عثمان شبونة * الكتابة عن جمال الوالي ستغضب (الساكتين) بالقرب منه؛ ينظرون إليه بعين الرضا حتى لو ابتلعته (شيمة) السقوط.. والأسباب معلومة..! وحين أخطأ الوالي بتلبيس ذاك (القول الشعبي) مكان القرآن الكريم في الواقعة المشهورة؛ وجد من يدافعون عنه بالباطل؛ وهم أحرار؛ لكنهم كانوا مأخوذين كِبراً بتغاضيهم عن تجنيه في حق الدين الذي (يتمشدق) بعضهم باجتراره.. بل حاولوا تمييع تلك السقطة؛ وتناوب آخرون في جعلها (نكتة)..! ثم.. تغافل كتبته غير المخلصين عن عدم اعتذاره.. فكان أن (وقع!) مرة أخرى وهو يحاول أن يستعرض (تاريخه الديني) مدافعاً عن ذاته وسارداً أمجاداً تاريخية لا تهمنا البتة (في وجوده!).. بينما انهمك البعض بعمليات تجميل والتكرم نحوه بلبوس (الشخص المثقف)..! وقد أكدت تلك الواقعة المعلومة؛ بأن الرجل (لا يقرأ..!) ناهيك عن كونه ممتلئاً ثقافة.. فالمثقف الحقيقي حين يرتكب الخطأ كباقي البشر؛ يجيد فعل الخروج من الحرج وياله من حرجٍ ثقيل في موقف كذاك.. أعني موقف جمال الوالي حين تحدث في برنامج تلفزيوني مدافعاً عن (نفسه الكروية)؛ وقال في معرض دفاعه عن (عزته وشرفه): قال الله تعالى: (العارف عزو مستريح!) وأيضاً أردف القول مدعِّماً الفرية الأولى: قال الله تعالى: (لا تأخذوا الناس بالشبهات)..! ورغم التحلي بحسن النية تجاهه؛ وتسليمنا بأن الوالي لا يقصد الإساءة إلى القرآن؛ لكنه انطفأ تماماً بالدفاع عن نفسه بإسراف لغوي؛ في حين أنه لم يكن بحاجة لشيء سوى كلمتين على غرار قصيدة الشاعر الحسين الحسن: (إني اعتذر)..!! * أعلاه اجترار غير ضروري؛ ولكنه مهم في تمحيص سيرة قيادي لامع بالحزب الحاكم، نسميه باللهجة السودانية (مغلاطي!).. والمغالطات دفعتنا ب(النية السليمة!) لنكتب عن الشخصية الأخرى (جمال الوالي المستثمر.. رئيس مجلس إدارة بنك الثروة الحيوانية) وليس (الكروي)..! * (المغلاطي) تحدَّى من يتحدثون بوجود فساد وتجاوزات داخل بنك الثروة الحيوانية الذي يرأس مجلس إدارته؛ بأن يبرزوه.. والمتحدي من أبجدياته أن يكون (سليم الجانب!!).. فإذا كان الوالي كذلك فما بال الهجمات تباغته من البرلمان الذي أثار موضوع البنك في (مسألة مستعجلة)..! لِمَ العجَلة بالتحدي؛ والمراجع العام يشير إلى تحقيق فى مخالفات مالية وبيع أصول ببنك الثروة الحيوانية دون معرفة المساهمين (حسب صحيفة الجريدة)..! ثمّ.. لم تتوقف الاتهامات والشبهات لدى نائب برلماني واحد؛ لكن بحسب الأنباء زاد عدد النواب الذين دمغوا الإدارة بالعجز؛ إذ لم تحقق الأهداف التي استطال البنك من أجلها.. بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ مطالبين بإرجاع أي جنيه أخذه مصرف الثروة الحيوانية من بنك السودان (طيب الله ثراه)..! * فهل أولئك جميعهم (تعجّلوا) التحامل على بنك يرأسه شخص فاشل؟ ورغم أن ديباجة البنك عزيزة ودالة على بلاد زاخرة بثروة حيوانية يندر مثيلها، إلاّ أن سقوط هذا البنك بحسب الرثاءات يشير إلى فقر في الإدارة (ذات الرؤوس المتعددة) قبل أن يكون الفقر في المناهل المغذية للمصرف.. هذه الإشارة مقرونة بتفرُّس الحالة الأخطبوطية لرئيس مجلس الإدارة الذي نعجز عن (تعديد) مهامه في السلطة؛ إذ لم يلزمه حائط (نادي المريخ) فقط؛ والذي نجح فيه ببعض (الدهانات) واستجلاب اللاعبين ذوي (الكُلف) المثيرة.. لكن المؤسسات الاقتصادية غير الملاعب يجب أن يديرها أولي الأفكار والنهى.. فإذا سقطت أكدوا على رجاحة (نهاهم) بالتنحي..! * يقول جمال: (نسبة التعثُّر في البنك الآن 3%، .. البنك المركزي تدخَّل برفع رأس مال بنك الثروة الحيوانية من 70 إلى 165 ملياراً، وأصبح يمتلك 55 % من أسهم البنك بعد أن كان مملوكاً بنسبة 80% لأفراد). انتهى. * هذه واحدة من وثبات جمال الوالي العديدة؛ توقفت فيها طويلاً رغم جهلي الذي أقر به في عالم المال والأعمال.. وهي تنم عن تجاوز؛ بعيداً عن ذاك التجاوز الذي يتحدث عنه المراجع العام أو نواب البرلمان، وقد أخبرنا بعضهم بأن البنك المركزي أنقذ جمال الوالي بهذا التملّك للأسهم الواردة في سياقات الأخبار.. لكن ما يعنينا قبل (التعثر) هو التجاوزات التي جرت على الألسن؛ والتجاوزات في الغالب هي النعت المُخفّف (للفساد) فأجهزة السلطة بهذا الحال الماثل تجامل بعضها وتراعي (للإخوان) في وصف المصائب بأساليب اللا مبالاة..! ثم لا أنسى السؤال للمستثمر جمال الوالي: ماذا يعني امتلاك بنك السودان ل 55% من أسهم البنك الفاشل بعد أن كانت 80% من الأسهم مملوكة لأفراد؟! ففي هذا التصريح تبدو ثمة فرحة خفية للوالي وهو يحتفي بالأسهم الجديدة؛ وعدم حفاوة (مخلة) بالمساهمين القدامى؛ وليس في مخيلته كما أرى أن أفراد الفرقة يلزمهم (مايسترو) ناجح.. ولأنه فاشل؛ فإن ذلك يغري بالمزيد من الطعن (للجثث)..! * جمال الوالي.. هل يزعجه أن يكون فاشلاً؟! فإن كان الوقع عليه شديداً في عالم (البنوك)؛ لا يعوزه الحال بشد الرحال إلى عالم السوبر ماركت..! * من يُحمِّل مسؤولية فشل الوالي (للوالي وحده) فهو مخطئ..! وفي البال أن السلطة تستعين (برجالها المخلصين لها..!) وما داموا كذلك فليذهب البنك مع الريح؛ وقد ذهبت الثروة الحيوانية نفسها مع رياح الذل واليباس الذي تعيشه البلاد؛ رغم تأهلها بأن يكون بنك ثروتها الحيوانية حامياً للبنك المركزي من العثرات..! لكن خيبة الرجال مصيبة؛ وإنكارهم للسقوط أشد مضاضة على الناس؛ وعلى (البهائم) أيضاً..! أعوذ بالله.