كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أُسْكبيكِ في دَمي خمْرَ طُهْرٍ!
نشر في حريات يوم 03 - 05 - 2015

عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان.. أتناولُ قصيدتَكِ (أُسْكبيكِ في دَمي)، وأنتِ مِن فيروزِ الحُروفِ تصنعينَ عقدَ الكلماتِ، فنُعاقرُها بغزَلٍ فوضويٍّ يَتماهى مع مخزون الوجعِ ومَكدوس الأماني، فنحلُمُ كما تَحلُمينَ، بغدٍ يَخرُجُ مِن شرنقةِ حُلمٍ لذيذٍ، يَفردُ أجنحتَهُ بلوحاتٍ فنّيّةٍ تأخذُنا إلى النّصِّ، وتَسحَبُنا إلى عالمِكِ المُترَعِ بالتّجلّي، فنرى اللّوحاتِ جزءًا مُتناغِمًا معَ حُروفِكِ، وندخلُ دائرةَ السّؤالِ؛ مَن جاءَ أوّلًا، اللّوحةُ أم النّصوص؟
عزيزتُنا الشّاعرة آمال، سيَظلُّ الهَمُّ ذاتُهُ يَتقلّبُ على جمرِ النّصوصِ الّتي تُميّزُكِ ببلاغتِها وشدّةِ غموضِها، والّذي مِن جهَتي، كنتُ أُفضّلُ أن يُسلّمَني ذاتَهُ مِنَ المُعاشرةِ الأولى، فهذهِ لغتُكِ العصيّةُ المُستعصيةُ كما نوارس أحلامِنا، لها فضاءاتُها وعوالمُها، فتحيّة أختي الشّاعرة، وتحيّةً لمَداد حِبرِكِ الماسيٍّ المائيّ.
(1)* نَسائِمُ شُرودٍ.. تُحَلِّقُ/ تَصْفَرُّ أَعْوادُها .. تَصْفِرُ ناياتُها/ و.. تَسْفَحُ غَمامَ مُنىً/ عَلى .. أُفُقِ الصَّباحاتِ البِكْر
أسكبيكِ في دَمي؟ نَسائمُ تصفَرُّ أعوادُها؟ ياااااااااااااه، حينَ تَجفُّ الكلماتُ، وتُورقُ الأماني مِن ثنايا صُفرةِ أعوادٍ تعّرّتْ مِن وُريقاتِها، وشَلحَتْ براعمَها، في زمنٍ تئنُّ فيهِ النّاياتُ، ويَشلحُ الفجرُ بكارتَهُ مُرغمًا، ويُعلّقُ ثوبَهُ العُذريَّ على سفحِ الغمام!
عزيزتي الشّاعرة آمال عوّاد رضوان، الفاردةُ جَناحيْ أبجديّتِها ومَشاعرِها في أفقٍ يُراودُها وتُراودُهُ، مُترعًا بأماني العذريّةِ المُتمنّاة، معك نحن أيضًا، نبحثُ عن فجرِنا البكرِ، ونَمضي إلى فقراتٍ أخرى مِن صُورِكِ الإبداعيّةِ، علّنا نجدُنا بينَ ستائرِ ليلِكِ وليلِنا الأزرق!
