السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد حبيب نائب مرشد الإخوان السابق يرصد فى مذكراته : العلاقات السرية بين الإخوان والأمريكان
نشر في حريات يوم 15 - 02 - 2015

الدكتور محمد حبيب نائب مرشد الإخوان السابق يرصد فى مذكراته: العلاقات السرية بين الإخوان والأمريكان
اعداد: محمد سعد عبدالحفيظ
يروى محمد حبيب فى هذا الفصل من مذكراته قصة صعود محمد مهدى عاكف مرشد الجماعة السابع، ويقول: أول مرة التقيت بالأستاذ عاكف كانت بمقره فى منى بعد أن رمينا جمرات العقبة الثلاث عام 1983، وكان أيامها يعمل بالندوة العالمية، وقد استضافنا الرجل احتفاء بنا على طعام الإفطار، وفى المرة الثانية، التقيته بألمانيا، فى المركز الإسلامى بنورمبرج، فى خريف عام 1985، وكان قادما من ميونيخ (حيث كان مديرا للمركز الإسلامى بها) للسلام على عمر التلمسانى، ومصطفى مشهور، ولم يكن حتى ذلك الوقت عضوا بمكتب الإرشاد، أما المرة الثالثة فكانت عام 1987، حينما تم استدعاؤه من ألمانيا وتعيينه عضوا بالمكتب ليترشح على قائمة التحالف فى انتخابات مجلس الشعب، والتى فاز فيها ومختار نوح فى دائرة مصر الجديدة، ولما كنت أنا أيضا من الذين فازوا بعضوية البرلمان، فقد جمعنى وإياه لقاءات المكتب والمجلس، ومن هنا كان التواصل.
كنت فى أسيوط حينما تلقيت نبأ وفاة مأمون الهضيبى، نحو الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم 8 يناير 2004، وعلى الفور قررت السفر بسيارتى إلى القاهرة، وفى السابعة صباحا كنت فى دار المركز العام بالروضة، ولأنه لم يكن هناك نائب للمرشد فى القاهرة، فقد أصبح الأستاذ محمد هلال أكبر الأعضاء سنا هو القائم بعمل المرشد طبقا لنص اللائحة.
ترأس هلال الجلسة، ودار حوار حول ضرورة أن يتم اختيار أحدنا مرشدا فى هذه الجلسة (، ) طرح عاكف على الحاضرين استثناءه من الترشيح، على اعتبار أنه بلغ السادسة والسبعين من عمره، فلم يوافقه أحد على ذلك، وفى اعتقادى وقد أكون مخطئا إذ لا يعلم ما فى القلب إلا الله، أن عاكف كان يستبعد اختياره مرشدا لأسباب كثيرة يعلمها من كان حاضرا، لذلك قرر أن يعفى نفسه من الحرج منذ البداية، لكن الله تعالى أراد شيئا آخر.
اقترحت عليهم أن يكون لكل واحد منا ثلاثة أصوات يختار بها ثلاثة من الأعضاء، توسيعا لقاعدة التصويت، أى يكون عدد المصوتين 39 بدلا من 13، فوافقوا على ذلك، فى المرة الأولى حصلت أنا وعاكف والشاطر على أعلى الأصوات، وفى المرة الثانية حصلت وعاكف أعلى الأصوات، وفى المرة الثالثة، حصل على 7 أصوات مقابل 6 أصوات كانت من نصيبى، ليكون فائزا بالمنصب بفارق صوت واحد.
كان الأخ عاكف جالسا فى الصالة خارج غرفة المكتب، منتظرا للنتيجة، خرجت إليه وكنت أول المهنئين له، رأيت عينيه تدمعان وهو يقول غير مصدق: أنا لا أقوى على هذا، أنا ضعيف، قلت: سوف يكون إخوانك عونا لك، وجاء بقية الإخوان يهنئونه، لكن نظرات بعضهم كانت توحى بعدم تصديق ما حدث!
