عبدالباقي الظافر [email protected] لم يتحمل الرئيس الامريكي جورج بوش المفاجأة ..صحفي عراقي خلع حذائه وارسله الى حيث يجلس الرئيس الامريكي في قاعة بغدادية ..نوري المالكي رئيس وزراء العراق بذل جهدا رياضيا حين قفز بكلتا يديه ليحمي وجه ضيفه..اثار حذاء منتظر الزيدي ضجيجا جعل صاحبه في زمرة المشاهير وحقق بحذائه ما لم يحقق بقلمه..رغم ان الفعل كان مستهجنا وبغيضا الا ان بعض الناس هللوا للأمر واعتبروا التصرف الارعن شجاعة ..هنا في الخرطوم بلغ الترحيب مبلغ ان يصدر كتاب يؤرخ للحادثة ويعلم الناس كيف يرموا الرؤساء بالجزمة. عندها عارضنا ذاك التصرف ونعتناه بالقبح بمعيارية ترفض العنف اين كان مسوقاته.. لم يدرك بنوا قومنا صواب ذاك الراي الا حينما حاول المواطن عادل محجوب الذي وصف بانه مضطرب نفسيا استنساخ تجربة الزيدي في قاعة الصداقة السودانية وألقى بحذائه على وجه الرئيس البشير.. واتبعه اخر من لندن حينما رمي الدكتور نافع علي نافع بكرسي حتى شج راسه واسال الدم في أنحاء متفرقة من القاعة المحشوة بحضور من مختلف المشارب..هنا مارس بعض الحكام ومن ورائهم بعض حملة الاقلام ازدواجية تدين الفعل العنيف وغير الحضاري ومن قبل كانوا به مرحبين حينما استهدف وجوها اخرى. امس الاول تحدثت الأستاذة سامية احمد محمد نائب رئيس البرلمان معلقة على حادث الاعتداء البشع الذي استهدف أخوة اكارم في صحيفتنا (التيار ) وكاد ان يودي بحياة رئيس التحرير الاستاذ عثمان ميرغني الذي مكث في العناية المركزة ايام عديدة ..النائبة سامية كادت ان ترحب بالاعتداء الغاشم ..بل اعتبرته رد فعل منطقي مناوي لآراء عثمان ميرغني التي خطها بيراعه..سامية حملت اتحاد الصحفيين المسئولية باعتباره لم يلجم الاستاذ عثمان ويمنعه من التفكير ..قالت الأستاذة سامية حسب جريدة الجريدة ان الامر لم يكن محاولة اغتيال انما إرسال رسالة لعثمان ميرغني بسبب تغزله في اسرائيل على حد تعبيرها ..وساوت سامية ما بين الضحية والجلاد حينما قالت ان الخطا متبادل ..بل مضت الى اكثر من ذلك حينما تمنت ان كان اولئك المجهولون قد واجهوا عثمان جهارا نهارا حتى لو أفضى الامر الى ضربه. في منحى اخر رفضت الأستاذة سامية احمد محمد مقارنة الأوضاع الكارثية في غزة الفلسطينية بما حدث ويحدث في دارفور السودانية..وحجتها ان الحكومة السودانية لا تقتل المدنيين في دارفور وكردفان . حديث الأستاذة سامية احمد محمد أنموذج جيد لازدواجية المعايير في تقييم الاحداث.. بداية تعجلت النائبة المحترمة وفكت طلاسيم قضية مازالت قيد التحري بواسطة الأجهزة المختصة ..الشرطة السودانية لم تحدد جهة معينة وتلقي عليها بثوب المسئولية في الحادث البشع الذي استهدف حياة أستاذنا عثمان ميرغني..ثم حاولت الأستاذة سامية بمنطق يفتقر الدبلوماسية والحصافة ان تجد مبررا لفعل اجمع العقلاء على استهجانه.. مثل هذا الترحيب الحذر بالأعمال الإرهابية يضع بلادنا في قائمة الدول سيئة السمعة. اما تهوين الاستاذة سامية من أزمة دارفور مقارنة بالأزمة الطارئة في غزة فيضع سامية في خانة من (لا يرى عوجة رقبته) كما في مثلنا البلدي الفصيح..نعم غزة تعرضت لعدوان غاشم وظالم وغير مبرر.. الا ان الاحصاءات التي ربما لم تجد الأستاذة سامية وقتا للاطلاع عليها فتقول ان تدهور الأوضاع في دارفور اجبر نحو أربعمائة الف سوداني لهجر قراهم..بين غمضة عين وانتباهتها صار ذاك العدد في عداد اللاجئين والنازحين..ليس المهم من صنع تلك الأوضاع البائسة لأهلنا بقدر ما المهم الامعان في النتيجة الصادمة.. كانت تلك أحصائية ستة اشهر يا ايتها البرلمانية فما بالك عن ما يزيد عن العشر سنوات من الحرب.. التقليل من أزمة دارفور فوق انه غير منصف الا انه يجرح مشاعرنا جميعا ويمثل إهانة لآلاف الضحايا0 لن تدرك الأستاذة سامية اهمية المعيارية التي لا تقبل الحيف الا حينما تصبح سامية نفسها او بلدها ضحية لازدواجية المعايير..وعندها لاىينطبق علينا المثل القائل (العاقل من اتعظ بغيره).