(2)* أَمِنَ المُنْتَهى.. / تَنْقَشِعُ طُفولَةٌ/ غافِلَةٌ.. عَارِيةٌ/ تَخْتَبِي.. / في أَغْلِفَةِ عَبَقٍ عُذْرِيّ؟
هكذا نولدُ مِن رحمِ العبقِ العُذريِّ، ونَحسَبُ أنّنا باقونَ بعُذريّتِنا وطهارتِنا وطُهرِنا، لكنّنا عند المنتهى نكونُ قد فقدناها عذريّةَ الفكرِ والمقاصدِ والمرامي! وكأنّنا نحِنُّ إليها، كلّما غرَزَ الزّمنُ أنيابَ دنسِهِ وخِزيِهِ وعارِهِ في جلودِ واقعِنا العاري، مِن عبَقِ العذريّةِ التائهةِ في مَلاهي الطفولة؟ عزيزتي آمال، أنظلُّ هكذا قابعينَ في رحم حُلمٍ ما بينَ القوافي، نرسمُنا في حدودٍ ضيّقةٍ، تكادُ لا تتّسعُ لمَسافات أحلامِنا وآمالِنا؟ نرانا هنا في تجَلٍّ عذريٍّ يَسحبُنا إلى حدودٍ لم تُحدَّدْ بعد، وما زلنا على أكفِّ أمّهاتِنا نرنو للفضاءِ الرّحبِ الّذي يَرسُمُ لنا الوطن الآخر، كما كلّ أجنّةِ العالم.
(3)* أَرْياشُ عَينَيْكِ../ تُرْبِكُ.. وَهْجَ مَوْجِيَ العاصِفِ/ تَسْرِقُ.. وَمْضِيَ السَّاهي/ لتُشْرِقَ..
هَمْسَةً بَيْضاءَ/ ضَمَّخَها.. طَلُّ حَياءٍ
هكذا نمضي نستوطنُ الأهدابَ والعيونَ، نبحثُ خلفَ الأرياشِ عن وجودِنا المُرتبكِ مِن وهج موْجِنا العاصف، والمَدى ومضٌ ساهٍ يُغافلُنا، يُصادرُ منّا الحنينَ والأملَ بفجرٍ أبيضَ، ولو كانَ بحياءٍ واستحياءٍ، يُطِلُّ علينا مِن شبابيكَ طُرّزتْ بأنياب، وتَضمّخت بدمِ عذريّةٍ كنّا نملكها، لكن! أيّتُها الشاعرةُ، أراها ريشتُكِ ترسُمُ أهدابَها سياجًا، أتبغيهِ لُحمةَ وطنٍ مُستباحٍ، أم سِياجًا يُقيّدُ مدى الحُلم ومَدى الوطن؟ وتظلُّ لنا فرصةٌ للتّجلّي خلفَ مَرامي النّصّ، تتعلّقُ بأهدابِ الحُروف أمنيةٌ ترنو إلى وطنٍ مِن غيرِ أسوارٍ وسياجٍ، لكن شتّانَ ما بينَ الأهداب وما بينَ قسوةِ الأسوار!
(4)* هِيَ ذي حُروفُك/ تَتَهادَى.. عَلى سَحابَةِ جُنونٍ/ تُذيعُ بَوْحَ اللَّيْلَكِ.. في مَنافِيَ لَيْلِكِ/ وَ.. تَتَسايَلينَ.. في ثُقوبِ الرُّوحِ
معَ حُروفِكِ تتهادى حُروفُ أبجديّتي، تكادُ تُعلنُ جُنونَها مِن غموضِ مَغازيكِ وما الوراء، وفي فيافي النّصّ أسطورةُ الأساطيرِ مُبهَمةٌ، تتمنّعُ بعنادٍ وكبرياء، وأطرحُ شالي الحريريَّ مِنوالًا يُدغدغُ اللّغةَ العَصيّةَ المُستعصيةَ، في مُحاولةِ الوُلوجِ إلى نصِّكِ، ولو جاءَ مِن بينِ ثُقوبِ الرّيح! ألعلّي أعتذرُ وأمضي في مَنافي اللّيلكِ، أبحثُ عن زمنٍ مِن غيرِ ثُقوب؟ أيّتُها المُسافرةُ إلى الما وراء، هي ذي حُروفُكِ تتهادى كالوطن في أرجاءِ حُلمٍ، تقفُ على متنِ سحابةِ جُنونٍ، بانتظارِ نسمةٍ باردةٍ تُسقِطُها مَطرًا، يُنبِتُ واقعًا مَنشودًا قد تَرَيْنَهُ بعيدًا، ولكنّنا نَراهُ بينَ أرجاءِ القصيدةِ، في قبضةِ اليَدِ وفي بوْحِ اللّيلك يتنفّسُ الفجْرَ، وإنْ كانَ الفجرُ يَتسَحّبُ مِن بينِ ثُقوبِ الرّوح!