غير أننا فوجئنا بالأخ عاكف يقوم بعدها، ويدخل إلى غرفة المكتب، ويجلس إلى مكتب المرشد، فنبهه الأستاذ محمد هلال إلى أنه لم يصبح مرشدا بعد، وأن عليه الإنتظار حتى تأتى موافقة مجلس الشورى الدولى، وأنه أى الأستاذ هلال ما زال قائما بعمل المرشد، اعتبر عاكف ما قاله الأستاذ هلال مزحة، لم يتوقف عندها طويلا، والتفت إلينا قائلا: ما رأيكم فى أن يكون الدكتور محمد حبيب نائبا أول والمهندس خيرت الشاطر نائبا ثان؟، بالطبع لم يكن أمام الأستاذ عاكف سوى هذا، فقد كان من المحتمل أن يكون أحدنا مرشدا، قال أعضاء المكتب: موافقون، قال: لا داعى لأن نعلن عن ذلك حتى تأتى موافقة الشورى الدولى، ثم أردف: ما رأيكم فى أن يظل الأخ الدكتور حسن هويدى، نائبا ثالث؟ قالوا: لا بأس.
انتهت الجلسة عند هذا الحد، وقمنا نستعد للذهاب لصلاة الجنازة على الهضيبى بمسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، حيث شارك فيها خلق كثير لا يقل عن 150 ألفا.
جاءتنا موافقة الشورى الدولى يوم 14 يناير 2004، وبذلك أصبح مهدى عاكف مرشدا منذ ذلك التاريخ، وارتأينا أن نرجئ الإعلان عن اختيار النائبين أسبوعا، أى يوم 21 يناير 2004، وقد كان.
كفاية:
كانت الأوضاع فى مصر بلغت مرحلة شديدة التردى، وكنا مقبلين على استحقاقات سياسية مهمة بعد عام، أى فى عام 2005 حيث الانتخابات النيابية والرئاسية، ولاح فى الأفق أن النية مبيتة لترشيح مبارك لفترة خامسة، هنا ثار غضب على مستوى النخبة، من ناشطين سياسيين وكتاب وأدباء ومفكرين، ممن كانوا ينادون بأنه «كفاية» على الوطن 24 عاما من حكم مبارك، وقد مست كلمة «كفاية» الشعور الوطنى فى الصميم وعبرت عن مزاجه العام، لدرجة أنها انطلقت أصداؤها تتردد على ألسنة الملايين من المواطنين فى بضعة أسابيع (، ) وعلى نهاية عام 2004 استطاعت قيادات «كفاية» أن تخرج إلى الشارع (وهو ما كان ممنوعا) وأن تكسر حاجز الخوف فى صورة مظاهرات تهتف ضد الرئيس، وبالرغم من أن قوات الأمن لم تتصدى للمشاركين فى هذه المظاهرات الذين لم يتعدوا مئات قليلة، فإن الجماهير ظلت كعادتها ترقب الأمر من بعيد.
بدأ هناك قلق يظهر داخل الإخوان، خاصة لدى القواعد، أين نحن من هذه التظاهرات.. ولماذا لا يكون لنا دور؟
فى لقاءاتى بأفراد الصف فى الشعب والمناطق، حاولت طرح رؤية سياسية ربما كانت غائبة عنهم وهى أن اللاعبين فى الساحة المصرية فى هذه المرحلة ليست «كفاية» والنظام المصرى فقط، وإنما يجب أن نضع فى اعتبارنا أن هناك قوى أخرى خارجية، تريد أن يكون لها دورها، إذ كان معروفا وقتها أن الإدارة الأمريكية كانت تتبنى ما أطلقت عليه «الفوضى الخلاقة» داخل المجتمعات العربية والإسلامية، كسبب وذريعة للتدخل وفرض الهيمنة(، )وقد لاحظنا أن تظاهرات «كفاية» تركت دون المساس بها أو الاقتراب منها، مما يدل على أن ثمة رضا عنها من قبل النظام القمعى الذى يحرص بدوره على إرضاء أو عدم إغضاب الإدارة الأمريكية التى أقرت واعترفت صراحة وعلنا بخطئها خلال ستين عاما بتأييدها للنظم الدكتاتورية.
فى اجتماع مكتب الإرشاد تم الانتهاء إلى أن يكون الإعلان عن رفض تعديل المادة 76 من الدستور الخاصة بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق عقد مؤتمر صحفى عالمى للمرشد والمكتب يوم 24 مارس 2005، تدعى إليه كافة وسائل الإعلام وفيه يعلن عن وقفة صامتة تضم 500 شخص فقط من الإخوان أمام مجلس الشعب المصرى، وذلك بعد ثلاثة أيام من المؤتمر الصحفى.
