بل أنتم !!! صلاح عووضة *تمعنوا معي- أرجوكم – في المفارقة العجيبة هذه ثم اضحكوا أو ابكوا كل حسب مزاجه.. *فأمريكا الدولة الأقوى في العالم عدد وزرائها – مع الرئيس – لا يتجاوز خمسة عشر فرداً.. *وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وكندا – وكل دول العالم الأول – لا يتخطى عدد الوزراء فيها حاجز ال(20).. *وفي الصين – غير الديمقراطية – عدد الوزراء لا يتعدى الرقم (20) هذا أيضاً.. *الآن أنظروا إلى بلادنا التي تقبع في مؤخرة دول العالم الثالث دعك من العالمين الأول والثاني.. *فعدد الوزراء في عاصمتها فقط – ما بين اتحادي وولائي ووزير دولة – ثمانون (بالصلاة على النبي).. *أما الذين هم (مشرورون فوق البلود) – اقتباساً من رائعة شاعرنا الحردلو- ف(العدد في الليمون!).. *والغريبة أن العدد هذا جاء في إطار ما سُمي (الحكومة الرشيقة) تقليصاً للإنفاق.. *ثم مفارقة أخرى لا تقل عجباً وهي أن الوزير في الدول هذه يستقيل فوراً إن حدث خطأ تسبب فيه أحد الذين يتبعون لوزارته.. *أما في دولتنا فالوزير – بسم الله ما شاء الله – لا يخطئ أبداً وإن وقعت مصيبة كارثية في دائرة اختصاص وزارته.. *كل الذي يحدث أن تُشكل لجنة محاسبة تقضي بفصل هذا أو ذاك – من الصغار- أما الوزير نفسه فباقٍ في منصبه وإن كره (المتربصون).. *وقد أتتني البارحة طرفة رأيت أنها تجسد المفارقة هذه خير تجسيد .. *ففي سباق قوارب بين (رسميين) من السودان واليابان فاز القارب الياباني بفارق زمني كبير.. *فغضب (جماعتنا) وحرصوا على معرفة السبب بما أنهم تهيأوا للسباق هذا بلجان واجتماعات و(آليات!).. *ثم إن عدد الأفراد في الجانبين متساو حيث يحوى كل قارب عشرة أشخاص.. *فوجدوا – بعد التقصي – أن الفريق الياباني له مديرٌ واحد بينما فريقهم هم له خمسة مديرون.. *واستجاب اليابانيون – ضاحكين – لطلب نظرائهم السودانيين بخوض جولة سباق أخرى .. *وكانت النتيجة كما الأول – وبفارق زمني أكبر – رغم اكتفاء السودانيين بمدير واحد إسوة باليابانيين.. *نعم لكل من القاربين مديرٌ واحد ولكن انظر أين يكمن الفرق : *فاليابانيون التسعة الآخرون كانوا يشتغلون بالتجديف بينما (هيكلة!) الجانب السوداني اشتملت على نائب مدير ومستشار مدير.. *ثم رؤساء اقسام ونواب رؤساء أقسام ومجدف (واحد).. *وتم تكوين لجنة محاسبة – إسكاتاً لغضب الشعب – قضت بفصل المجدف الواحد هذا .. *أما الآخرون فقد صُرفت لهم حوافز وأتعاب ونثريات سفر و(بدل شدة).. *أتعجبون بعد هذا أن بات حالكم يُغني عن سؤالكم بينما وزير ماليتكم السابق يشتري قصراً بنحو عشرين ملياراً ؟!.. *ثم كم وزيراً مثله يا ترى – من بين جيوش وزراء بلادكم – أبت دراهمه إلا أن تمد أعناقها ؟!.. *ثم لا أحد من (مديري القارب !) الكثر هؤلاء يحاسب نفسه على (خسارة السباق).. *بل المصيبة فيكم أنتم أيها (المجدفون !!!). بالمنطق – صلاح الدين عووضة صحيفة الأهرام اليوم