(5)* هِيَ ذي رُموشُكِ/ تَخْتَلِسُ قَميصِيَ البَحْرِيَّ/ تَتَماوَجُ في هالاتِ العَوْسَجِ/ تَتَوالَدُ نَعيمًا../ تَكْوينًا يَتَخَلَّدُ..
ترى هل ذهبْتِ في حُرقتِكِ إلى حدودِ اللّومِ والعتاب، أم تجاوزْتِ إلى حدِّ الاتّهامِ لهذا السّور الّذي توخّيْتِ أن تجعَليهِ حارسًا، يَحرُسُ العيونَ وكلَّ ما تحت الجفون؟ أهي صرخةٌ مُتفجّرةٌ أم همسةٌ مِن عتابِ حانية؟
سيّدتي الشّاعرة آمال عوّاد رضوان، لا يَحمي الجَنينَ غيرُ رحمِ أُمٍّ أنجَبتْ، وكلُّ ما هو مُستورَدٌ يَظلُّ يَتماوجُ ويتلوّنُ، ويَقطُرُ بمِلحِ صمْتِهِ وتَخلّيهِ، لأنّهُ يَظلُّ كما الأهداب مُعرَّضًا للكسَلِ والتّكاسُل! عزيزتي، أينَ نحنُ مِن هالاتِ العوسجِ المًخلَّدِ، وقد تقصّفتِ الأهدابُ واكتوَتِ العيون، فلا نعيمَ ولا يحزنون، وربّما نَظلُّ نَحضُنُهُ حُلُمًا يولدُ في طيّاتِ الجفونِ وما تحتَها، نستمرئُ العيشَ معَهُ ومُعايشتَهُ، لكن هيهات أن يَتساوى الواقعُ بأرتالِ الظنون! بقدرِ ما يَستفزُّني غموضُ قوافيك،فأراني مُجبرَةً أن أخاطبَكِ بصراحةٍ جَماليّة، أما حانَ الوقتُ أن تكونَ لغتُنا مُباشرةً، مادامَ الغموضُ يتسربلُنا حتّى لم نعُدْ نَرانا؟ فكم هم الّذين يُتقنونَ الماوراء؟ ألا تكونُ أبجديّتُنا أقلَّ تعقيدًا، ما دُمْنا مَجبولينَ بطينِ عُقدِنا، وكالنّعامة بتنا لا نريدُ رؤيةَ صيّادٍ بحُلمِنا الأزرق؟
(6)* بِأَعْشَاشِ فَرَحي الآتي/ دَمْعَةٌ.. شااااارِدَةٌ.. / تَتَفاقَسُ مَبْهورَةً.. بِمَنْحوتَةِ ابْتِهاجٍ/ تَحُطُّ.. عَلى أَجْنِحَةِ بَسْمَةٍ شَفيفَةٍ/ تَهْمِسُ بِضَوْءٍ قُدْسِيٍّ:/ ما مِنْ حَمائِمَ تَسْتَوي/ عَلى بَيادِري/ إِلاَّك../ أشْتاقُك/ وَالشَّوْقُ إِلَيْك.. مَعْصِيَةٌ/ لا تُغْتَفَر!
