من رد تنظيم الدولة الاسلامية داعش على مستنكري حرق الكساسبة (… يقول الشوكاني -رحمه الله- : "وقد اختلف السلف في التحريق ، فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقا ، سواء كان في سبب كفر أو في حالة مقاتلة أو في قصاص ، وأجازه عليّ وخالد بن الوليد وغيرهما" أه ، فخلاف السلف رضي الله عنهم في التحريق ظاهر بين الكراهة والإجازة . وأما ما جاء في الحديث "وإن النار لا يعذب بها إلا الله" ، قال ابن حجر -رحمه الله- : قال المهلب : "ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع ، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة ، وقد سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العُرنيين بالحديد المحمى ، وقد حرّق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة ، وحرّق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أهل الردة ، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها ، قاله الثوري والأوزاعي" أه . وهذا التوجيه للحديث بأن النار لا يعذب بها إلا الله عند من يرى جواز التحريق ، توجيه صحيح . قال ابن حجر – رحمه الله- : "ولأحمد من هذا الوجه – أن عليا أتى بقوم من هؤلاء الزنادقة ومعهم كتب ، فأمر بنار فأججت ثم أحرقهم وكتبهم – وروى ابن أبي شيبة من طريق عبدالرحمن بن عبيد عن أبيه قال : كان ناس يعبدون الأصنام في السر ويأخذون العطاء ، فأتى بهم عليّ فوضعهم في السجن واستشار الناس ، فقالوا : اقتلهم ، فقال : لا ، بل أصنع بهم كما صُنع بأبينا إبراهيم فحرّقهم بالنار" أه . وهذه واقعة من الوقائع التي حرق فيها الصحابي الجليل الخليفة على -رضي الله عنه- ، حتى لا تُرمى الدولة الإسلامية بالجهل والقائل بذلك جاهل بفعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار. وهذا هو الذي يعرفه أكثر الفقهاء ، يقول شيخ الإسلام -قدس الله روحه- : "وهكذا قال كثير من الفقهاء ، إذا قتله بتحريق أو تغريق أو خنق أو نحو ذلك ، فإنه يُفعل به كما فعل ما لم يكن الفعل محرما في نفسه كتجريع الخمر واللواط به ، ومنهم من قال : لا قود عليه إلا بالسيف . والأول أشبه بالكتاب والسنة والعدل" أه . أي التحريق بالنار … والمتأمل في فعل الطيار الكساسبة ، كان يحرق المسلمين بقذائف كالحمم تشوي الجلود وتصهر الأبدان فكان الجزاء من جنس العمل وهو أشبه بالكتاب والسنة والعدل ، كما ذكر ذلك ابن تيمية -قدس الله روحه- ، وقد وفقت لهذا الجزاء العادل أو (الفقه العقابي) الدولة الإسلامية بشكل يجعل العاقل يرى التوفيق الإلهي مصاحبا لأعمال الدولة ولكن الإسلامية بما يحقق القصد في الجزاء الرادع والمخيف ، ويشفي صدور المؤمنين المظلومين في آن واحد . يقول ابن القيم -رحمه الله- قال أصحابنا : "إذا رأى الإمام تحريق اللوطي فله ذلك" . وقال -رحمه الله- عن عقوبة اللوطي : "فأجمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرقوا بالنار" أه . وهذه النقول القيمة لأعلام الأمة الثقات لو فعلتها الدولة الإسلامية وقامت بتحريق أهل من اللواط لأستنكر الناس بعقولهم قيامها بذلك ، لأنهم لا يرون أن التحريق مبدأ مقرر في الشريعة ، يجوز فعله ، وهذا هو الفرق بين من يمشي في دينه على نور ، وبين من يقوده رموزه للنار ! يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله- : "ومن ذلك تحريق علي رضي الله عنه الزنادقة الرافضة ، وهو يعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الكافر ، ولكن لما رأى أمرا عظيما جعل عقوبته من أعظم العقوبات ، ليزجر الناس عن مثله" أه …).