ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاً لضرب النساء (2) (واضربوهن) إستأنفوا ولا للحرج..
نشر في حريات يوم 24 - 10 - 2014


سيف الحق حسن
أولا، أود شكر جميع المعلقين الذين أثروا الجزء الأول بالتعليق وضرب بعضهم لي الإرشادات التي ستفيدني كثيرا كالرجوع لكتب الأستاذ محمود محمد طه ود. الجربوع. إني لا أدعي إمتلاك الحقيقة، فما أقدم ما هو إلا لزيادة معرفتي ولطرق باب احد المواضيع الحساسة للوصول للتأويل الذي يتماشى مع عصرنا، فلم أجد التفسير الذي يقنعني إلى الآن. وأنا لست شيخا ولا رجل دين، ولكني عبد الله، أقرأ كتابه وكلي ثقة بأنه نور محكم مبين. ونحن نتفق في أن مراد الله أوضح وأسمى وأجل مما أقدمه وما يعلم تأويله إلا الله. فإن أخطأت فمن نفسي وقصور عقلي وحسب فهمي، وإن أصبت فما ذلك إلا بتوفيق منه سبحانه.
ومواصلة للحديث:-
الضرب عن وعلى يأتي بمعنى المنع والتغطية أوالحجب، أوالسد للصدود لعدم التوجه/الضرب في سبيل الله:
- ((أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين)) [الزخرف: 5].
- ((فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا)) [الكهف: 11].
- ((وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)) [البقرة: 61].
- ((ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس)) [آل عمران: 113].
فيمكن أن يأتي معني ((واضربوهن)) أي الإبتعاد عنهن، أو إبعادهن، كل في إتجاه.
ضرب الملائكة:
- ((فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)) [محمد: 27].
- ((ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق)) [الأنفال: 50].
من الآيات السابقة أن أي ظالم عندما يأتيه الموت وتتوفاه الملائكة، تضرب وجهه ودبره ليس بالمعنى الحرفي للضرب ولكن بمعنى التمحيص والتقليب في مختلف الإتجاهات. أي تتجه الملائكة في مختلف أنحاء الدنيا لترى ما قدم فيها عندما كان مقبلا عليها بوجهه وتقتفي أثر ما خلف فيها بعد إدباره منها. فكل أثار الظالم السلبية أيضا تحصيها الملائكة. أي عبارة عن كشف حساب نهائي مفصل كما في الآية: ((ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون)) [النحل: 25].
ويخبرنا الله تعالى بأن نعلم بأن الظالمين يتعذبون عند موتهم قبل أن تضرب الملائكة وجههم وأدبارهم: ((ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون)) [الأنعام: 93].
ضرب الأنبياء…
وهو للفت الناس للحقائق الماثلة، أو لإظهار معجزة تجذب الإنتباه لتحقيق التغيير. وهذا كله ضمن إطار معركة ضرب الحق بالباطل التي يخوضها الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
* ضرب موسى عليه الصلاة والسلام:
- ((ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى)) [طه: 77]
- ((فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم)) [الشعراء: 63].
- ((وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى …)) [الأعراف: 60].
- ((وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون*فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون)) [البقرة: 73].
وإن كان هذا ضرب فعلي، إلى أنه أفضى لمعجزة تدلل على قدرة الله عز وجل للإيمان به، وليس ضرب من أجل الضرب.
*إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
- ((فراغ عليهم ضربا باليمين)) [الصافات: 93].
وأصل الحكاية ان إبراهيم عليه الصلاة والسلام أقسم بكيد أصنام الكافرين، ليحطمها وفعل كما يقول تعالى: ((وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين*فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون)) [الأنبياء: 58]. أي إنه أقسم أمامهم بأنه سيكيد أصنامهم بعد أن يولوا مدبرين. وكيف تم ذلك. إرجع لسورة الصافات إذ يقول جل وعلا: ((فتولوا عنه مدبرين*فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون*ما لكم لا تنطقون)) [الصافات: 92]. وإلى هنا لم يذكر الله تعالى إنه حطم أصنامهم ولكن ذكرها في سورة الأنبياء.
