فجعت جموع الاعلاميين والصحفيين السودانيين في الداخل وكل دول المهجر في رحيل احد ركائز الصحافة السودانية المعاصرة واخر نقيب منتخب للصحفيين السودانيين في الانتخابات التي جرت اواخر الثمانينات. الاستاذ حيدر طه الذي توفي في مدينة ابوظبي الاسبوع الماضي التي ظل يعمل في صحافتها علي مدي سنين طويلة بعد ان غادر القاهرة محطته الاولي ومحطة جمع كبير من الصحفيين السودانيين الذين وصلوا الي مصر في عملية الخروج الكبير الذي اعقب انقلاب الجبهة القومية الاسلامية احد اسماء تلك المرحلة لتنظيم الاخوان المسلمين الاصل في السودان وزعيمه الدكتور حسن الترابي الاب الروحي للتنظيم والانقلاب الذي وقع في الثلاثين من يونيو عام 1989. وصل الصحفيين الي مصر علي دفعات وعاني الناس كثيرا قبل ان تصدر صحيفتين بصورة يومية من القاهرة هما صحيفتي الخرطوم والاتحادي التي كانت توزع في السعودية ودول الخليج العربي وبلاد اخري قبل زمن الانترنت وثورة المعلوماتية الي جانب التوزيع السري لهذه الصحف في خرطوم تلك الايام في جهد كبير تزامن مع عمل المعارضة السودانية التي اتخذت من مصر تلك الايام قيادة مركزية لنشاطها السياسي والاعلامي ثم انتهي كل ذلك الجهد بعد تصفية المعارضة السياسية وعودة قياداتها ورموزها الي البلاد بموجب ماتعرف باسم اتفاقية نيفاتشا المخادعة التي انتهت بتقسيم السودان وانفصال الجنوب وعدم الوفاء بالمواثيق المتفق عليها بعودة الحياة السياسية والديمقراطية واستمرار النظام الحاكم الذي ظل يغير في تكتيكاته والعناوين الرئيسية للحكم مع الابقاء علي اصل العملية منذ ذلك الوقت وحتي اليوم. اصدر الكاتب والصحفي الراحل حيدر طه كتاب تحليلي شامل في قاهرة التسعينات عن الازمة السودانية بعنوان: الإخوان والعسكر-قصة الجبهة الإسلامية و السلطة في السودان مركز الحضارة العربية للإعلام و النشر في العام 1993 وغطي الكتاب ضمن فصولة المتعددة اساليب وعمل تنظيمات الاخوان المسلمين والظروف التي ظهر فيها هذا التنظيم العقائدي الي حيز الوجود في مصر الاربعينات الي جانب اصدارات اخري والكتابة والمتابعة اليومية في صحيفة الخرطوم القاهرية في تلك الايام اذا جاز التعبير مع نفر كريم من الصحفيين اصحاب المواقف الذين تفرقت بهم السبل مابين الهجرة الي اقاصي الدنيا وماوراء البحار بينما استعصم الصحفي الراحل حيدر طه بمنفاه القريب في ابوظبي ليلتحق بجريدة ( العرب ) التى تصدر هناك ثم يعين رئيسا لتحرير جريدة تصدر من الدار نفسها باللغة الانجليزية. والعزاء الوحيد ان احد الزملاء الذين عاصروا وعملوا في صحافة وظروف قاهرة التسعينات يعمل علي توثيق احداث تلك المرحلة واصدارها في كتاب يسلط الضوء ضمن قضايا اخري علي الجهد الاسطوري الذي بذله فقيد الصحافة السودانية والعربية الراحل الاستاذ حيدر طه في تلك الايام واستمراره في التواصل مع منظمات الصحافة الدولية ومنظمات عربية ودولية ذات صلة بمجال الحريات وحقوق الانسان لدعم حرية الصحافة في السودان. الي ذلك وعلي صعيد الموقف السياسي الراهن في السودان تذداد الاوضاع غموضا قبل اسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية التي من المفترض ان تجري منتصف ابريل القادم وسط دعوات يومية ومتصاعدة من بعض القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمقاطعة الانتخابات في بلد تراكمت مشكلاته علي مدي ربع قرن من الزمان تبدلت فيه ادوار ومراكز الاسلاميين منذ خروج كبيرهم وعراب التنظيم المثير للجدل الدكتور حسن الترابي من النظام بينما يصمم الرئيس البشير واعوانه علي المضي قدما في العملية الانتخابية غير مكترثين لكل مايصدر من المعسكر الرافض لهم. وفي ظل هذه الاجواء المشحونة بالتوتر في ظل اوضاع اقتصادية ومعيشية قاسية خرج علي نظام البشير بالامس احد اهم القيادات القبلية والعشائرية الهامة والمؤثرة في اقليم دارفور المعروف باسم الشيخ موسي هلال الذي تحول اثناء الصراع في هذا الاقليم من احد شيوخ البدو التقليديين الي زعيم لجماعة مسلحة تمتلك قوة ضاربة علي الارض كانت اطراف كثيرة من المعارضين للنظام السوداني اتهمت هذا الشيخ انه صنيعة حكومة الخرطوم. وقد ظهر هذا الشيخ الذي تربطة علاقة سياسية واجتماعية بالرئيس البشير علي مدي سنين طويلة في شريط فيديو متداول في مواقع الميديا السودانية وهو يخاطب جموع من المواطنين وتحيط به مجموعات مسلحة تابعة له وهو يعلن مقاطعته الانتخابات الرئاسية القادمة والانتخابات البرلمانية علي كل مستوياتها. ولايعرف بعد اذا ما كان ماصدر من هذا الزعيم القبلي من مقاطعة انتخابات الرئاسة السودانية موقف نهائي او تكتيكي املته بعض الظروف والاختلافات مع حكومة الخرطوم وفي حالة استمرار الزعيم القبلي في موقفه المعلن فقد يتطور الامر الي نوع من العصيان سيزيد من حدة التوتر والمواجهات في اقليم دارفور الذي اصبحت قضيته من الامور الثابتة في وسائل الاعلام واجندة المنظمات الدولية وربما يزيد من احتمالات خروج اجزاء واسعة من اقليم دارفور من سلطة الحكومة المركزية في الخرطوم. www.sudandailypress.net