شاهد بالفيديو.. غرق مطار دبي    قوة مختصة من مكافحة المخدرات نهر النيل تداهم أحد أوكار تجارة المخدرات بمنطقة كنور وتلقي القبض على ثلاثة متهمين    ماذا حدث بالضبط؟ قبل سنة    ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت    قمة الريال والسيتي بين طعنة رودريجو والدرس القاسي    رونالدو ينتظر عقوبة سلوكه المشين    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    جيوش الاحتلالات وقاسم الانهيار الأخلاقي المشترك    قطر.. متقاعد يفقد 800 ألف ريال لفتحه رابطاً وهمياً    خبير نظم معلومات: 35% من الحسابات الإلكترونية بالشرق الأوسط «وهمية ومزيفة»    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    اجتماع للتربية فى كسلا يناقش بدء الدراسة بالولاية    شاهد بالفيديو .. قائد منطقة الشجرة العسكرية اللواء د. ركن نصر الدين عبد الفتاح يتفقد قوات حماية وتأمين الأعيان المدنية المتقدمة    تفاصيل إصابة زيزو وفتوح في ليلة فوز الزمالك على الأهلي    شرطة دبي تضبط حافلة ركاب محملة بأسطوانات غاز!    شركة تتهم 3 موظفين سابقين بسرقة عملائها    مواطنو جنوب امدرمان يعانون من توقف خدمات الاتصال    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    ضبط الخشب المسروق من شركة الخطيب    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخضر دالوم … فارس الإدارة ورسول الإنسانية
نشر في حريات يوم 27 - 01 - 2015


[email protected]
في مناسبة محضورة واحتفاءيه مؤثرة، احتفت الجاليات السودانية بالمملكة المتحدة وإيرلندا مساء السبت الماضي الرابع والعشرين من هذا الشهر بالأستاذ الخضر دالوم محمود بمناسبة نيله وسام MBE في خدمة الإنسانية والطفولة من جلالة ملكة بريطانيا العظمي، امتلأت قاعة المناسبة عن آخرها قبل بدأ الإحتفال، وإنتظم الجميع في مقاعدهم في مهابة ، ومن اتى متأخراً دخل على أطراف اصابعه … حضور نسوي ملحوظ، ولمسات ضيافة ناعمة لا تخطئها العين منذ الوهلة الاولى … وما أن نطق مقدم البرامج اسم الفارس المحتفى به الخضر دالوم ، دوت القاعة بالزغاريد والتصفيق الحار، هذه المشاعر الجياشة حسمت طابع المناسبة منذ الوهلة الأولي، وبين الفينة والأخرى، يندفع الحضور وقوفا بصورة لا إرادية، مناسبة مهيبة لم تشهدها قاعة ابرار هاوس مثيلها على الإطلاق.
في تواضع أبناء البلد، وخشوع الدراويش اخترق الفارس دالوم حجب الزغاريد ودوي التصفيق المتصل إلى مقعده على هامش منصة الإحتفال، وما أن باشر حديثه، همدت القاعة وسكن الأطفال، والأيادي تربعت على الصدور، وفغرت أفواه حتى الذين يعرفونه، يكاد لا يصدقون أعينهم فارس الإدارة، ورسول الإنسانية من غمار الناس، الكل يجد فيه ملامحه، ويكتشف فيه ذاته، استطاع بمثابرة فذة، وتفانِ منقطع النظير أن يأتي بما لم يأتِ به الأوائل، في أنبل واشرف مضمار Save the childrenإنقاذ الطفولة من براثن المرض واتون الحرب وإنتشالها من مستنقعات الجهل والفقر.
أي شرف اعظم من يكرس المرء حياته في هكذا عمل؟ وأي حظ يحالف المرء في التوفيق والنجاح في هكذا مهمة من غير رضى الله ورضى الوالدين الذين أسند إليهما الفارس دالوم نجاحاته في مستهل حديثه؟ مردفا إليهما، دور أساتذته الأجلاء في اساس مراحله التعليمية، فقد استشهد بما تعلمه من أحد أساتذته بالمرحلة الابتدائية عن الأبجدية الوطنية
في الفؤاد ترعاه العناية
بين ضلوعي الوطن العزيز
لي عداه بسوي النكاية
وان هزمت بلملم قواي
غير سلامتك ما لي غاية
إن شاء الله تسلم وطني العزيز
بهذه المقدمة الموفقة، أستهل الفارس دالوم محاضرة عصماء غير متوقعة ، عن مشوار حياته التي انطلقت من الريف السوداني في محراب منزل عائلته المتماسكة بضواحي مدينة عديلة بشرقي دارفور، وكنف والده الشيخ دالوم حلاّل المشاكل ، وقبلة الضيفان ، وأوضح كيف أنه لازم حمل "الإبريق" ومباشرة غسل الأيادي للضيوف رهبةّ ورغبة منذ طفولته وحتى خلال دراسته للاقتصاد بجامعة الخرطوم، واوضح إلى أي مدى تعلم تراكميا في طفولته الباكرة من جلسات "الجودية" التي يعقدها والده لفض نزاعات الأهالي ويلزمه بالحضور، في الوقت الذي يطوق فيه للعب مع رصفائه.