وبالرجوع لسورة الصافات يكمل الله تعالى النقاش. فقد راغ إلى آلهتهم وحطمها ((فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون*ما لكم لا تنطقون)) [الصافات: 92]. ومن ثم راغ مجددا ولكن على من؟ ((فراغ عليهم ضربا باليمين*فأقبلوا إليه يزفون*قال أتعبدون ما تنحتون*والله خلقكم وما تعملون)) [الصافات: 96]. فالروغ الثاني على الكافرين بأنه ضربهم باليمين، أي وجه عقولهم إلى حقيقة كانوا فيها غافلين. فالضرب باليمين يجلب التنبيه للتوعية، مثلما تقول لأحدهم: دخلت فيه شمال. وقد إستمر الجدل بينهم بعد هذا الضرب باليمين حيث نادوه وقالوا: أأنت فعلت هذا، فرد عليهم: بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون. وبعد هذه الضربة رجعوا إلى أنفسهم ولكنهم نكسوا على رؤوسهم مجددا عندما عرفوا الحقيقة وذلك لكبرهم. فكفروا بالحق وذهبوا لمعاقبته فقالوا أبنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم.
وإن جاز التعبير فالضرب باليمين هو ضرب الأمثلة في صميم الحقيقة والحقائق للإصطدام بها لتنبيه العقول وتوجيه القلوب الغافلة للحق. وكما قلنا فإن الضرب هو معركة الحق بالباطل.
وفي سورة الصافات نفسها يشرح الله تعالى لنا كيف نضرب باليمين لأن الشيطان يلبس الحق بالباطل، فلابد من اليقظة. ((قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين*قالوا بل لم تكونوا مؤمنين، وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين، فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون، فأغويناكم إنا كنا غاوين)) [الصافات: 28]. بصورة أخرى، أي ان الضرب باليمين عكس الإتيان باليمين. فالإتيان باليمين يعني تدليس الشيطان للحقائق وتزييفها حتى يحسب الظالم والطاغية انه يحسن صنعا، فيكون قد ضلله الشيطان وغواه. فيجب مواجهته بالضرب باليمين-إتباع الحق وعدم مداهنة الباطل.
* أيوب عليه الصلاة والسلام، وهل ضرب زوجته أصلا؟:
- ((وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب)) [ص: 44]
يقول تعالى آمرا نبيه أيوب: ((وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث)). ففي التفسير الميسر يقول صاحبه: "خذ بيدك حُزمة شماريخ، فاضرب بها زوجك إبرارًا بيمينك، فلا تحنث؛ إذ أقسم ليضربنَّها مائة جلدة إذا شفاه الله، لمَّا غضب عليها من أمر يسير أثناء مرضه، وكانت امرأة صالحة، فرحمها الله ورحمه بهذه الفتوى. إنا وجدنا أيوب صابرًا على البلاء، نِعم العبد هو، إنه رجَّاع إلى طاعة الله".
أي إن الله أمر نبيه بأن يضرب زوجته!. ولكن لما أورد الله تعالى هذه المعلومة أساسا أو ماذا نستفيد منها؟. فقد إستخدمها المفسرون والوعاظ بتحليل ضرب المرأة واضعين الضغث في مقدمة أدوات الضرب؟.
أنظر كيف يمكن ضرب هذا السخف.
أولا لم يخبرنا القرآن الكريم بأن الله أمر نبيه بضرب إمرأته بالضغث أو أي إنسان مباشرة. والسؤوال: وهل كان نبي الله أيوب متزوجا أساسا؟. تقول روايات المفسرين إن إمرأته كانت صابرة معه في مرضه. سؤوالي هنا: لماذا لم يضربها الله مثلا للمؤمنين حين قال: ((وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون..)) [التحريم: 11]، وحيث ضرب مثلا للذين كفروا بإمراة نبيين خانتاهما في نبوتهما. فالصبر على بلاء مرض الزوج أبلغ من جلدها بالضغث. وحتى إذا سلمنا بالضرب فقد يكون الضرب ليس بمعنى الضرب/ الجلد كما نفهم، بل بمعنى ما ذكرت لك آنفا عن معنى الضرب.
بحسب ما تدبرت وفهمي، هناك أمران أمر الله تعالى بهما نبيه أيوب عليه السلام. وهما أركض برجلك وخذ بيدك، فكلاهما بأطراف الإنسان.
أمر الله الأول بأنه قال له أركض برجلك: والركض هو ضرب الأرض بالرجل؛ فخرجت منها الماء البارد الذي إغتسل به وشرب منه فبرأ وشفي. ((أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب)) [ص: 42]. والآية التي تليها توضح إن الله إستجاب له وشفاه وكشف عنه ضره وأكرمه بأن وهب له أهله. ((ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب)) [ص: 43]. ويبدوا والله العليم إنه لم يكن متزوجا أصلا فوهبه الله له أهله من زوجة وولد، وزاده مثلهم بنين وحفدة. لأن وهب معناه رزق أو منح وأعطى شيئا لم يكن موجودا أصلا.
