهن القسري الذي لا يعرفن عنه شيئاً!!!!!!، حيث أصبح الهم المشترك بين الأسر جميعاً هو الخوف والقلق والرعب من أن يصيب أبنائهن مكروه أو يمسهم شراً!!!!!!!!!. لاحظت أن معظم هؤلاء الأمهات لا يملكن من أمرهن شيئاً!!!!!!!، فهن قليلات الحيلة، ليست لهن أو لأسرهن مال أو جاه أو عزوة أو منصب رفيع!!!!!!، فكلهن يمثلن غيرهن من الأمهات السودانيات الممتلئات بالطيبة والكرم والبساطة!!!!!!!، الذين لم يعرفن إلا الأصالة والعفة والنقاء ونبل الأخلاق وطهرها!!!!!، وأرضعنها لأبنائهن!!!!!!. ولم يخطر على بال إحداهن أن هنالك من يمكنه أن يفسد ويخون ويكره ويكيد ويدنس ويؤذي ويعذب ويقتل ويبطش ويغدر وينكل ويصعق بالكهرباء كل من تعترضه يداه!!!!!!!!!. تحسرت كثيراً، لحال الأمهات ، فقد بدأن يشعرن ويفطّن إلى هناك ظلم يحيق من كل جانب وأن هناك من يتربص الدوائر بأبنائهن!!!!!!!!!!، وأن الأرض ضاقت عليهن، بما رحبت!!!!!!، وأن ليس في أيديهن حيلة!!!!!!!!، ولكنهن، رغم ذلك، لم يستطعن تكييف الأمور كما يجب وينبغي، ولم تتضح لهن الرؤية بعد!!!!!!!!، طغت حيرتهن، وتلمسن أن هنالك تغيرات قد حدثت!!!!!!!. راقبتهن وقد زادت دهشتهن وتعجبهن واستنكرن استنكاراً شديداً ما يحدث!!!!!!!!، وبدرت منهن التساؤلات تترى، ماذا حدث للمجتمع السوداني؟؟؟؟؟ وكيف حدث ما حدث؟؟؟؟؟ ولماذا حدث؟؟؟؟؟؟ ولأي الأسباب حدث؟؟؟؟؟ ومن المسؤول عما يحدث؟؟؟؟؟؟. لم يفتح الله علينا بكلمة، ولم يستطيع أي أحد من الحاضرين أن يتقدم بإجابة شافية لأسئلة الأمهات التي تتكرر على مدار الاربعة وعشرين ساعة!!!!!!!. أحسست بالشفقة والعطف عليهن، وقد رأيت الدهشة والحيرة والتساؤل تعلو على وجوههن!!!!!!، وجدت لهن العذر حين أبت عقولهن الطاهرة البريئة، أن تستوعب ما حدث!!!!!!!!، وكيف ذلك، وقد عشنا زمناً طويلاً مليئاً بسماحة الأفعال والأقوال!!!!!!!، لا يعرفن لغيرها سبيلاً!!!!!!!!. وأن ما حدث ويحدث وسيحدث يفوق بساطتهن وطيبتهن ونقاءهن وطهرهن!!!!!!!، فلم يعرفن يوماً أو يسمعن بالخيانة والكره والغدر وأذية الإنسان لأخيه الإنسان!!!!!!!!، وأن الطريقة التي تربيّن ونشأن وترعرعن بها، لم تعرف يوماً سوى المحبة والعدل والكرم والإحسان والأصالة والعفة والثقة والوفاء والنصح والبراءة واللطف والأدب والخير والنفع والصفح وصدق الضمير ورحابة الصدر وعلو الهمة!!!!!!. وتحيرت في نفسي، فمن منّا يمكنه أن يشرح لهن، ماذا ولماذا وكيف ولما ولأئ الأسباب حدث ذلك!!!!!!، ومن منّا مقتنع بما حدث ويحدث أو يمكنه أن يجد تبريراً للشروخات العميقة التي حدثت في معايير القيم الاجتماعية!!!!!!، ومن يمكنه أن يشرح ويوضح لهؤلاء الأمهات ويعطي تبريراً مقنعاً، بأن هنالك أمهات سودانيات أخريات، أنجبن أبناءاً عاقّين بأوطانهم، سيئ الخليقة، ذميموا الأخلاق، موسومين بالشر، متهافتين على المنكر، خونة، فجرة، غدارين، مأفونين، ضعيفوا الرأي، عاجزي الهمة، لا يحفظون حرمة، ولا يحترمون عهد، فاسدي الضمير، ساء فعلهم وقولهم!!!!!. وتساءلت في نفسي، هل يمكن للأمهات الطيبات أن يصدقن أن هنالك رحم إمراة سودانية يمكن أن ينجب مثل هؤلاء؟؟؟؟!!!!!!.