قبل فجر يوم 27 مارس، وهو موعد الوقفة الصامتة، داهمت مباحث أمن الدولة بيوتنا وألقت القبض على 84 أخا من القيادات الوسيطة للإخوان، وهو ما جعلنا نصر على إتمام الوقفة.
عقب صلاة الظهر فى ذلك اليوم حاولنا التجمع أمام مجلس الشعب، لكن جميع الطرق المؤدية إليه كانت مسدودة بعشرات من سيارات الأمن وآلاف من الجنود، واضطررنا إلى التمركز فى ثلاث تجمعات رئيسية (مسجد الفتح بميدان رمسيس، وحى السيدة زينب، وقرب ضريح سعد)، أحدثت التجمعات الثلاثة أثرها المطلوب، حيث رصدتها معظم القنوات الفضائية وبثتها إلى العالم كله.
ألقى القبض على المئات من الإخوان المشاركين فى المظاهرة، وكان بينهم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، عضو مكتب الإرشاد وأمين عام اتحاد الأطباء العرب(آنذاك) غير أن مباحث أمن الدولة أفرجت عنه بعد ساعتين تقريبا.
وقد نقلت قناة الجزيرة عن الدكتور عصام العريان أمين صندوق النقابة العامة للأطباء قوله: حانت ساعة التغيير، فهاتفنى بعدها مباشرة أحد ضباط مباحث أمن الدولة، وقال غاضبا: هل أعجبك ما قاله عصام العريان؟ قلت: لقد اعتقلتم فجر اليوم 84 من قيادات الإخوان من بيوتهم، واعتقلتم المئات فى المظاهرة، قال: سنفرج عنهم بعد قليل، لكنك لم تجب عن سؤالى، قلت: الدكتور عصام أحد رموز الإخوان، وله قدره ومكانته، فرد مستفسرا: يعنى هو صاحب قرار؟ قلت: لا أحد فينا صاحب قرار، ولا أنا صاحب قرار، ولا حتى الأستاذ المرشد صاحب قرار، وإنما صاحب القرار هو مكتب الإرشاد، قال: أريد ردا على ما قاله الدكتور عصام، فما قاله يعنى أن هناك تغييرا جوهريا فى سياستكم، قلت: اليوم غير ممكن، لكن غدا يجتمع مكتب الإرشاد، وبعد الاجتماع سأخطرك بالرد، وفعلا هاتفته فى اليوم التالى وأخبرته بأن سياسة الإخوان لم يطرأ عليها أى تغيير، بناء على ذلك تم الإفراج عن العدد الأكبر من الإخوان المقبوض عليهم ذلك اليوم، وتم الإفراج عن الباقين فى الأيام التالية.
كنا كإخوان نريد أن تشارك كل القوى السياسية فى بلورة هذا المشروع، بحيث لا يشعر أى فصيل أو تيار، مهما صغر حجمه أو قل وزنه، أنه تم تهميشه أو إقصاؤه، لقد كانت مشكلة كفاية معنا هى دعوتها إيانا مشاركتها فى أى نشاط لها بعد أن تكون قد فرغت من كل شىء؛ الفكرة والوسيلة والهدف والتوقيت والمكان، وما نحن إلا «مقاولو أنفار».لقد كانت هناك اتهامات غير حقيقية من قبل بعض القوى السياسية بأن الإخوان يحبون أن يعملوا دائما منفردين، وإذا عملوا مع هذه القوى فهم يعمدون إلى الاستئثار بالعمل دونها، بل إنهم عادة ما يخلفون وعودهم فيما تم الاتفاق عليه معها! من أجل ذلك كله تم توجيه الدعوة إلى ممثلى كل التيارات السياسية، وتم عقد ثلاثة لقاءات، انتهت إلى ضرورة إنشاء «التحالف الوطنى من أجل الإصلاح»، وفى مساء 30 يونيو 2005 اجتمعت الهيئة التأسيسية للتحالف فى نقابة الصحفيين، وحضرها جمع غفير يصل إلى أكثر من 1500 عضوا، كان معظمهم بطبيعة الحال من الإخوان المسلمين، وقد رأس الاجتماع كاتب هذه السطور، وألقيت فيه مجموعة كبيرة من الكلمات، وكانت جميعها تصب فى اتجاه تأييد قيام التحالف والأهداف التى قام من أجلها والوسائل التى دعا إليها.
