كمال كرار قبل أن تأتي شريعة نميري إلي بلادنا في سبتمبر 1983 كانت الكرتلة نوعاً من التسلية مثل اليانصيب ، وفي الغالب الأعم كان عائدها يخصص لشخص مزنوق يعرض مثلاً ساعة قيمتها واحد جنيه في الكرتلة ، ويدفع المتسابقون شلناً واحداً عن كل صورة في الكرتلة ، ثم تفتح الكرتلة في النهاية والمحظوظ ينال الساعة ، ويبتهج المتسابقون عند معرفة الفائز ولا زعل ولا يحزنون . وأحياناً تطوف كرتلة ( مضروبة ) علي بعض الناس وفحواها أن صاحب الكرتلة يسكب بنزيناً علي مكان الصورة المخفية حتي يعرفها مسبقاً ، ثم يخبر أحدهم بذلك مقابل تقاسم الجائزة وهكذا يروح الآخرون في داهية . ومع ذلك تكتب علي صدر كل كرتلة العبارة المشهودة ( الكرتلة مضمونة ومبرشمة ) . ودار الزمان ، وأتت الإنقاذ لتلعب لعبة الكرتلة مع الشعب ، فقالت العام الماضي لا ضرائب جديدة وقبل أن يجف حبر التصريح ازدادت الرسوم الجمركية بنسب كبيرة وزاد سعر الدواء ، ثم ارتفعت أسعار الجازولين والبنزين وهلم جرا . ولعبت الكرتلة مع العمال في منحة الأجور وهي دريهمات خارج المرتب ، والكثير منهم لم يصرفها حتي يومنا هذا والقطاع الخاص لا يلتزم بها . ثم تحولت لعبة الكرتلة لبنك السودان الذي أراد فرملة سوق الدولار الأسود بالحديث عن مليارات الدولارات التي ( هبرت) عليه جراء نفط الجنوب ، ولكنها دولارات لا تري بالعين المجردة طالما كانت الصرافات تشتري الدولار ولا تبيعه . وكرتلة سياسية ( مضروبة ) تتحدث عن كواليس مبادرة جديدة يعد لها المؤتمر الوطني لإقناع الآخرين بالصعود إلي السفينة الغارقة ، ومبادرة ثانية بيد الميرغني ، وبينما تتعدد المبادرات فإن صاحب الكرتلة سكب البنزين علي الصورة وقال موعدنا الإنتخابات القادمة ويبدو أن الكرتلة في طريقها للجنوب بحجة إصلاح آبار النفط ، ومعناها تحويل الأنبوب إلي مصفاة الجيلي مقابل الدعم اللوجستي لواحد من أطراف الصراع الدائر هنالك ، علي حد المثل السائر زيتنا في بيتنا . وفي غمرة الكرتلات المضروبة ينسي السدنة كرتلة الشعب ، علي جائزة واحدة هي الحرية لا ينالها فرد واحد بل تتوزع علي عدد سكان الوطن . أما صاحب الكرتلة ( المضروبة ) وقتها فسيعاد بالانتربول من الأناضول ، ولن تنفع حبة البندول .