الشعر من نفس الرحمنِ مقتبسٌ والشاعرُ الفذُ بين الناسِ رحمنُ …ذهب منذ ايام شاعر الفلاحين والناطق الرسمي بإسم الكادحين الأستاذ عبد الرحمن الأبنودي معززاً مكرماً في وطنه الذي لم يغادره في حياته إلا ليعود مشتاقاً لترابه ولأهله متجولاً بجواز سفرِ كُتب في خانة المهنة ( شاعر ) وظل يتقاضى راتباً من الدولة التي تكفلت بعلاجه داخل وخارج أراضيها طيلة فترة معاناته وشيعته دموع شعبه وهو يحمله على أكف الوفاء رداً على العطاء الذي انعش الوجدان المصري بل والعربي على مدى نصف قرن من الإبداع المنسكب من روح المحبة للوطن ولإنسانه . ويرحل بعده في اقل من اسبوع اليوم أستاذنا الفيتوري غريباً بعيداً عن وطنه مسلوب الجنسية في عهد مايو النميري وهو الذي غنى للصبح الذي إنبلج بعد زوال ديكتاتورية نوفمبر عبود وظل موعوداً دون جدوى بجواز إنقاذ البشير التى أطفات نور الحرية في كل زوايا الوطن وقد نقصت ركناً ولم تعد تتسع لبراحات الشعر الحر ولا كل حروف الحقيقة التي تدمي قلب الديكاتورية الواجف من نبرة الحرف التي تستاثر بحب الناس وتدخل اليها دونما إستئذان ! الشاعر لا يموت .. حيثما اسلم الروح فحرفه شعاع الوعي الذي ينسل الى حدقات العيون ومساحات العقول في كل صباحات التفاؤل التي تطل من نوافذ الحياة.. لكن الظلم يذوب في شموس النهار متى ما تسللت من خلف غيوم الزمن الرديْ حيث يهيمن السفهاء على المال والجهلاء على القلم والجبناء على السيوف . فهل مات المتنبي ولا زال الناس يرددون نقده لسيف الدولة .. يا اعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وانت الخصمُ والحكم .. مثلما مات الحجاج وقد أرق أواخر عمره وأفقده الصواب ظلمه لذلك الرجل الذي قارعة حجة الإستقواء بالسلطان والسطوة.. برصانة الفكر ومنطق العالم العارف بالله .. فطفق السفاح الثقفي يردد في يقظته ومنامه حتى هلك .. مالي وسعيد بن جبير ! وهل مات وردي و لازالت اصداء صوته تتردد في طبلات المسامع .. إنني اومن بالشعب حبيبي وابي وبابناء بلادي البسطاء الذين أنحصروا في ساحة المجد فزدنا عددا وبابناء بلادي الشرفاء الذين أقتحموا النا وصاروا في يد الشعب مشاعل .. وبابناء بلادي الشهداء الذين أحتقروا الموت وعاشوا ابدا ..وهاهو من صاغ تلك الكلمات الأستاذ محمد المكي ابراهيم ي هو الآخر يعيش مشردا في بلا د الغرب التي يعتبرها من يحكموننا أرض الكفرة فيما هم بإسلامهم المزعوم لا يحتملون صرخة الحرف حينما تدوس عليه أحذية تسلطهم فتضيق به الأرض ليهرب ويموت بعيداً.. ولكنه يخلد في صفحات المشاعر التي مثلها بلسان حاله وكان ناطقاً بإسمها من خلف المسافات التي تغني بأحرف الشوق لمتر مكعب يأوي الجسد الفاني.. ولكن لاباس راحلنا المقيم فينا فالحس سيبقى في كل مساحات الهواء الطلق كجناحين يرفان على وطن ياوي اللصوص و يطرد الشعراء .. فتباً له من زمان ! [email protected]