كان عدد أعضاء الأمانة العامة للتحالف الوطنى من أجل الإصلاح 36 عضوا، يمثل الإخوان فيها ب9 أعضاء، أى بنسبة 25 %، وقد عقدت الأمانة العامة اجتماعها الأول بمقر النقابة العامة للمحامين، وكان على جدول الأعمال: اختيار الأمين العام، تشكيل اللجان الفنية، أسلوب عمل التحالف فى المرحلة القادمة، وهكذا، وقد اتفقت الأمانة على أن يكون منصب الأمين العام بالتناوب بين القوى المكونة للتحالف، كل ثلاثة أشهر، وقد وقع الاختيارعلى كاتب هذه السطور كى يكون أمينا عاما للتحالف فى الثلاثة أشهر الأولى، كما تم تشكيل اللجان طبقا لرغبات أعضاء الأمانة.
اتفقت الأمانة العامة على طريقة التعامل مع حزمة الإصلاح السياسى ( إيقاف العمل بقانون الطوارئ، إطلاق الحريات العامة،، إلخ ) وفق جدول زمنى.
أول تظاهرة قمنا بتنفيذها كانت يوم الأربعاء 20 يوليو 2005 أمام نقابة المحامين بوسط القاهرة، وقد شارك فيها أكثر من ثلاثة آلاف متظاهر، وكانت بهدف دعم السادة القضاة فى مطالبهم باستقلال السلطة القضائية استقلالا كاملا وضرورة تمكينهم من الإشراف الكامل والحقيقى على الانتخابات العامة، وكالعادة كان العدد الأكبر فيها لشباب الإخوان.
وفى 28 يوليو 2005 ألقى الرئيس مبارك خطابا فى محافظة المنوفية أعلن فيه ترشحه لفترة خامسة لرئاسة الجمهورية، وقد تضمن الخطاب إشارات نحو إصلاحات دستورية وسياسية سوف يقوم بها حال فوزه فى الانتخابات.
ثانى تظاهرة أقمناها كانت فى شهر أغسطس 2005، وكان مزمعا إقامتها فى ميدان عابدين، إلا أن الإجهزة الأمنية اعترضت على ذلك بشدة، فاضطررنا لإقامتها بنفس مكان التظاهرة الأولى، كانت هذه التظاهرة بهدف إيقاف العمل بقانون الطوارئ.
فى ذلك الوقت أنشأ الدكتور عزيز صدقى رئيس وزراء مصر الأسبق مع بعض الرموز الوطنية والشخصيات العامة ما سمى بالتجمع الوطنى للتحول الديمقراطى، وكان من أبرز دعائمه الأساتذة: يحيى الجمل، حسن نافعة، ضياء رشوان، سمير عليش، مصطفى بكرى، عبدالحميد الغزالى وآخرون.
وقد اعتبر التجمع الوطنى أن جميع مشكلات مصر الأساسية ناجمة عن أزمة الحكم بشقيه: الاستبداد والفساد، وأن الطريق إلى مواجهة ذلك تكمن فى حزمة الإصلاح السياسى، والتى يتبناها التحالف الوطنى من أجل الإصلاح.
ونظرا لاقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب المصرى، بدأت بعض الرموز الوطنية التفكير فى جمع كل القوى السياسية تحت مظلة واحدة باسم «الجبهة الوطنية من أجل التغيير»، وقد وجد هذا التفكير صدى جيدا لدى الرأى العام، وإن كانت هناك مشكلات ناجمة عن أوضاع ذات حساسية معينة، بين حزبى الوفد والغد بقيادة أيمن نور، أو من رفعت السعيد رئيس حزب التجمع تجاه الإخوان، وهكذا.
المهم أن الجبهة الوطنية ضمت التجمع الوطنى، حزب الوفد، حزب العمل المجمد، التحالف الوطنى، حزب الكرامة تحت التأسيس، حزب الوسط تحت التأسيس، كفاية، إلخ.