نعم، مُؤلِمٌ ومُوجِعٌ أن نراهُ فرحَنا القادمَ على عتباتِ حُلمٍ أزرقَ يُغادرُنا إلى الفضاءاتِ الأخرى، يَبحثُ عن عُشٍّ آخَرَ، والأعشاشُ سيّدتي مِلءَ السّمعِ والبَصر! فهل تَملكُ العَصافيرُ منعَ الذّئابِ والرُّماةِ والصّيادينَ مِن اصطيادِ زَغاليلِها وفِراخِها؟ مُوزّعونَ نحنُ على مساحاتِ أغصانٍ جافّةٍ، وكلّما بنيْناهُ عُشًّا يَطالونَهُ بألفِ بندقيّةٍ ومكنسة، فمَن تبقّى للعصافيرِ الشّاردةِ كي تُراودُهُ على ظلِّ عُشٍّ، وربّما على قشّةٍ بينَ أمواجٍ عاتية؟
(7)* مُلْهِمَتي/ طِبْتِ.. بِفَيْضٍ مِنْ إبْداعٍ/ اِسْطَعي أُنْشودَةً/ تَذْرِفُ نوَّارِيَ الشِّعْرِيَّ/ بَعْثِريني في لُجَّةِ الشِّعْرِ حَدائِقَ بَرِّيَّةً/ تَغْمِسُ حَبَقَ عَبَراتِي الفَوَّاحَةِ/ بِأَثيرِ أَحْلامِيَ العَذْبَةِ
مُلهِمَتي آمال، وما ظَلَّ في المَكانِ ولا الزّمانِ فرصةٌ واحدةٌ للإبداع، ولا حتّى لِحَلٍّ نَرجسيٍّ، فباقاتُ الحُلولِ كلّما أينعتْ في خواطرِنا، وجَدَتْ مَن يَنثرُها وينعفُها على الطّرقاتِ ويَدوسُها تحتَ الأقدام، ونحنُ نبحثُ في دوائرِ الحُلمِ عن بارقةِ حَلٍّ، تُعيدُ للعصافيرِ بقعةً مِن فيْءٍ وضوْء!
(8)* عَباءاتُ نَواطيرِكِ.. تُهَفْهِفُ/ فَوْقَ .. مَساماتِ وَجْدي/ تُحَلِّقينَ.. مَغْمورَةً / بِشُعاعٍ .. مِنْ ظِلِّ دُعائي/ وأُرَقِّيكِ.. مِنْ كُلِّ يَبابٍ/ بِاُسْمِ أَشْجارِيَ الوارِفَةِ/ فَلْتَحُلَّ عَلَيْكِ بَرَكَةُ خُضْرَتي/ مُبارَكَةٌ أنْتِ بي/ مُبارَكَةٌ هِيَ أَنْساغُكِ .. أَجْراسُكِ/ وَمورِقَةٌ هِيَ الحَياةُ .. بَيْنَ كَفَّيْكِ
عباءاتُ نواطيرِكِ؟ تُضحِكُني الجُملةُ الوهميّةُ، حينَ ظننّا أنّ عباءاتِ العروبةِ ستُظلّلُنا، وتشتري لنا غابةً مِن وطنٍ نُزاولُ فيها عيْشَنا وحُلمَنا، ونُحلّقُ في الفضاء، كما كلّ عصافير الدّنيا فوقَ أرضٍ وتحتَ سماء، فلا العباءاتُ المُهفهفةُ أسْمَنَتنا ولا أغنتنا من جوع، ولا آمَنتنا مِن خوفٍ، والشّعاعُ لم يَزلْ بعيدًا، أبعدَ مِن مَدى أحلامِنا وتَصوُّرِنا في اليقظةِ والحُلم؟
(9)* نَضارَةَ الحُبِّ.. أَعيديهَا / في جُذوعِيَ العَلِيلَةِ/ بأَغْصانِيَ العارِيَةِ/ لِتورِقَ.. لِتُزْهِرَ/ وَأَتَذَوَّقَكِ ثِمَارًا.. / تُونِعُ في فَمي
مُتجذّرونَ نحنُ في أرضِنا وحُلمِنا بكلِّ ما فينا مِن كُهولةٍ وطفولةٍ، ولم نزلْ نُصلّي ونرفعُ الأيادي والعيونَ والقلوبَ، وبأطرافِنا المَبتورةِ نَحلُمُ برحمةِ السّماءِ ورَبٍّ السّماء، وأن تسقطَ علينا غيمةٌ حُبلى بمَطرِ الكرامةِ حدّ الامتلاءِ والارتواء، كي تتورّقَ أغصانُنا الجافّةُ، وننهَضَ مِن رُكامِ ذُلِّنا، ونُواصِلُ كخلقِ الله عيْشَنا فوقَ أرضٍ وتحتَ سماء!