حدّث الفارس دالوم الحضور عن أنفسهم، شارحاً لهم بشوق مميزات الشخصية السودانية، التي يكتسبها الجميع مجانيا من مدرسة المجتمع السوداني المفتوحة، والتي يعتبرها اساس نجاحاته في خدمة الطفولة لأكثر من إحدى وعشرون عاما، ذاكرا من هذه الصفات السودانية الجدية والدفيء والإيجابية والكرامة، مؤكدا في تواضع جم أنه لم يفعل شيئا خارقا، وأن الجميع يتمتع بهذه الصفات، ومتى ما سنحت لهم الفرص، بإمكانهم والنجاح التفوق على الآخرين، حاضاً الجميع على التمسك بهذه الصفات النادرة في حياتهم العملية أينما وجدوا.
ثم عرج إلى الإشارة إلى مواقف مؤثرة في مشوار حياته العملية التي ابتدها بالسودان موظفا بمنظمة إنقاذ الطفولة Save the Children واستمر فيه لعشر سنوات قبل الانتقال للعمل الإقليمي ثم الدولي، ذاكراً بأسى شديد كارثة انتشار وباء الكوليرا في منطقة البحيرات بجنوب السودان في نهاية الألفية، والتي حصدت أكثر من مائة ألف مواطن، وكيف انهم استطاعوا بتطوع كوادر طبية سودانية خاصة من احتواء الوباء وإنقاذ مئات الآلاف، ذلك أن السلطات السودانية رفضت الإعلان عنها دوليا، ذكرا أن دليلهم في تلك الكارثة للوصول إلى المرضى، هو تتبع جثمانين الضحايا، مشيدا بشهامة وتفانِ الطبيب السوداني، مضيفا أن ابتسامة الأم التي اُنقذ طفلها لهي ارفع من أي وسام واشرف من اية قلادة.
ثم تطرق لتحديات تأهيل الأطفال الذين تم إنقاذهم من أيادي جيش الرب في يوغندا، والذين صاروا وحوشاً بشرية تبرأت منهم أسرهم، إلا انهم بصبرهم ومثابرتهم وطول النفس، نجحوا في إعادتهم إلى طفولتهم المسلوبة ومن ثمَ دمجهم في مجتمعاتهم، واوضح الفارس دالوم في محاضرته القيمة كيف أنه استفاد من جلسات "الجُودية" خلال عمله في الصومال، فقد تعرضت بعثته لابتزاز المسلحين لإجبارهم على تعيين منسوبيهم أو إيقافها عن العمل في مناطق نفوذهم، فقد أسعفته مميزات الشخصية السودانية الاستثنائية ومهارات التفاوض الأهلي في كسب احترام وود قيادات العمل المسلح، الأمر الذي مكنت منظمته من إنقاذ الطفولة في تلك الأراضي الخارجة عن القانون.
واختتم نماذج هذه التحديات المهنية، بمحنة أطفال كولمبيا بأمريكيا الجنوبية وتهديدات منظمة الفارك الإرهابية لمنع إعادة النظام التعليمي في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وأن هذا المشروع الذي بدأ تحت إشرافه يضم الآن مئات الآلاف من الأطفال، فقد تمكنوا بحنكة نادرة اقناع منظمة فارك الإرهابية عبر تفاوض غير مباشر بجدوى العملية التعليمية لكافة الأطراف بما فيها مستقبل الفارك نفسها.
في ختام محاضرته، بعث الفارس دالوم الأمل في نفوس الحضور، بأن البلاد متى ما وضعت على الطريق الصحيح، في غضون فترة وجيزة بإمكان أبنائه المخلصين إحداث تغيير جذري في واقع حالته المتردية، على اثير هذه الكلمة، ضجت القاعة بالتصفيق الممزوج بالزغاريد.
ثم قدمت الجهات المنظمة للاحتفالية وهي الجالية السودانية ومنظمة كردفان للتنمية ورابطة أبناء دارفور دروع تكريمية للمحتفى به، بعدها إمتشقت زوجته الإستاذة رقية الميكرفون، ليعرف الحضور السر الحقيقي لنجاحات الفارس الخضر دالوم، فقد برهنت للجميع انها نعمت من تقف وراء فارس عظيم، ست بيت راكزة، وأستاذة خرجت من بيت علم، وسيدة معترفة بموافق وجمائل جيرانها في الغياب المتكرر لزوجها، متحدثة لبقة، وام رؤوم لبناتها الناجحات، حقيقة لقد تفاجأ الحضور بقدرات شريكة حياته ورفيقة دربه وسر نجاحاته المهنية، فقد كانت كلمة الإستاذة رقية بنت مربي الأجيال الأستاذ يوسف سليمان نعم الختام للحفل، والذي سرق فيه الوقت الجميع لولا تلويح حارس القاعة من طرف خفي بإنتهاء الوقت المخصص للاحتفال.
خرج الحضور من هذه المناسبة السودانية الخالصة وهم يفركون أيديهم، فقد ثملت رؤوسهم بالفخر وانتشت جوانحهم بالثقة في أنفسهم والأمل في مستقبل مشرق لبلادهم، طالما أمثال الفارس الخضر دالوم بين ظهرانيهم.
تمنيتّ حضور ومشاركة ممثلين من الجاليات العربية والإسلامية لهذه المناسبة السودانية الاستثنائية، لكن تذكرت أننا جميعا "دراويش".
للإطلاع على المقالات السابقة:
http://suitminelhamish.blogspot.co.uk


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.