نعم ، تأخذون غيرها طالما صبركم طاول صبر أيوب ، النبى الكريم. تعاقبت عليكم شموليات ثلاثة . اذاقتكم ، كلها جميعا ، الويل والثبور وسقتكم من طينة الخبال . قلتم لا مرتين وانتصرتم . وانفردت بكم الشمولية الثالثة ، ثالثة الاثافى . وهى علم على رأسه نار فى الكذب والتدليس . وفى عدم الحياء . و البجاحة. واللداحة . واللطاعة. واللماضة. وقلة الادب فى الفعل والقول السفيه . ترميكم حينا بصفة الشحادين. وفى حين آخر أنتم عندها فاقدون للبصر والبصيرة . و اخرجت لكم من بطون السراديب القميئة سفهاء صعاليك فى القول النتن . لم يتركوا شريفا الا أهانوه بوضيع الكلم . تذكرون بكل تأكيد سفيهم يونس محمود سئ الذكر والصيت ، الذى فاق فى صفيق الكلم صاحب الاسم الاصلى يونس بحرى ، دلوكة هتلر ، وهو يصرخ من استديوهات اذاعة النازى فى برلين يسئ الى شعب السودان. و يستنكف قائلا أنه يسمع ذبابة تطن وتقول هنا امدرمان . و" امدرمان هذه بقعة سوداء فى قلب القارة السوداء لا يصلح شعبها إلا للاستعما ر . والاستعمار الانجليزى فقط . كذب الدعى . نحن الذين هزمنا غردون رمز الفخار الانجليزى و الحقنا به هكس الذى كان صدره يئن من ثقل نياشينه العظيمة . أما يونس بحرى السودانى ، فقد سقانا من المر كؤوسا مترعة . شتمنا حتى آخر مصاريننا البيض. ونحن صابرون على الأذى والأسى ومندهشون كيف انجبنا هذا الصفيق. شموليات ثلاثة تعاقبت علينا و لم تترك لديمقراطيتنا الا بعض فتات من حقب تشبه ما يسميه حكام المباريات الكروية بالزمن الضائع. سادتنا الشموليات الثلاثة آمادا طويلة . ست سنوات تحت قبضة الشسمولية الاولى. اوضاعنا كانت سمنا على عسل . لم نكن بحاجة الى انقلاب ، يؤسس لا نقلابات لاحقة دمرت كل شئ اتت عليه ، وتركته رميما أو كالرميم. يوم أطلت علينا الشمولية الاولى ، كان ميزاننا التجارى مع بريطانيا العظمى مائلا لصالحنا . وكانت عملتنا الوطنية تعفص الجنيه الاسترلينى فى اخيله أو قل تضعه تحت جزمتها ، اذا استدعينا لغة المشير الدراب ، رغم ان الاسترلينى كان سيد الفضاء الاقتصادى والبحار . ومع ذلك اقنع رئيس الوزراء وقتها ، البيك عبد الله خليل ، اقنع مرؤوسه ، قائد الجيش ، الفريق عبود ، اقنعه باستلام السلطة لمدة ستة اشهر ، على ان يعيد بعدها الوضع الديمقراطى بإجراء انتخابات جديدة . غفل البيك عليه رحمة الله. و لم يكن فى حسبانه أنه بذلك الترتيب قد فتح ابواب جهنم على مستقبلنا الديمقراطي و السياسي . و فتح شهية العسكريتاريا السودانية للحكم والاستدامة فيه وقتا لا يعلم مداه الا علام الغيوب . و صنع لنا البيك خازوقا ظل باقيا فينا الى يومنا هذا . والى يوم لا يعلمه الا الخالق البارئ. فقد أبى الفريق عبود الالتزام بوعده لقائد الاعلى باعادة الديمقاطية بعد أن ذاق رطوبة الاندا ء السلطوية. ورغم اطاحتة فى ثورة شعبية عارمة فى اكتوبر 1964 ، إلا أن ذلك لم يمنع عقيدا آخر ، هو جعفر محمد نميرى ، من القفز على السلطة فى انقلاب جديد ليحكمنا ستة عشرة عاما حسوما بالحديد والنا ر. دك خلالها معارضيه الانصار بقذائف الدبابات فى ودنوباوى ، و الجزيرة ابا ، و الكرمك ، وامدرمان . وعندما استعصوا عليه استدعى الطيران الاجنبى . فقتلهم قتل الفئران . اما اما عقيدنا الثالث فقد اباد معارضيه بايديه وليس بايدى عمرو . اعترف بقتل عشرة ألف فقط لا غير فى دارفور. وقتل ثمانين متظاهر فقط لا غير فى مظاهرات سبتمبر الشبابية . العشرة الف قتيل دارفورى والثمانين قتيل شبابى ارقام صغيرة وهينة . و لا تسوى شيئا لشعب يبلغ تعداده فوق الثلاثين مليونا من البشر حتى بعد أن فرط فى ثلث اراضيه وثلث شعبه . اليوم سيعلن عن فوز المشير الساحق الماحق .فى انتخابات كتب قوانينها منفردا . وشكل مفوضيتها منفردا . و حدد دوائرها منفردا. واختار طواقمها الادارية والفنية منفردا . ثم قال لمنافسيه هيت لكم. ولأن الحاجة ماسة والجوع كافر فقد هرول اليه المحتاجون . وأهل العوز ذرافات ووحدانا . ول يتأخر عنه الانتهازيون . يرمون اصواتهم فى الصندوق ، أو قل فى غيابة الجب ولن يرها أحد بعد ذلك . السلاسة التى اعد بها المشير انتخاباته الفريدة هذه سوف تغرى جنرالا آخر بالتفكير فى أن يقفز هو الآخر على قصر غردون القديم او قصر الصين الجديد ايهما اقرب عندما يحين موسم القطاف. ويمتد الافق الساجى أمام اهلى السودانة. وتمتد احلامهم . وكأنى بهم ينشدون مع الشاعر العربى القديم مؤيد الدين الطغرائى : انظر الآمال ارقبها ما اضيق العيش لولا فسحة الامل أخ . . . يابلد !