المذهلَلون!! صلاح الدين عووضة *وبفتح اللام تعني الذين هم واقعة عليهم (الذهللة).. *وهي مفردة تعني الذهول في أقصى تجلياته.. *وابن خالتنا الطبيب المغترب- حاتم- أبدى ملاحظة غريبة أثناء زيارته السودان قبل أيام.. *قال إن هنالك ظاهرة ذهول جمعي استشرت بشدة بين السودانيين.. *ظاهرة – حسب رأيه – لم تكن بمثل العنف هذا عندما قدم للبلاد قبل عامين.. *وخشي أن يراها- الذهللة- وقد تطورت إلى جنون عند زيارته القادمة.. *وتسابق المذهلَلون – من الحاضرين – في التأمين على ما قاله حاتم.. *ثم حكى كل منهم تجربة طازجة له مع الذهللة.. *فمنهم من قال إنه اليوم – على سبيل المثال- أُضطر إلى أن يرجع البيت مرتين بعد مغادرته له صباحاً.. *ففي المرة الأولى تذكر أنه نسي حافظة نقوده مع ما فيها من قليل مال وكثير أوراق.. *وفي الثانية تذكر أنه نسي نظارته الطبية التي يقرأ بها (إيصالات الدفع).. *ومنهم من قال إنه وجد نفسه قد تجاوز – بمراحل – منزله الذي يسكن فيه منذ عشرين عاماً.. *ومنهم من قال إنه هاتف زوجته مراتٍ ثلاث البارحة – من داخل البقالة – يسألها (ماذا قالت؟).. *ومنهم من قال إنه تشابه عليه بقر الدائنين فبات لا يميز بينهم هاتفياً.. *يعني – مثلاً – حين يبادر بالقول للمتصل (والله قروش الإيجار ما ناسيها) يطلع صاحب الدكان.. *وحين يقول (صبرك علي شوية يا سحس) – أي صاحب الدكان – يطلع مسؤول حسابات المدرسة.. *وحين يقول ل(بتاع) المدرسة (بس آخر الشهر ده بإذن الله) يطلع (بتاع) الخضار.. *أما أغرب حالة ذهللة فهي التي حكاها أحد ظرفاء أهلنا الحلفاويين من الجيران.. *ومن شدة غرابتها حسبناه (يبالغ) – من أجل إضحاكنا – لولا أنه أقسم (قسماً) نعلم أنه لا يكذب معه أبداً.. *قال إنه قبل نحو أسبوعين استيقظ من النوم ليجد زوجته (في وجهه).. *فصاح فيها – وهو في غاية من الجدية – (انت مين؟!).. *والحال هكذا – إذاً – نرجو من الحاكمين التحسب للمرحلة التي تنبأ بها ابن خالتنا.. *ولاحظ أننا قلنا الحاكمين ولم نقل المُذهلِلين – أي الفاعلين – بكسر اللام.. *التحسب بفتح فروع ل(التجاني الماحي) في الولايات كافة.. *والاهتمام بالطب النفسي وتخريج أكبر قدر ممكن من منسوبيه على وجه السرعة.. *ووقف الإعلانات (المذهلِلة) التي تضرب في صميم مشاعر الفقر لدى الناس.. *ثم زيادة القدرة الاستيعابية ل(الصواني!!). صلاح عووضة – بالمنطق – الصيحة .