ثم يأتي الأمر الثاني، بعد فترة النقاهة والإستقرار الأسري، بأن يأخذ بيده "ضغثا" فيضرب به ولا يحنث. ولكن ما معنى حنث أو يحنث عن ماذا؟.
حنث فلان معناه مال من الحق إلى الباطل. أما حنث بوعده فمعناه أخلف أو نقضه سيما إن كان قد أقسم. فلا أظن أن يحنث عن قسمه بضرب زوجته إذا إفترضنا إنه كان متزوجا أصلا. لأن الزوجة وهبها الله له ومثلهم معهم بعد تعافيه. وإذا كان المقصود الزوجة لأتت الآية ((وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولاتحنث)) مباشرة بعد الآية ((أركض برجلك)). ولكن أتت آية ((ووهبنا له أهله ومثلهم معهم)) في المنتصف بينهم للتدليل على انه أخذ فترة نقاهة من عناء المرض الطويل.
فيحنث على أغلب الظن انها جاءت لئلا يحنث ويستكين عن تبليغ آيات الله. فالأنبياء مأمورون بتبليغ قومهم. وقد أخذ الله من النبيين هذا العهد من قوله تعالى: ((وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا)) [الأحزاب: 7]. فإذا استكان ولم ينبأ قومه ويوجهم فقد حنث.
ولكن لماذا الأخذ بالضغث والضرب به، وماذا يعنى ذلك؟.
الضغث هو حزمة من حشيش أو قضبان. كلمة ضغث هي مفرد أضغاث، وتقول العرب ضغثت المرأة شعرها أي تخللته بالماء. فقد يكون الضغث للتلويح بأنه شفاه الله ويلفت قومه لمواصلة دعوته. وأضغاث أحلام أتت في القرآن بمعنى تشابك الأحلام وإختلاطها. فالضغث الذي أمر الله به نبيه أيوب أن يأخذه ويضرب به هو من أخلاط أفكارهم لتوجيههم إلى هدي الله تعالى كما فعل نبي الله إبراهيم بالضرب باليمين، عليهم الصلاة والسلام.
ونذكر بأن هذا كله ضمن إطار معركة ضرب الحق بالباطل التي يخوضها الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
خلاصة معنى الضرب..
يقول تعالى: ((ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون*وقالوا أآلهتنا خير أم هو، ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون)) [الزخرف: 58].
في الآيتين ورد الضرب مرتين: فضرب ابن مريم، وما ضربوه لك إلا جدالا. فهل معنى أن الله ضرب ابن مريم مثلا، وما ضربوه لك إلا جدلا يعني أنهم ضربوه بالمعنى الحرفي؟.
ومن المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)- أو برواية: (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها). فالضرب هنا توجيههم وتحبيبهم ليصلوا وليس ضربههم ليصلوا خوفا من الضرب.
فالضرب كمعني هو إعطاء الأمثلة والتوجيه والإرشاد والسعي والحجب والتغطية والمنع وتحقيق معجزة كما تبين لنا. وفي الفلسفة الوجودية كل ما حولك مضروب لك، وعليك ان تدرك ذلك بأحاسيسك وتعيه بعقلك لكي تأخذ منه العظة والعبرة والرشاد لتهتدي به. وأنت ذاتك مضروب للآخرين لكي يأخذوا منك مثل ما ضربوا لك.
إذا كلنا يضرب بعضنا بعضا فلا يبقى إلا الحق الذي ينتفع منه الناس أو الإنسان الذي يدرك الوجود مصداقا لما يقول الله تعالى: ((كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال)) [الرعد: 17].
وإذا جئنا لإستنباط معنى ((واضربوهن)) من الآية: ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا)) [النساء: 34]. في النشوز أول يجب أن نلاحظ إنصاف الله تعالى للمرأة. فإن خافت من زوجها نشوزا لا يقول الله تعالى بضربه، لا بل إسمع ماذا يقول سبحانه: ((وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)) [النساء: 128]. وحقها مكفول من قبل بالآية: ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم)) [البقرة: 228].
وعلينا أولا تعريف اولئك الرجال القوامون على النساء. فهؤلاء الرجال هم الذين يحق لهم ضرب النساء، لأن ليس كل ذكر يعد من الرجال.
