المثني ابراهيم بحر ان القوانين لتشرع والشعارات لترفع ,ولكن كل ذلك لا يجديمالم يستبطن مدعي الاسلام قيم الاسلام الجوهرية ويعيشوها كواقع فيانفسهم ,ويلزموا بها محاسيبهم , ولو بالحد الادني علي ما يجري فيالغرب الرأس مالي, من شفافية وعدم استغلال النفوذ حتي لا تكون قصورمشيدة للجاه ومصالح معطلة للعامة الذين اصاب غالبهم الفقر المدقع فيعهد المشروع الحضاري , فالمولي عز وجل أوجب علي ائمة الحق ان يوازواحياتهم بفقراء الناس حتي لا يقتر الغني بغناه, ولا يبأس الفقير منفقره, وقد ظلت هذه العلاقة بين القيادة والمال علي عهد النبي (ص)والخلفاء الراشدين علي هذه الشاكلة بوجه عام مع الاختلال في هذا الشأنفي عهد الخليفة عثمان بن عفان, وقد جاء في السيرة ان عمر (رضي الله عنه)عندما استعمل ابنه عبدالله علي الحمي امره ان يسمح فيها لرب الصريمة(قليل الابل) ورب الغنيمة (قليل الابل ) وقال له :اياك من ابل بن عفانوبن عوف فأنهما ان يهلك ابلهما يرجعان الي ذهب او فضة….. تلك المقدمة اسوقها بشأن السلطات في حاضرة ولايةالبحر الاحمر وهي تشن حملات قمعية مكثفة علي اصحاب المهن الهامشية, وكذلكللرد علي حديث السيد الصادق المليك وزير الصحة بولاية البحر الاحمر هوايضا رئيس لجنة ازالة تشوهات الولاية, في البرنامج الذي استضافه علي قناةالبحر الاحمر الفضائية في يوم 22/8/2014مع ضيفين اخرين بخصوص الكشاتالتي تشنها السلطات في الولاية بدعوي أن اصحاب المهن الهامشية ما همالا تشوهات اصابت وجه المدينة الحضاري ويجب مسحهم وتنظيف الولاية منهم,وقد خرجت الرصاصات الطائشة من وزير الصحة الصادق المليك بخصوص اصحابالمهن الهامشية , وقال ردا علي سؤال مقدمة البرنامج عن اصحاب المهنالهامشية والباعة المتجولين متوعدا اياهم بالاجراءات الصارمة قائلابالتحديد (لازم الواحد فيهم يؤجر محل ,يدفع ضريبة ,يدفع عوائد,يدفعكهربا,يدفع زكاة ) ومتهما اياهم في نفس الوقت انهم متهربين من كل هذهالاشياء مؤكدا لو انهم دفعوا كل تلك الاشياء(مافي زول بيسألهم)….! تلك الاجابة ليست بمستغربة ,فهذا هو حال وزراءزمن الغفلة والهوان الذين جاءت بهم اقدار العقدين الاخيرين ,و تذكرني اجابة وزير الصحة بخصوص اصحاب المهن الهامشية بالطرفة التيتقول ان احد المرضي ذهب الي الطبيب في عيادته بغرض الاستشفاء , وكتب لهالطبيب في روشتة العلاج ان يستعمل الدواء علي ثلاثة مرات في اليوم بعدكل وجبة,فما كان من المريض الا ان رد عليه ( انا لو كان باكل تلاته وجباتكان جيتك يا دكتور….!) ونفس الشيء ينطبق وزير الصحة الذي لا يحس بالاماولئك البسطاء, فلو كان هؤلاء البسطاء من اصحاب المهن الهامشية والباعةالمتجولين يملكون ثمن الايجار والزكاة والضرائب والعوائد, اذن ماهيالمشكلة يا سعادة الوزير ……! وما الذي يدعوهم لأن يبهدلوا انفسهمبهذه الطريقة المهينة, فما تفعله الحكومات المحترمة في مثل هذه الحالاتاولا وقبل كل شيء انها تستعين بمختصين وخبراء في مجال علم الاجتماعلايجاد حلول جذرية لظاهرة المهن الهامشية ,ثم من بعد ذلك تشرع الحكومة فيتطبيق التوجيهات والمقترحات عمليا التي قد تساهم في اختفاء الظاهرة اليحد معقول, ثم تكون المرحلة الاخيرة(اخر الدواء الكي ) هي مرحلة الكشاتحتي تبريء الحكومة نفسها اولاامام المولي عز وجل , وثانيا حتي تبريءنفسها بانها قدمت لتلك الشرائح كل ما يمكن ان تقدمه الحكومات لشعوبها,ولكن بتلك الطريقة العشوائية التي تتبعها السلطات في البحر الاحمر وفي كلالمدن