[email protected] نحن أهل السودان ..أكثر شعوب الأرض معرفة بطبيعة الإنسان المصري.. لذا فإنه يتوجب علينا بناء على تلك الميزة أن نكون أكثر من يتعاطى معه .. تصالحاً أو تنازعاً ! نعرف جيداً معنى كلمة طيب التي يطلقونها ومن خلفها إشارات التهكم..ونعلم جيداً مدى جهل هذا الإنسان بالمكون السوداني تاريخاً وجغرافيا وإنساناً..لان الإنسان المصري مهما بلغ درجة من العلم فهو لايخرج عن دائرة تخصصه كثيراً ليزحم نفسه بما ليس له به دعوة كما يقولون إلا ماندر ..! فيسألك أحد مثقفيه في سذاجة إن كنت من الشمال أم الجنوب وأنت أمامه بعمامتك وشلوخك المطارق ! أو أن تسألك إحدى هوانم قاردن سيتي ..إن كانت الخرطوم فيها أفيال وأسود تجوب الشوارع مع عراة الخلق أم لا ! بينما الإنسان السوداني تجده مهموماً بمعرفة كل دقائق الحياة المصرية من السينما الى الغناء والأدب الى التاريخ والجغرافيا وحتى إسم وزير التموين هناك أو هوية محافظ أسيوط ! الإعلام المصري وإن كان لايمثل تركيبة الإنسان المصري على إطلاقه.. ولكنه لايعرف الوسطية والإعتدال .. فإذا ما تظاهر لك بالحب ..رفعك الى الشمس وإذا ما عاداك يخرج لك القطط الفطسانة في مهاتراته دون حدود..أخذاً بالصوت العالي ورقصة الوسط مع نغمة شوبش يا الدلع دي ! فالصوت العالي قد يلفت نظر الشارع للخناقة ولكنه لا يسترد حقاً ليس لك ! هو إعلام أهوج يتعاطى بردة الفعل لا بالتحليل العقلاني وتوجيه أصحاب القرار نحو الحلول المثلى وإنما يجنح الى الشحن والإثارة وإستفزاز الخصم ليخرجه من طوره ثم يصرخ مستنجداً مدعياً التعدي عليه حينما يشعر أنك بدأت تنفعل حيال تصرفاته ، مثلما يهبط الفن عندهم الى الدرك الأسفل ليتغذى على الإستخفاف بالاخرين ! حلايب لن تؤول لمصر بالصوت العالي .. ولا بلغة خش في عبي يا سي برعي .. ! فالسودان لم يعد تحت وصاية التاج المصري ولم يعد غابة مثلما كان أيام التركية السابقة ومحمد علي وإسماعيل باشا والدفتردار ! و عالم اليوم وإن كان فيه دول كبرى متسبدة وعالم ثالث طاش خارج الشبكة ..ولكن فيه محاكم وجهات للفصل على المستوى الإقليمي والدولي .. وقبل كل شيء فالإحتكام للضمائر لتحقيق التراضي ولكن بالندية لا بالأنف المرفوع على الفاضي هو أعدل قاضي .. ! لم نعد نأكل من موائد العواطف التي يبسطها إخوتنا المصريون بكلام من خلف القلوب ..مصر والسودان إخوات أو حتة واحدة..فمن هو هذا شعوره لايمكن أن يصف السودانيين بعفونة الرائحة..ومن يقول ذلك دون أن يقيس المسافة بين الشعبين بالدقة اللازمة يجب أن يخجل على نفسه قبل أن يعّقله الآخرون بالرد المناسب ! فالصحفي السوداني الشريف لا يرتاد مثل هذه اللغة لأن الأدب عنده سمة في البيت والشارع والمسرح العام .. ! ولان أعلامنا الرسمي أضعف من ان يتصدى لفواتي الإعلام المصري بالرصانة والمنطق الذي يخرسهم ..ولكننا رغماً عن كل ذلك لن نسكت عن القول الحسن لإسترداد حقوقنا وفقاً للطرق القانونية ولن نستجيب لصوت الباطل مهما ردح ورقع ! فالعدالة الدولية اعادت شريط أوزو لتشاد الفقيرة ضد ليبيا التي لم تستطع أن تشتري ضمير تلك العدالة حينما كان القذافي يشتري الرجال بالمال! وهي ذات العدالة التي بتت في النزاع بين البحرين وقطر في جزيرة فشت الدبل ، فلا عيب في ذلك رغم خصوصية العلاقة بين الإمارتين ! وقضايا كثيرة مماثلة.. ولكن قبل كل ذلك نأمل في تحكيم العقل وعامل الجوار في حل المشكلة العالقة بالتفاهم العقلاني الذي يحقق مصالح الطرفين ، قبل التقاضي ولن يتم ذلك في الظروف الحالية بالطبع ووسط هذه الهيجة في مصر و ضعف حكومتنا التي تبحث عن ثمن المسكن لصداع رأسها ذاتها ! ولكن حينما تستتب الأمور السياسية المرتبكة في مصر ..وتكون في السودان حكومة تعرف أين مصلحة الوطن وما قيمة ترابه..ساعتها ستحترم كل منهما إرادة شعبها وتمتثل لها في تحقيق حسن الجوار والتعايش الطيب ! ونحن رغم ما نسمع من قبيح الكلام من الإعلام المصري فإننا لا زلنا وسنظل نؤمن على تطابق المواقف العاطفية والإنسانية بين شعبينا مصاهرة وجواراً و تبادلا للزيارات و تلاقياً عند شريان النيل الساقي لتربتينا .. و مودة عربية في اللسان وإسلامية أو مسيحية في إحسان الإنسان لأخيه الإنسان دون تحقير في ساعة غضب الخلاف أو تكبيرٍ بنفاق عند ساعة الإتفاق والإئتلاف عند المصالح أو المبادي ! والله من وراء القصد ..