أثارت أمس الغراء (اليوم التالي) على صفحتها الأولى قضية (محاصرة القرود لمدينة كسلا)، عبر تقرير (ظريف) جاء في استهلاليته (بالتأكيد لم يكن الشاعر رمضان عزوز حين قال (صرنا نجيد القفز كي نرضي الأسود.. والناس تأتي كي ترى قفز القرود) لم يكن يعني تلك القرود التي شكلت كتائب وألوية، تفر تارة وتكر أخرى على مناطق واسعة من مدينة كسلا، خاصة منطقة الختمية القديمة، وعلى طول الشريط الجغرافي الممتد من منطقة القوازة الى أوتيلا، لكن الضرر الأكبر لا زال يقع على القاطنين سفح جبل التاكا؛ حيث تتخندق جيوش القرود في (مستعمراتها) على قمته… الى آخر ما تناوله التقرير عن هجمات القرود المتواصلة على المدينة… وفي صحيفة الطريق الإلكترونية جاء أن مدينة ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض وبعض ضواحيها شهدت خلال اليومين الماضيين انتشاراً كثيفاً وهجمات متكررة ل(كلاب جائعة) على المواطنين والأغنام، وأثارت هذه الهجمات الرعب وسط سكان المدينة وتلك الضواحي، وحذرت السلطات المحلية المواطنين من الانتشار الكثيف للكلاب بالمدينة وخاصة حول مسلخها الرئيس، وتعرض عدد من المواطنين والأطفال للإصابات متفاوتة جراء هذه الهجمات، وأكدت إدارة الثروة الحيوانية أن معظم هذه الكلاب مصابة بداء السعر. هذه في تقديري أول قضية حقوق تواجه قانون الرفق بالحيوان الذي أجازه البرلمان مؤخرا، بل هي أهم حق من بين الحقوق الخمسة التي كفلها القانون للحيوانات وهو حق الحياة، فالمؤكد أن الجوع الكافر الذي قال عنه سيدنا علي كرم الله وجهه، عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه، هو ما دفع قرود كسلا وكلاب ربك للإغارة على المدينتين ومهاجمة السكان للحصول على الطعام، فكيف إذن لا تكشر هذه القرود والكلاب عن أنيابها وتغير الأولى على كسلا والثانية على ربك (والله يستر على الخرطوم وبقية المدن) من أن تجتاحها ثورات الحيوانات الجائعة، لتتحقق نبوءة المفكر الإستراتيجي محمد أبو القاسم حاج حمد بأنياب بني الحيوان وليس بيد بني الإنسان كما توقع الراحل الكبير، فقد سمعت هذا الرجل العارف بخبايا السياسة والمحلل المتعمق الذي يسبر أغوار القضايا تاريخياً واجتماعياً، يقول في مناسبة ذات صلة بقراءة الأوضاع والأحوال السودانية وتحليلها، ما معناه أن التغيير القادم في أي مكان موبوء بالمشاكل السياسية والمظالم الاجتماعية والغبائن الاقتصادية، والسودان من هذه الأمكنة بطبيعة الحال، سيفجّره ويقوده (العطالى والزهاجى والمتسكعون والجياع والفقراء وأصحاب الغبائن والمظالم وأهل الحقوق المضاعة والمحبطون)، ولن يكون للجيش عبر الانقلابات أو النقابات أو الأحزاب أي دور يذكر، ومن يدري فقد ينضم الى ثورة الحيوانات الجائعة كل العطالى والزهاجى والمتسكعون والجياع والفقراء وأصحاب الغبائن والمظالم وأهل الحقوق المضاعة والمحبطون من بني البشر، فتنجز لأول مرة في التاريخ ثورة مشتركة بين بني الإنسان وبني الحيوان.