السودانية لن تختفي الظاهرة بل وانما ستزيد,فقد خلفت ضغوطات الحياةالاجتماعية لسبب الواقع الاقتصادي الذي تسبب في غالبه نظام البشير , تسببهذا الواقع الاقتصادي المتردي في بروز ظواهر اجتماعية مفزعة ,اما عنالفساد الاخلاقي فحدث ولاحرج, اذ ان تعايش الترف مع الفقر المدقع مظنةللفساد المهلك للأمم(وكم من قرية اهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية عليعروشها وبئر معطلة وقصر مشيد) ……………………….. ان ظاهرة المهن الهامشية التي لا يضع لها نظامالبشير اي اعتبار هي نتيجة لجملة من الاسباب يتصل غالبها بقصور السياساتالاقتصادية وسوء انماط التنمية , وعلي رأسها تركيز الجهد التنموي فيبؤر محددة في المدن الرئيسية مع اهمال الريف بل وكثير من المدن الكبري ,والنتيجة الطبيعية لهذا النمط من التنمية هي الهجرة من تلك البؤر التيتتكدس فوق طاقتها الاستيعابية لجهة الخدمات وفرص العمل , وهذه ظاهرة عامة فيما يعرف بالعالم الثالث, والي جانب ذاك السبب الذي نال منه السودانحظا وافرا , و هناك عوامل داخلية خاصة ساهمت بقدر كبير في استفحالالمشكلة حري بنا ان نذكر بعضها :من تلك العوامل تدهور البيئة الطبيعيةفي اجزاء واسعة من انحاء البلاد خاصة في كردفان ودارفور لسبب الزحفالصحراوي وشرق السودان نفسه لم ينجو من تلك الظاهرة, والان بدأت القضارفتنحو في ذات الاتجاه اذا نظرنا الي تذبذب مياه الامطار في هذه المنطقةالتي كانت معروفة بغزارة الامطار, ويقف منظر غابة الفيل التي طالتهااسباب تسببت في تعريتها كدليل يغني عن المجادلا , وكذلك النزاعاتالمسلحة التي اجتاحت ولايات عديدة غالبها مناطق الانتاج كنتيجة اخريلسياسات التهميش وغياب التنمية المتوازنة , تلك العوامل كانت كفيلةبدفع سكان الارياف والمدن التي لاوتجد بها تنمية زرافات صوب المدنالرئيسية الكبيرة خاصة في حقبتي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي,ليلوذ غالبهم باطراف تلك المدن فيما يسمي بالاحياء العشوائية في بيئةلم يملكوا فيها المهارات الضرورية لسبل كسب العيش فيها ………………………………….. ثم جاءت الكارثة الكبري ان ضربت البلاد بعد ذلكالسياسات الاقتصادية العشوائية منذ بدايات عهد حكومة الجبهة الاسلاميةتحت شعار (التحرير) وتمكين (القوي الامين ),و ضربت علي الشرائحالاجتماعية المستضعفة حصارا اقتصاديا من عنت المعاش في المأكل والمشربوالملبس والمأوي وخدمات الصحة والتعليم , وصارت الحياة جراء تلك السياساترمضاء علي ذوي الدخل المحدود ونار علي العاطلين عن العمل , وفوق قصور طاقة العمل لاستيعاب النازحين من الارياف والمدن البسيطة بلا مهارات فيالغالب , ثم جاءت سياسة الاحالة للصالح العام والخصخصة لتقذف بالمزيدالي جحيم البطالة , ومهم ان ننوه الي ان المنتمين للشرائح المهمشة هماصلا من اصطلي بألسنة لهب الصالح العام والخصخصة اتساقا مع نهجالمحسوبية المعروف , وزاد من واقع المهمشين ماساوية حين ضربت كارثةالحرب الاهلية لجهة فقدان العائل او اعاقته , فكما سالت دماء الشهداءوالمعوقين في ارض المعارك سالت كذلك دموع الزوجات والارامل والامهاتوالثكالي والبنين والبنات والايتام ,لا بكاء علي الشهداء فحسب وانمابألم الحرمان , بل احيانا بقنابل الدخان في عمليات ازالة اكواخ السكنالاضطراري في الاحياء العشوائية التي لاذت بها اسر كثيرة من اسر الجنودوالمتضررين من الزلزلة الاقتصادية ……………………………. يحار المرء في ما ذهب اليه وزير زمن الغفلة والهوانفي حق اولئك البسطاء