وقد كان هناك توجه بتكوين قائمة واحدة تخوض بها الجبهة الوطنية انتخابات مجلس الشعب فى أكتوبر ونوفمبر2005، وكان من رأى الإخوان استحالة ذلك، من منطلق أن المعارضة مؤتلفة حول مفردات الاصلاح السياسى فقط، وليس حول مفردات الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، على اعتبار هذين النوعين من الإصلاح مرتبطين بالمرجعية الفكرية لكل فصيل.
أمريكا على الخط
فى تلك الأثناء، وأنا بمقر المركز العام للإخوان بالروضة القاهرة فوجئت بأحد الأخوة القريبين من الإخوان، أو ممن يعتبرون أنفسهم منهم، يطلب مقابلتى على عجل، كان هذا الأخ يأتينى بين حين وآخر ويتحدث معى فى أمور الدعوة، وقد ترك لدى من خلال اللقاءات القليلة شعورا بأنه لم يكن فطنا بالقدر الذى يجعلنى أتبسط فى الحديث معه، فى تلك المرة، جاء وأسر إلى بأن هناك شخصية مصرية، هو يثق فيها ويقدرها ويحترمها، ترغب فى مقابلتى، ولما سألته عن السبب الداعى للقاء، قال إن هذه الشخصية حاملة رسالة إلى مفادها أن الإدارة الأمريكية حريصة على إحداث إصلاح ديمقراطى فى مصر، وأن نظام مبارك ليس لديه الاستعداد لذلك، وأن الإخوان يمكن أن يكون لهم دور أساسى، وتقترح الإدارة الأمريكية سيناريو لذلك يتضمن 5 خطوات، هى:
يقوم الإخوان بعمل تظاهرات كبرى على مستوى مصر كلها فى وقت واحد،
سوف يقوم نظام مبارك باعتقال الآلاف أو عشرات الآلاف من الإخوان،
حينئذ تتدخل الإدارة الأمريكية لإزاحة مبارك عن سدة الحكم،
تنصيب الدكتور عزيز صدقى رئيسا مؤقتا لمصر، لحين إجراء انتخابات رئاسية، باعتبار أن صدقى من الشخصيات التى تنادى بالإصلاح الديموقراطى، والتى لها قبول لدى كل ألوان الطيف السياسى، والدليل على ذلك رئاسته للجمعية الوطنية للتغيير،
الإفراج عن الإخوان المعتقلين.
وقد اشترطت الإدارة الأمريكية فى مقابل ذلك شروطا ثلاثة:
ضمان أمن وأمان «إسرائيل»
ضمان جميع حقوق المواطنة كاملة للإخوة المسيحيين وغيرهم،
ضمان حقوق المرأة فى المناصب العليا للدولة.
بعد أن استمعت مليا، قلت لصاحب الرسالة: أبلغ هذه الشخصية أن الإخوان يريدون إصلاحيا سياسيا مؤسسا على فكر وسواعد أبناء مصر، وأنهم لا يثقون فى الإدارة الأمريكية لا كثيرا ولا قليلا، وهى لا تبحث إلا عن مصالحها ومصالح العدو الصهيونى، وأن الشرطين الثانى والثالث ليسا سوى غطاء للشرط الأول، وأردفت قائلا: أرجو أن يكون واضحا أن الأمر مرفوض.
وقد حدثت محاولة أخرى عام 2009، عن طريق شخص آخر قريب لأحد الإخوان العاملين بمقر المركز العام، هذا الشخص مصرى، متجنس بالجنسية الأمريكية، عضو الحزب الديمقراطى الأمريكى، وكان ضمن حملة أوباما فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، لم يكن هناك عرض سوى محاولة إيجاد نوع من التعاون مع أوباما بشأن القضية الفلسطينية وعملية السلام، فى مقابل مساحة ما من الحريات للإخوان، ولم يكن هناك رد منى سوى ما قلته عام 2005.
والسؤال: هل كانت هناك محاولات من الإدارة الأمريكية مع قيادات إخوانية أخرى؟ ربما، وهل استمرت هذه المحاولات بعد ثورة 25 يناير؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.