:: ذات يوم من أيام زمان أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أرسل وفده إلى أحدهم ليأتوا به، ليعينه والياً بإحدى مدائن بلاد المسلمين..فدخلوا عليه بالشخص المطلوب، ووجدوه – أمير المؤمنين – يُقبل اولاده ويلاعبهم ..فتأمل الوالي المرتقب المشهد، وقال ربما مٌباهياً : ( لي عشرة أبناء ما قَبَّلت منهم أحداً).. لم يناقشه الفاروق عمر ولم يحاوره في هذه القضية الخاصة، بل إستلهم منها ما يخص الشأن العام، ثم رد عليه : ( ذلك أحرى ألا تكون رحيماً بالمسلمين)، أي عزله قبل أن يُعينه .. !! :: نعم، ليس من الإتزان النفسي ألا يكون هذا الوالد رحيماً بالأبناء لحد المباهاة بالقسوة أمام أمير المؤمنين.. وبالتأكيد لن يكون رحيماً بالرعية حين يتولى أمرها، ولذلك ليس من العدل والحكمة أن يكون والياً بأمر أمير المؤمنين ..وما هذه – الرحمة – إلا معيار من معايير الفاروق في إختيار المسؤولين، وما أكثر المعايير .. فالمسافة ما بين الإدارة الخاصة والإدارة العامة ( صفر)، والنجاح (في هذه) من النجاح (في تلك)، وكذلك الفشل والعجز .. أوهكذا كان معيار إختيار المسؤول في العمل العام في (عهد عمر )..!! :: ومع تلك الخاطرة، نقرأ خبر اليوم ..( قرأت في الصحف، ولم يُخبرني الناطق بذلك)، البروف إبراهيم غندور وزير الخارجية مُجيباً على الصحفيين عندما سألوه عن مغادرة إبنة الناطق الرسمي بالخارجية البلاد – بجواز سفرها الدبلوماسي – إلى تركيا للإلتحاق بتنظيم داعش ..غندور لم ينف الخبر، والناطق الرسمي ذات لم ينف هذا الخبر، بل أكده..ولكن بعد نشر التأكيد و ما به من تفاصيل، نفى التصريح بالتأكيد والتفاصيل، ولم يسهب في النفي بحيث ينفي حدث مغادرة إبنته البلاد – بجواز سفر دبلوماسي – بغير علمه وعلم السلطات المسؤولة عن إجراءات سفر حملة ( الجوازات الدبلوماسية)..!! :: فالموظف العام بالدولة – وناهيك بأن يكون من حملة الجواز الدبلوماسي – لا يغادر مطار الخرطوم ما لم يتم التحقق معه في بعض الإجراءات ذات الصلة بوحدته الحكومية .. فكيف تخرج فتاة تحمل جوازاً دبلوماسياً بدون علم وزارة الخارجية؟، فالسؤال لوزارة الخارجية و السلطات المسؤولة عن إجراءات سفر حملة الجوازات الدبلوماسية بمطار الخرطوم..أما جزئية سفرها بدون علم والدها، والناطق الرسمي باسم الخارجية، فهذا مربط ( فرس الزاوية)، وقد يعيدنا إلى مقدمة الزاوية ومعايير إختيار المسؤولين في ذاك (العهد النضر)..!! :: المهم.. بما أن الأخبار تُشير إلى نجاح الناطق الرسمي – وخارجيته – في اللحاق بهذه الإبنة وآخرين بتركيا قبل إلتحاقهم بتنظيم داعش، فالأكرم للناطق الرسمي أن يُسعد أهل السودان بإستقالته من هذا المنصب قبل أن يسعد هو بعودة إبنته.. نعم، بما حدث لإبنته (أحرى ألا يكون الناطق الرسمي حريصاً بالبلاد وحامياً لها)، أوهكذا يجب أن يكون معيار آداء المسؤول عن الناس والبلد، حسب ( نهج عمر).. فالإتزان النفسي للمسؤول، بحيث يكون هذا المسؤول مسؤولاً في الخاص و مسؤولا في العام ( مهم جداً)..إستقالتك أيها الناطق الرسمي أولاً، ثم حمد لله على سلامة إبنتك ..!! [email protected]