وهو يدعو صراحة لعزل هذه الشريحة المهمة قبل انيقنع ذاته , فقضية المهن الهامشية احتلت مساحة واسعة في هذا الوطنالمنكوب , وهذه القضية تبدو جانبية في نظر هذا النظام الغارق في الفسادحتي اذنيه بشهادة المجتمع الدولي, ولكنها تنطوي حقيقة علي اهمية بالغةلانها تتصل في تقديري بصورة مباشرة بجوهر فلسفة النظام الاجتماعيالاقتصادي القائم في بلادي , فالي جانب بائعات الشاي نذكر علي سبيلالمثال لا الحصر بائعات الطعام ومنظفي الاحذية, غاسلي العربات ,الباعة المتجولين , بائعات الفول والتسالي , وغيرهم من المكابدين من عنتالحياة من اجل لقمة عيش حلال لاسرهم , ويضاف اليهم المسخرون في اعمالالنظافة والحمامات والمجاري وخدمات الحراسة بواسطة شركات الاتجار في عرقالكادحين فيما يمكن تسميته بحق رق العمالة ………………………………………. كل الاسباب التي اشرنا اليها افرزت واقعامأساويا اهم معالمه الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة بأطلاق العنانللاسعار بلا اي ضابط , ورفع الدعم الحكومي عن السلع الضرورية وتحللالدولة عن التزاماتها عن الخدمات الضرورية في الصحة والتعليم مع ضمورفرص العمل للخريجين , , وكان علي الوزير بدلا من الثرثرة في ما لا طائلمنه ان يتحدث بدبلوماسية عن سعي حكومته الي جلب المستثمرين و فتح نسبةكبيرة من المصانع التي اوصدت ابوابها للسياسات الاقتصادية المجحفة فيهذه البلاد لايجاد وظائف للعاطلين عن العمل واصحاب المهن الهامشية بدلاعن الجعجعة في ما لا طائل منه …..؟ وليسأل الوزير نفسه …….؟ لماذاهرب المستثمرين السودانيين ولجأوا الي دولة اثيوبيا بالرغم من مهرجاناتالاستثمار والتسوق التي انتشرت بشدة ….؟ اليس كان من الاولي انيستثمروا في بلدهم ……..؟ فما الذي نسبة كبيرة من المستثمرينالسودانيين من الاستثمار في السودان علي رأسهم السيد اشرف الكاردينالالذي كان يريد ان يستثمر بمشروع ضخم في الاستزراع السمكي في البحر الاحمرولكن العراقيل التي وضعت امامه جعلته يهرب بجلده لتنفيذ المشروع فياريتريا واثيوبيا….! فبالارقام حجم الاستثمار السوداني في اثيوبيايحتل المرتبة الثانية بعد الصين, فالطاقة المعطلة في القطاع الصناعيفي البحر الاحمر 95%, وبهذه العقلية يسلط غلاظ القلوب زبانيتهم علياصحاب المهن الهامشية يطاردونهم في الطرقات , يعبثون بانيتهم دوان يطرفلهم جفن,ودون ان يدرواحقيقة ما يفعلون….! انهم في دافع الامر انماينزعون اللقمة من افواه زغب صغار …………………………………………. كان علي السيد الوزير ان يسأل نفسه قبل ان يطلق رصاصاته التي اصابت كل من سمعها بمكان ما فيالقلب…………. ! ان يسأل نفسه ما الذي يدفع امرأة تكابد طوال اليوم ليل ونهار وما تكاد تضع رأسها علي وسادتها حتي تنهض قبل انغلاقالفجر, تسبق زبائنها حيث تكد وتعمل, وما الذي يدفع صبيا يافعا ليقضييومه تحت هجير الشمس الحارقة في نظافة الاحذية وغسيل العربات , بينمايفترض ان يكون مع اقرانه في فصول الدراسة ……..؟انها الحاجةوالضرورة الملجئة ,فأذا استطاع نظام البشير ان يوفر الوظائف للعاطلين عنالعمل والحياة الكريمة للمواطن السوداني الذي يدفع الضرائب والعوائد , وتوفر الحد الادني الذي يجعل من المواطن يعيش حياة كريمة كنت سأكون من اولالداعمين لترهات وزير زمن الغفلة والهوان , ولكن دعوات الثكالي والايتاموالضحايا والمنكوبين ستلقي بكم في مذبلة التاريخ,اليس منكم رجل رشيدليتعلم من الدروس والعبر لأن العاقل من يتعظ بغيره وان شاء الله صبح المحاسبة قريب