[email protected] قال شاعر من الباديه: (الدّرب إنْشَحَط واللُّوس جبالو إتناطِن والبندر فوانيسو البيوقدن ماتَن بنوت هضاليم الخلا البِنجاطن أجدع قودع أمسيت والمواعيد فاتن) ومن فوانيس البندر الخرطومي منذ ايام الديمقراطيه الثالثه اتحاد الكتاب السودانيين الذي اهداه رئيس وزراء العهد الديمقراطي الامام الصادق المهدي دارا تليق به في ضاحية المقرن جنوب قاعة الصداقه شهدت صوت محمود درويش وقراءات محمد عبد الحي وبدايات نبوغ الصادق الرضي وطاف بارجاءها صوت جهوري لعلي المك وجمال محمد احمد والجزولي وكتاب وشعراء من عيار عبد الله علي ابراهيم والياس فتح الرحمن لكن حكومة مابعد يونيو رأت ضرورة مصادرة تلك الدار البديعه ومنحها لاتحاد الطلبه الموالي فصمت صوت الشعر والشعراء عشرين عاما ليعود الكتاب المغردون بعد اتفاقية السلام ليسجلو مولودهم الشرعي من جديد ويحطون رحالهم باحد شوارع العمارات ليتنفس الشعر والكتابه قليلا من الصعداء في وطن لاهث الانفاس ومتجهم القسمات بأمر حكامه العسكريون الذين يفضلون قعقعة السلاح علي صرير الاقلام ورائحة الدماء تلقي عندهم التقدير باكثر مما تجده رائحة احبار المطابع. دون وجل أو تردد زيلت المستشاره اقبال الحسن محجوب قرارا شائن علي ورق يحمل اسم وخاتم وزارة الثقافه والاعلام-الوزاره المعنيه برعاية امر الثقافه والفنون مثلما قام قبلها المستشار علي كرم الله بالتوقيع دون خجل ايضا علي قرارات سابقه تم بموجبها الغاء تسجيل مراكز بيت الفنون ومركز الدراسات السودانيه ليمتد الاغلاق ليشمل بعدها مراكز الخاتم عدلان ومركز سالمه للدراسات النسويه ثم مركز محمود محمد طه الثقافي ليصل قطار الاغلاق لمنصة اتحاد الكتاب االسودانيين وبذلك يصبح عدد المراكز الثقافيه الموقوفه بقرارات من وزارتي الثقافه الاتحاديه والولائيه عددا يؤهل الوزارتين لان نطلق علي كل منهما اسم وزارة الثقافه والاغلاق وليس اي عبارة غيرها. ومن عجب ان لجنة للحوار المجتمعي شكلتها الحكومه نفسها كانت قد اختتمت توصياتها لرئاسة الجمهوريه قبل يومين فقط من قرار اغلاق اتحاد الكتاب وقد كان من ضمن وصاياها ضرورة تهيئه مناخ الحوار وطالبت بعدد من القرارات التصحيحيه كان من ضمنها اعادة فتح مراكز الثقافه والفنون وقد ترأس لجنة الحوار المجتمعي الدكتور الجزولي دفع الله. باغلاق اتحاد الكتاب تزداد مدينتنا اظلاما وظلما وتنطفئ الفوانيس وتغوص الخرطوم مجددا في لياليها الممله والجدباء وتفتح ابواب الظلام مع غياب السينما والمسارح و معارض الكتاب المفروش تفتح المدينه ابوابها للمخدرات والسأم والضياع من جديد ويمتد حزنها واحباطها بلا كوه في اخر النفق المنظور لتعلن عن مشروعها الحضاري الاسلامي بوجهه المعادي للفنون والثقافه والابداع والحريه والجمال كاتعس مايكون مشروع الدوله التائهه المتخبطه لماذا تمنح الفرص الواحده تلو الاخري للصحف لتصحيح اخطاءها المحتمله فتوقف ليوم او اسبوع ثم تعاود الصدور من بين الركام في حين يعاقب المركز الثقافي بالاعدام من الوهلة الاولي دون تقدير او تفاوض او تحذير كما يفعلون مع الصحف-اي قانون واي عقوبه تلك التي تبدأ بالاعدام دون مراعاة تناسب الجرم والعقاب القاعده القانونيه التي يغض مستشارو الثقافه القانونيون الطرف عنها فيوقعون القرارات التي تبدأ من النهايه دون احترام لهذه القاعده القانونيه الذهبيه ودون تدرج مما يوضح النوايا المبيته للقضاء علي الاخر المختلف وحمايه الموالي والصامت والمتزلف. سيشهد التاريخ ان وزراء الاتحادي الديمقراطي احمد بلال والدقير قد جلسوا في مقاعدهم مكتوفي الايدي وقد سمحوا لعصبة من الامن باستخدام اسمهم وسلطاتهم للقضاء علي حركة الثقافه والفنون التي ما ان يسمعون باسمها الا ويتحسسون مسدساتهم-قال الاستاذ عثمان شنقر لوكالة الاناضول ان موظف وزارة الثقافه قد ذكر لهم ان القرار جاءهم بصورته تلك من جهاز الامن-مما يعني ان وزارة الثقافه لم تقم الا بتزويد جهاز الامن بالاوراق المروسه واختام الوزاره-يالفضيحة وزارة الثقافه ووزراءها الاتحاديون يهرفون ويتبجحون في نقاش قضايا الثقافه والفنون ويعدون الناس كل يوم بجديد ثم يتضح في النهايه انهم ليسو سوي حملة للاختام والاوراق المروسه يهرعون لتنفيذ مايشار لهم به من اهل السلطان الذين يلبسون طاقية الاخفاء-يالبؤسكم من وزراء يمدون السنتهم ويسودون تاريخهم ويؤثرون البقاء علي جماجم الثقافة والفنون- ويالبؤس سلطة تفاوض المتمردين الذين يحملون السلاح ولاتفاوض الكتاب الذين يحملون الاقلام والاوراق- ضاقت البلاد مجددا من كل صوب لكن غدا فجر جديد وصباح مشرق وان طال النفاق وانسدت الافاق.