[email protected] البطانة الفاسدة وأجهزة التسلط الأمني التي تحيط بأى رئيس لاسيما في النظم الشموليه المغلقة النوافذ عن دخول الهواء النقي الى غرفها أو خروج عصافير الحريات عن أقفاصها ،هي التي تلعب الدور الكبير في جعل ذلك القائد مُغيباً عن الإلمام بواقع الوطن الحقيقي وحالة شعبه مهما كانت سيئة في كل جوانبها الى درجة الخطورة التي تنذر بالإنفجار ! وعندما تحدث الطامة الكبرى عليه حتى يجد ذلك القائد أو الزعيم المُغيب نفسه معلقاً على أعواد خداعهم له و مخنوقاً بحبال تغييبه الطويل عن حقيقة مايجري مثل الرئيس صدام حسين ، أو قابعاً على سرير متحرك خلف القضبان كالرئيس حسني مبارك الذي أصابه الذهول ساعة دوي السقوط المريع حينها وهو يتساءل ما الذي جرى في البلاد فكل التقارير التي كانت تأتيني تقول أن الأمورتسير على مايرام ..! (و فل الفل ) أو حالة استجداء ملك ملوك افريقيا وهويخاطب الشباب الذين أنهوا حياته واصفاً أياهم بابنائه متوسلا لهم في ضعف سكراته الآ يفعلوابه سوءا ظناً منه أنه لا زال ذلك الصنم المؤله الذي لن يأتيه الموتُ يوماًبيد شعبه كما كذبتّ عليه الحناجر التي هتفت له طرباً مع رنة الدنانير المسكوبة تحت الأقدام أو مثلما كتبت عنه الأقلام المشتراة وقد زينّت له صفحات الكتب بكل ألوان الزيف التي أرضت غرور نظره القصير ! وهو مشهد يذّكر أيضاً بالفاظ إستنكار الديكتاتور الروماني نيكولاي شاوسيسكو قبل إعدامه وزوجته بدقائق حيال ما يقوم به تلامذته من محاكمة لهما هو كان يظن انه فوق عدالتها ! ولمّ لا يتهيجّ فيهم ، أوليس هو الذي وضع قوانيها لتنال من خصومه فقط ، فكيف تطاله وهو المعصوم عن الخطأ كما صّور له المنافقون الذين ما لبث أن إنفضّ سامرهم من حوله حينما تهاوى عرشه ، وتواروا عنه لمنادمة غيره على كأس السلطة الدائردون دوا م مذاق حبابها عند شفاه حبيب ! الرئيس عمر البشير..يا هداه الله ، يبدو أنه بات هو الآخر يحّلق في فضاءات الوهم التي رسمها له من هم حوله ومن جاورهم من المتلمظلين للعب دور في ظل تغييب هذا الرجل عن معرفة مقدراته وإمكاناته ، فصوروا له أنه هوصاحب الحل لعقدة معضلة البلاد المستعصية على كل عاقل أو قوي أمين غيره ، و أبعدواعنه نفاقاً و في غمرة ضحكهم عليه وسخريتهم من إندفاعه ،مجرد فكرة أنه لم يكن في يوم من الأيام صانع كل مشاكل السودان على مدى ربع قرن من حكمه التعيس،الذي يحتاج الوطن بعده لأقدام وسيقان لن تقوى بضعف تلك المدة حتى يستطيع ناهضاً أن يتخطى بها كل الحواجز العالية التي حجبت شعب السودان عن بلوغ مربعات التقدم الحضاري بالمفاهيم الحديثة له والرقي السياسي والإجتماعي والتنموي والمعيشي والتعليمي والصحي والثقافي والتماسك في ترابه بعد الشتات والفُرقة وإعادة صياغة هويته و تنوعه العرقي وهي طموحات وأحلام هوأهلٌ لتحقيقها بجدارة وكفاءة المقدرات البشرية لأبنائه وبناته البررة ووفرة الإمكانات الطبيعية وندرة المؤهلات التاريخية و تفرد الخصائص الجغرافية ! ولكن كيف نصل الى ذلك كله ، حينما يغيب رشد وعقل الحُكم و تفسد ضمائر البطانة وتسوء أمانة الحراس ، ويتوهم الرئيس إنه الخيط والمخيط ! فهنا يبلى الثوب ويستعصي على الراتق ،وبالتالي تتكشف عورة الوطن ويمد يد الدونية السفلى لأياد الصغار التي تعلوه بالمال لا بالرجال الذين كان من المفروض أن يصعدوا على كُتل بنكنوتهم لتقبيل جبينه ، ولا ينبغي له أن ينحني ليلعق أحذيتهم ..! واستغفر الله العظيم من كل ذنبٍ عظيم ، إنه المستعان . وهو من وراء القصد .