( (10* يَا مَنْ بَحَريرِ حَرْفِها وخوْفِها/ تَغْزِلُني.. شَرنَقَةً/ تَبْعَثُني نَحْلَةً.. في صَوْمَعَةِ اللَّيْلِ/ هِي ذي أَطْرافُ الدَّهْشَةِ/ تَسْتَعْسِلُني/ كُلَّما ساحَ في مُقْلَتَيْكِ.. رَقْراقُ عَيْنَيَّ
حَريرُ حرْفِها وخوْفِها؟ ببلاغةٍ مُتناهيةٍ تستخدمُ شاعرتُنا آمال عوّاد رضوان حروفَ أبجديّتِها، فيُصبحُ الحرفُ والخوفُ لديها كما الحرير ناعمًا، يَرتدينا ونَرتديهِ ويسكُنُنا،ويتجمّلُ بنا ونتجمّلُ به، ونظلُّ مسكونينَ به، ونسكُنُ على أطرافِ دهشتِنا، نغازلُ ونُهادنُ صمتَنا، ونُراوغُ كلَّ ما حولَنا مِن عبثيّةِ الحُلولِ وفرَضيّةِ المُستحيل، وتتجذّرُ الدّهشةُ فينا قدَرًا لا يُفارقنا؟
(11)* لَوِّنيني.. بِعَبَثِيَّتِكِ/ اُنْقُشي هَمَجِيَّتَكِ.. دُروبًا/ عَلى تِلاواتِ نَشيدي/ اُسْكُبيكِ.. في دَمي/ لأَخْمَرَ.. لأَسْكَرَ بِسِحْرِ طُهْرِكِ!
أختي آمال القابضةً بأصابعِ أبجديّتِها المُتعلّقةِ بأمانيها السّرمديّةِ، هل مازالَ في علبةِ الأماني ألوانٌ أخرى، لم تَتناوَلْها العقولُ ولم تتفتّقْ عنها الأذهانُ؟ كلّا، لم يتبقَّ للحُلمِ لوحةٌ لم تُستهلَكْ، فكلُّ لوحاتِ العرضِ والطلب تطايرَتْ تحتَ فضاءِ الفرقةِ المقصودةِ وغيرِ المقصودة! لكن لا بأس، نحنُ ماضون نسكُبُ نشيدَنا الأبديَّ صلاةً فيروزيّةً على عتباتِكِ يا قدسُ مدينةَ الصّلاة، وإنّنا نُصلّي والطّفل في رحمِ أُمِّهِ وبين ذراعيها، تحملُهُ حُلمًا يُراودُها في غفلةِ الضّمائر!
أُسْكُبيكِ في دَمي/ آمال عوّاد رضوان
(1)* نَسائِمُ شُرودٍ.. تُحَلِّقُ
تَصْفَرُّ أَعْوادُها .. تَصْفِرُ ناياتُها
و.. تَسْفَحُ غَمامَ مُنىً
عَلى .. أُفُقِ الصَّباحاتِ البِكْر
(2) * أَمِنَ المُنْتَهى..
تَنْقَشِعُ طُفولَةٌ
غافِلَةٌ.. عَارِيةٌ
تَخْتَبِي..
في أَغْلِفَةِ عَبَقٍ عُذْرِيّ؟
(3) * أَرْياشُ عَينَيْكِ..
تُرْبِكُ.. وَهْجَ مَوْجِيَ العاصِفِ
تَسْرِقُ.. وَمْضِيَ السَّاهي
لتُشْرِقَ..
