سيف الحق حسن [email protected] هما شخصيتان متشابهتان وربما يتفقان في نفس التفاصيل. فأنت تعرف دون كيزان جيدا وتعاشره ولكن لا تعرف بئس المصير الذي سيلقاه. لذلك أدعوك لتستمع لقصة دون جوان لتكتشف ذلك. (دون جوان) لقب عادة ما يرتبط بالعاشق الحِبيٍب الذي ينتقل من إمرأة إلى أخرى في بستان العشق. يؤهله في ذلك ما يتمتع به من وسامة وحضور لافت ناهيك عن موهبة فذة في إجتذاب الجنس اللطيف بعبق كلامه المعسول، وهو بالتأكيد كاذب من الطراز الأول لأن قلبه لا يمكن أن يحوي كل هذا النوع من العشق لكل النساء ولكنه يريد غوايتهن ليس إلا. وكذلك هو (دون كيزان) فهو عاشق حبيب للسلطة والجاه، فيكذب ويراوغ ويلوي لسانه بالدين والكلام عنه ولكنه في الحقيقة يتاجر به، ليجذب له العاشقين ويخدع به المساكين. برزت شخصية دون جوان أو دون خوان الأسطورية في فلكور الحكايات الأسبانية، حيث ذاع سيطها في مختلف أنحاء أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي- أي في القرون الوسطى-. وها نحن نشهد شخصية دون كيزان الأسطورية في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد وعشرين الميلادي. وبالمقاربة فنحن نعيش إذن في القرون الوسطى لزماننا. ورغم من ان الرواة يأكدون من خيالية شخصية دون جوان إلا أن البعض يؤكد إن لها مرجعا واقعيا في ذاك الزمان الغابر. تقول الأسطورة أن دون جوان كان عاشقا شهيرا أغوى أكثر من ألف إمرأة. وفي مرة بينما يحاول إستمالة فتاة أرستقراطية مرتبطة بشاب آخر تدعى دونا آنا يكتشف والدها، قائد الجيش، محاولته القذرة ويحاصره. ولكن دون جوان يتمكن من قتل أبيها ويهرب. فتسعى دون آنا وخطيبها دون أوتافيو للإيقاع بدون جوان. لكنه كان من الدهاء والمراوغة بحيث لم يكن من السهل الوصول إليه. أليس دون كيزان هم بنفس أسلوب الدهاء والمراوغة ذاتها. فقتلوا وشردوا الكثير من الشعب وبعد ذلك يريدون الهروب. بعد مدة يمر دون جوان بضريح قائد عسكري فيأتيه صوت من التمثال المنتصب يحذره من مغبة أفعاله الشريرة وأنه حتما سيأتي يوم ما ويعاقب على كل ما إقترفت يداه وأغوى قلبه في إستغلال طيبة الضعيفات والمسكينات. ولكن لم يبالي دون جوان وأظهر لا مبالاة شديدة أمام هذا التحذير، بل وسخر من التمثال وقال له أدعوك لتناول العشاء معي اليوم إن كانت بك حياة؟. فالتمثال المنصوب هو الشعب الذي يحذر دون كيزان في صمت عن غوايته وتجارته بالدين وجرائمه. ولكن دون كيزان لا يبالي ويستهزأ ويسخر منه. وتنقلب السخرية إلى جدية، والخيال إلى حقيقة حين تدب الروح في ذاك التمثال ويذهب ليلبي دعوة العشاء في الميعاد المحدد لكي يجعله العشاء الأخير لدون جوان. وتأتي اللحظة الحاسمة حين يتفاجأ دون جوان بقدوم التمثال فيريد ان يصافحه على أن يراوغه من جديد. ولكن في هذه اللحظة يجد دون جوان يده رهينة قبضة حجرية لا تقهر تجعل عروقه تتجمد من الخوف وجسمه يسكن. ومن ثم يصطحبه التمثال ليجد نفسه امام حفرة تستعر فيها النيران، حيث يدفع التمثال دون جوان من خلالها إلى الجحيم، ليستقر فيه إلى الأبد. وقد بقى التمثال رمزا وصرحا يهتدي بها الأجيال، بينما أصبح دون جوان مجرد أسطورة خرافية عفي عليه الزمان.