فالرجال هنا هم الرجال المسؤولون الذين يقومون بمسؤولياتهم كاملة تجاه زوجاتهم من إنفاق وتعامل بالمودة والرحمة. فهم صالحون وكذلك يكن زوجاتهم صالحات كما في الآية. فإن خاف هذا الرجل الصالح من نشوز زوجته عليه –أي تتمرد عليه وتخرج من المعتاد- فعليه بوعظها وهجرها في المضجع وضربها. والضرب هنا ليس بمسواك أو ضغث أو ضرب غير مبرح كما نفهم بتلك السذاجة. فهذا النوع من الجلد يجلب الإستهزاء إذ أنه لا يؤثر، وقد تقول المرأة كما يقول الاطفال: "باااردة ولم تحرقني"، وتستمر فيما هي عليه. لذلك تجد بعض الذكور يصيبهم الحنق ولا يكترثوا مادام الضرب محلل. فيضربوا زوجاتهم حتى تسيل منهن الدماء وتكسر عظامهن. وبأي حال من الأحوال فالضرب بالمعنى الحرفي كما نفهم ليس مجديا، ولا يحقق تغييرا إذا لم تكن هناك قناعة داخلية.
وإن كان الضرب بمعنى الجلد فيجب مراعاة فروقات المجتمع وتطوره الإجتماعي والضغط السياسي، وتاريخ المسلمين لا يمثل الإسلام..
قد يكون معنى ((واضربوهن)) بمعنى الجلد فعلا. ولكن علينا أن نحدد كيف كان وضع المرأة عموما في ذاك الزمان. كانت المرأة مهانة بمعنى الكلمة. فلم تكن إلا كأداة جنسية أو حاضنة أطفال على أحسن تقدير. وكان وأد البنات الصغار شائع للخوف من نشوزهن عندما يصبحن كبار. فعندما ينهى القرآن الكريم عن (قتلهن) ويأمر ب ((واضربوهن)) ويلتزم به رجال ذلك المجتمع فإنه معناهقد وضع قانونا يخفف إضطهاد الذكور للإناث. وقد تحقق تقديما كبيرا في التغيير لنيل حقوقها. وبالفعل ذلك ما صار. وكان من المفترض التقدم والإرتقاء حتى تنال المرأة حقوقها كاملة كإنسان.
ولكن أتت السلطات السياسية ووعاظ السلاطين وجمدوا النصوص على فهم هم ووقفوا عند ذلك الحد من حقوق المرأة والذي يظل يعاني منه كل المجتمع الآن. فما يفعله جاهلي العصر من الإسلاميين هو إقتفاء للسياسة ولما كان عليه المجتمع وليس الإسلام.
فلا يمكن أن نلوم القرآن الكريم، هذا الهدي الذي بين لنا كيف صنع التغيير. فأنت لايمكن أن تأتي بقانون الآن وتقول إنه صالح لكل زمان ومكان لأنك لا تعلم المستقبل والمستجدات. والغرب الذي تتقدم عنده حقوق الإنسان والمرأة لم يأتي نتيجة قانون واحد صيغ قديما ولكن نتيجة سلسلة تطور من القوانين عبر العصور. وحتى الكتب والنظريات العلمية فإنها تتطور وتنسخ بعضها بعضا كلما إزدادت المعرفة وتطورت العقول. وحتى معاني الكلمات تتغير كما أوردنا في معنى الضرب الذي كان يفهم قديما، وهذه هي معجزة القرآن.
فالقرآن الكريم كتاب مبين نأخذه منه العبر والدروس. وقد كان قديما الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالأنثى كما ذكر الله تعالى في كتابه الحكيم. فالعبد بالعبد تعكس مرحلة تاريخية من البشرية إنتهت. والقرآن لا يقر أساسا إستعباد الناس بعضهم لبعض، بل وضع القوانين لتتخلص البشرية تدريجيا من الرق والعبودية. فأنتهت العبودية وقد تنتهي أيضا مرحلة الأنثى بالأنثى عما قريب. ولكن للأسف لم ينهي المسلمون الرق والعبودية، بل إستخدموا النصوص لتقنين ما يفعلون. فمشكلتنا اننا نخلط تاريخ المسلمين والإرث القمئ ونقول إنه يمثل الإسلام ولا نرجع للمصدر الرئيس الذي أنزله الله تعالى لنهتدي به، وهو القرأن.
لذلك ((واضربوهن)) التي أتت في سورة النساء ليست للذكور المفترين على النساء بل لأولئك الرجال الذين يجسدون الرجولة، حسب قوامة الرجال في ذاك الزمان الغابر. ((واضربوهن)) ليست إلا بمعنى توجيههن وإرشادهن وإعطاءهن الأمثلة المناسبة سيما المواقف التي تدل على المروءة حتي يقتنعن بطاعة الرجل كقدوة. فالمرأة بطبعها تحمل صفات المروءة. ولكن في هذا الزمان الماثل، فالكثير من الذكور يحتاجون أصلا للضرب حتى يصيروا رجالا أولا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.