حتى اللحظة لا يبدو أن للحكومة السودانية موقفاً واضحاً تجاه ظاهرة الطلاب الذين تسللوا الى تركيا للإلتحاق بالتنظيم الإرهابي المسمى داعش ..! فلا يكفي ما تسرب حول إتخاذ تدابير جديدة بوضع ضوابط تجاه المغادرين الى تركيا تحديداً .. لآن بوابات الإلتفاف على القرار بان يقصد المحظورون وجهتهم عبر بلادٍ أخرى يبقى تحوطاً وارداً ! وقد تجلى الأمر في عدم إتخاذ اية خطوات قانونية تجاه من قيل أنهم اعيدوا الى السودان وهم من حملة الجنسية البريطانية بعد أن إحتجزتهم السلطات التركية وكانت قد حققت معهم كما جاء في الأنباء! ويظل السؤال الكبير وبغض النظر عن أصول أولئك الشباب .. فطالما انهم لا يحملون الجنسية السودانية .. فلماذا تعيدهم تركيا الينا حتى ولو كانوا طلاباً منتظمين في جامعاتنا وأتوا اليها من محطتنا المشرعة الأبواب ، فمن واجب حكومتنا إن كانت حريصة على البقية من زملائهم خوفاً من تلويث افكارهم بتلك الخزعبلات والأوهام .. أن ترفض عودتهم الى حدودنا بل و أصلاً المفروض أن يسلموا الى سلطات البلاد التي يحملون جنسيتها ويقيم فيها ذووهم وهي بريطانيا .. أم ان الحكومتين الإسلاميتين في كل من تركيا والسودان متفقتان على مبدأ عدم تعرض هؤلاء الطلاب الى محاكمات قد تكون كابحاً لتطلعات غيرهم الى هجرة الموت تلك إذ أن الأمر في بريطانيا لا يمكن يمر بمثل هذا الإستخفاف التي تعاملت به سلطاتنا الى درجة توفير الضمانات لهؤلاء المتنطعين بمعاودة دراستهم وكأنهم عادوا من رحلة علمية او سياحة بريئة في منتجعات تركيا فهم قانوناً يتحملون تبعات قرارهم وإن كانوا من المغرر بهم، فالجهل بالمخاطر لا يعفي مرتادها من المساءلة و العقاب مالم يكن طفلاً لا يعي الفرق بين الماء والنار .. فما بالك إذ هم طلاب في أعلى سقف التحصيل العلمي ! فحكومتنا حيال هذه القضية تعيش في حالة فصام وتمزق مواقف .. فهي مغتبطة من أعماقها لتصدير هؤلاء الشباب أنفسهم بعيداً عن حماها الفائر سعياً لكمائن الموت في سوريا والعراق حتى لا تتوالد حواضنهم لتشكل عليها خطراً ذاتيا ً وفي ذات الوقت فإنها تحاول باسلوب مهادنتهم أرضاء وجبر خواطر شيوخهم المحرضين الذي يجاهرون عبر المنابر بسوية مسلك ومواقف اولئك الشباب تجاه ما يعتبرونه جهاداً في سبيل عودة الخلافة المزعومة! ولعل إطلاق سراح ذلك المتشدد المدعو الدكتور محمد علي الجزولي الذي يسبح خارج بحور الزمن المعاصر بنزعته الدموية وفكره التكفيري ثم إعادته الى محبسه على مضض دون أن يناله من توعد المحاكمة ذرة مما رمت به هذه السلطة الأمنية زعماء المعارضة السلمية من تهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور .. إنما يؤكد رمادية رؤية الحكومة حيال الدواعش بالقدر الذي يلقي بظلال من الشك حول جدية عزمها على إجتثاث شآفة ذلك السرطان القادم الينا لامحالة لا قدر المولى الكريم .. .. طالما أن البيئة المشحونة بذلك الخطاب الهائج مفتوحة على كل جبهات تصدير ذلك الداء سواء في ظلامية بوكو حرام الجاهلة أو ضبابية داعش المريبة أو دموية النصرة التي تلعب على اكثر من حبل ! وسيظل السودان هو حائط الظهر الذي ستلجأ اليه كل تلك القنابل المفخخة في خاصرة المنطقة .. لاسيما وقد بدات دول شمال أفريقيا لاسيما تونس في تضييق الخناق عليها بما في ذلك إغلاق حتى مساجد تفريخها ! هذا إن لم تعلن حكومة الإنقاذ موقفاً حاسماً وتتخذ من الإستحكامات القوية مايدرأ هذا الخطر عن مجتمعنا المسالم والمتسامح و المتمثل في آفة داعش وغيرها من شاكلاتها .. وإلا فإن هذه الحكومة قد تجني ٍ من جديد على وطنٍ مثخن الجسد و ليس فيه مساحات لجراحات جديدة فوق الذي أدماه فيه زمن الإنقاذ الطويل ذاتها.. وربنا يستر . [email protected]