كمال كرار [email protected] قبل سنوات قال صديقنا ياسين حسن بشير ،في ورشة عمل،أنه لم يكن يتوقع استمرار صدور الميدان – العلنية – لأكثر من 6 أشهر قياساً للأوضاع القاسية التي تعانيها الصحافة السودانية ..وكانت الميدان حينها قد تجاوزت 24 شهراً بعد صدورها العلني الأخير في أبريل 2007 . وللإجابة علي اندهاش الصديق العزيز ،ولتفسير لماذا ظلت الميدان منتظمة الصدور طوال 60 عاماً منذ 2 سبتمبر 1954 وحتي يومنا هذا،لنحكي هذه الحكاية . في ستمبر 2007،صادر جهاز الأمن وفي ليلة حالكة كل نسخ الميدان المطبوعة ، ولم يكتف بالخسائر المادية التي لحقت بالميدان والحزب الشيوعي بل حملها عناصر الأمن إلي (ركن قصي)،وأشعلوا فيها النار . ولكن (شيطان الحزب الشيوعي)أتي بالرواية في حينها،واستطاع بعض الزملاء تصوير الحادثة،ونشرتها الميدان بعد ذلك مع خبر المصادرة،وانتهي الخبر بالجملة المعهودة نحن أغنياء بشعبنا . في اليوم التالي لصدور الميدان،الذي حمل خبر الحريق،ركب (أحدهم) ،وقد شارف ال 90من عمره ، البص من شندي إلي الخرطوم منذ الصباح الباكر، وانطلق من موقف شندي بالخرطوم بحري إلي حيث الميدان بالخرطوم 2 ، ثم دفع مبلغاً من المال للمساعدة في تغطية الخسائر المادية الناتجة عن حرق الجريدة،وغادرنا مسرعاً كيما يلحق بالبص الراجع لموطنه ،دون انتظار كلمة شكراً . وظل هذا ال(أحدهم)،يجمع التبرعات من أصدقاء الميدان في تلك الضواحي البعيدة ويرسلها بانتظام دون كلل أو ملل . وفي ناحية من نواحي الدروشاب كانت هنالك سيدة ،كبيرة السن وعليلة ، اتفقت مع صاحب رقشة علي أن يجلب لها الميدان كلما تصدر،فتعطيه ثمن الصحيفة ومبلغ 5 جنيهات أخري نظير مشواره واهتمامه . وفي أنحاء العالم المختلفة،ظل زملاء وأصدقاء،يرسلون المعدات وحتي شنط الملابس،كلما حط رحالهم بالخرطوم،وكان الأطباء الشيوعيون قد دأبوا وطوال سنتين،علي جلب وجبة الغداء للعاملين بالميدان،لا من أي مطعم،بل يطبخونها ويحملونها بالعربات من أقاصي الخرطوم إلي حيث مباني الجريدة بالخرطوم 2 . وكم من صديق أو زميل وزميلة دفعوا كل تكاليف طباعة الميدان(المصادرة)،أو دفعوا تكاليف صيانة المبني،أو تبرعوا بمراوح ومكيفات هواء وما إلي ذلك . إن ننسي لا ننسي الزميل المناضل التجاني الطيب،وهو الثمانيني الذي يكابد المرض،لا يكل ولا يمل من الصعود والهبوط في سلالم النيابة والمحاكم دفاعاً عن الميدان وخطها التحريري الذي لا ينفصم عن خط الحزب الشيوعي . للتنويه فإن ال(أحدهم) أعلاه هو الزميل المخضرم حسين النور،وسيدة الدروشاب هي الست المحترمة أم الحسن،ونمسك عن ذكر الباقين لدواعي التأمين حتي لا نخرق اللائحة . التحية للميدان في عيدها الستين وكل عام وأنتم بخير