هَمْسَةً بَيْضاءَ
ضَمَّخَها.. طَلُّ حَياءٍ
(4)* هِيَ ذي حُروفُك
تَتَهادَى.. عَلى سَحابَةِ جُنونٍ
تُذيعُ بَوْحَ اللَّيْلَكِ.. في مَنافِيَ لَيْلِكِ
وَ.. تَتَسايَلينَ.. في ثُقوبِ الرُّوحِ
(5)* هِيَ ذي رُموشُكِ
تَخْتَلِسُ قَميصِيَ البَحْرِيَّ
تَتَماوَجُ في هالاتِ العَوْسَجِ
تَتَوالَدُ نَعيمًا..
تَكْوينًا يَتَخَلَّدُ..
(6)* بِأَعْشَاشِ فَرَحي الآتي..
دَمْعَةٌ.. شااااارِدَةٌ..
تَتَفاقَسُ مَبْهورَةً.. بِمَنْحوتَةِ ابْتِهاجٍ
تَحُطُّ .. عَلى أَجْنِحَةِ بَسْمَةٍ شَفيفَةٍ
تَهْمِسُ بِضَوْءٍ قُدْسِيٍّ:
ما مِنْ حَمائِمَ تَسْتَوي
عَلى بَيادِري.. إِلاَّك..
أشْتاقُك
وَالشَّوْقُ إِلَيْك.. مَعْصِيَةٌ
لا تُغْتَفَر!
(7)* مُلْهِمَتي
طِبْتِ.. بِفَيْضٍ مِنْ إبْداعٍ
اِسْطَعي أُنْشودَةً
تَذْرِفُ نوَّارِيَ الشِّعْرِيَّ
بَعْثِريني في لُجَّةِ الشِّعْرِ حَدائِقَ بَرِّيَّةً
تَغْمِسُ حَبَقَ عَبَراتِي الفَوَّاحَةِ
بِأَثيرِ أَحْلامِيَ العَذْبَةِ
(8) * عَباءاتُ نَواطيرِكِ.. تُهَفْهِفُ
فَوْقَ .. مَساماتِ وَجْدي
تُحَلِّقينَ.. مَغْمورَةً
بِشُعاعٍ .. مِنْ ظِلِّ دُعائي
وأُرَقِّيكِ.. مِنْ كُلِّ يَبابٍ
بِاُسْمِ أَشْجارِيَ الوارِفَةِ
فَلْتَحُلَّ عَلَيْكِ بَرَكَةُ خُضْرَتي
مُبارَكَةٌ أنْتِ بي
مُبارَكَةٌ هِيَ أَنْساغُكِ .. أَجْراسُكِ
وَمورِقَةٌ هِيَ الحَياةُ .. بَيْنَ كَفَّيْكِ
(9) * نَضارَةَ الحُبِّ.. أَعيديهَا
في جُذوعِيَ العَلِيلَةِ
بأَغْصانِيَ العارِيَةِ
لِتورِقَ.. لِتُزْهِرَ
وَأَتَذَوَّقَكِ ثِمَارًا..
تُونِعُ في فَمي
(10) * يَا مَنْ بَحَريرِ حَرْفِها وخَوْفِها
تَغْزِلُني.. شَرنَقَةً
تَبْعَثُني نَحْلَةً.. في صَوْمَعَةِ اللَّيْلِ
هِي ذي أَطْرافُ الدَّهْشَةِ
تَسْتَعْسِلُني
كُلَّما ساحَ في مُقْلَتَيْكِ.. رَقْراقُ عَيْنَيَّ
(11) * لَوِّنيني.. بِعَبَثِيَّتِكِ
اُنْقُشي هَمَجِيَّتَكِ.. دُروبًا
عَلى تِلاواتِ نَشيدي
اُسْكُبيكِ.. في دَمي
لأَخْمَرَ.. لأَسْكَرَ بِسِحْرِ طُهْرِكِ!
من ديوان (سَلامِي لكَ مَطرًا/ آمال عوّاد رضوان).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.