السبت 12 فبراير 2011م …….ذهبت بصحبة قريبتي إلى سجن الهدى بأمدرمان، لزيارة مسجون تربطنا به صلة قرابة، كان قد دخل السجن، إثر مشاجرة مع أحد رجال الشرطة، انتهى به الأمر مسجوناً بسجن الهدى!!!!!!!. وصلنا إلى سجن الهدى بغرب أمدرمان، وكانت هذه أول مرة في حياتي أزور فيها هذا السجن!!!!!!!. لم تواجهنا صعوبة في إجراءات الزيارة الروتينية!!!!!!!، وانتظرنا قليلاً، ثم حضر قريبي لمقابلتنا!!!!!!، حيانا بكل بشاشة وترحاب، وفرح كثيراً بمجيئنا!!!!!!!!!. كنا قد أحضرنا له معنا، ما ظننا أنه قد يحتاجه بالسجن، من مواد غذائية من سكر، عدس، أرز، زيت، لبن ودقيق!!!!!!. ومن تجربتي مع أبوذر، عرفت أن أكثر شئ يفرح السجين هو أن تجلب له معك، مواد غذائية وتعطيه مبلغ نقدي ليتدبر به أموره داخل السجن!!!!!!!!. ومن قبل كنت أعتقد مخطئة، أنه يوجد أكل بالسجون، وبالتالي ليس من داع لجلب الأكل للسجناء، ولكن بعد أن خضت التجربة، أصبحت أعرف أهمية إحضار أكبر كميات من المواد الغذائية سواء كانت مطهية أو غير مطهية، لأن فرحة السجين في أن يتشارك معه أخرون طعامه وذلك نسبة لعدم تمكن الكثير من الأسر من إحضار الطعام أو الفلوس لذويهم المساجين!!!!!!!!!. سألني متلهفاً عن أبوذر وأحواله بسجن كوبر!!!!!!!!، قلت له، لا أخفيك، بشاعة الأوضاع وترديها بسجن كوبر، وما يدور بخلدي الآن، هو ما هية الأوضاع بسجن الهدى، وعما إذا كانت تختلف عن سجن كوبر!!!!!!!. رد قائلاً، إنه لم يتعرف على سجن كوبر، ولكنه، يعتقد أنه لا يوجد كبير اختلاف بين سجن وآخر، إذ أن عموم السجون تخضع لنفس اللوائح والإجراءات والنظم!!!!!!!!!. سألته عن طبيعة الأكل الذي يقدم له وعن الأوضاع البيئية بالسجن!!!!!!!!، قال لي، إن الأكل ردئ جداً، وغير مستساغ والأوضاع متردية، وأن إدارة السجون لا تبذل أي مجهود في الصيانة أو الإصلاح وأن ذلك يقع على عاتق السجناء!!!!!!!. سألته عن الحادثة البشعة التي حدثت مؤخراً بسجن الهدى وذلك أن إدارة سجن الهدى عثرت على أحد السجناء ويدعي (حسين) مشنوقاً داخل زنزانة، وإنّ عراكاً قد نشب بينه ونزيل معتوه، قام الأخر بشنقه وتعليقه أمام الزنزانةً!!!!!!. قال لي، أن ذلك فعلاً قد حدث يوم 24 نوفمبر 2010م، الأمر الذي أزعجهم وأضج مضجعهم كثيراً!!!!!!!، وأصبحوا لا يأمنون على أنفسهم، طالما أن السجن يعج بالمصابين بالأمراض النفسية!!!!!!!!، وأن المساجين جميعاً، أصابهم الهوس من أن يعتدي عليهم أحد من هؤلاء المرضى النفسيين ويؤدي بحياتهم!!!!!!!!. أضاف قائلاً، إن هؤلاء مكانهم ليس السجن بل المصحة النفسية!!!!!!!!!. تحيرت وتعجبت من أن السجون ممتلئة بأصحاب العاهات العقلية والنفسية الذين يكونون عرضة لأذية أنفسهم وأذبة الآخرين من المرضى الذين يخالطونهم أو الأصحاء من المساجين الذين يشاركونهم نفس السجن!!!!!!!!. وتساءلت في نفسي، لماذا لا يتم نقل المدانين من ذوي العاهات النفسية والعقلية من المحكمة فوراً وإلى المصحات النفسية؟؟؟؟؟؟ ولماذا تقبل إدارة السجون إيواء المرضى النفسيين بالسجن؟؟؟؟؟؟؟ وما هي الفلسفة من وراء ذلك؟؟؟؟؟ هل تتعامل إدارة السجون معهم على أساس أنهم معتوهين؟؟؟؟؟؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، ما هي الإجراءات الوقائية والتحفظية التي أتخذتها حتى لا يؤذوا أنفسهم أو غيرهم؟؟؟؟؟؟؟ ومن هو المسئول عن شنق هذا المريض نفسياً؟؟؟؟؟؟؟ أهي إدارة السجون أم زميله المعتوه الآخر الذي هو غير مسائل قانونياً عما أرتكبه؟؟؟؟؟؟؟ هل هذا تقصير متعمد من الإدارة أم أنه القضاء والقدر؟؟؟؟؟ وما ذنب المسجون الذي تم شنقه؟؟؟؟ وهل يذهب دمه هدراً لأنه معتوه ولأن من قتله هو الآخر معتوه؟؟؟؟؟؟ وما ذنب السجناء الآخرين حتى يكونوا عرضة للقتل داخل السجن؟؟؟؟؟ ومن يتكفل بحمايتهم وحفظهم من التعرض لمثل هذا الحادث؟؟؟؟؟ وأين هي الرقابة والمتابعة لهؤلاء المرضى النفسيين؟؟؟؟؟؟؟ أحسست بالخوف والرعب من فكرة تواجد المرضى النفسيين والعقليين بالسجون، وما يحيرني أكثر، أنه رغم وقوع هذه الحادثة إلا أن ردة فعل إدارة السجون، أنها شكلت فقط لجنة لتقصي الحقائق ولم تذهب أكثر من ذلك!!!!!!!!!!، ولا أدري أي حقيقة تريد الوصول إليها!!!!!!، وكنت أتوقع أن تُشكل لجنة تحقيق في الحادثة البشعة التي هزت الرأي العام!!!!!!. لم أجد ما أفعله أو أقوله سوى أن أسأل الله أن يحفظ المساجين، مسلوبي الحقوق، مغلولي اليدين، الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً ، ولا حول ولا قوة، إلا بالله العلي العظيم!!!!!!!.